انعقدت في العاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» ورشة عمل عن المحكمة الجنائية الدولية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين بعنوان (الحوكمة القضائية واتجاهات العدالة) بقاعة الاجتماعات الكبرى في فندق (هارموني) بمشاركة فاعلة من عدد من مراكز البحوث والجامعات ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء برلمانيين في عدد من البرلمانات الأفريقية إلى جانب خبراء وقانونيين وإعلاميين من مختلف الدول الأفريقية. وتحدث بداية البروفيسور مالك إنديابي رئيس اللجنة العالمية والتنظيمية بمركز المستقبل وعلم المتغيرات بقسم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشيخ أنتي ديوب في داكار بالسنغال، والذي ينظم الورشة بالتعاون مع المركز الدولي للدراسات والبحوث الإستراتيجية والمستقبلية بداكار. وتحدث بروفيسور مالك عن وثيقة المفهوم، مشيراً إلى أن العالم اليوم يواجه موقفاً إقصائياً لأفريقيا التي من الواجب عليها أن تستعد للعب دور لم تتعود على القيام به من قبل. مشدداً على واجب الأفارقة في التعرف على مسؤولياتهم تجاه العالم، وقال إن اجتماع كل هذه الأطراف لم يجيء للبحث في مشاكل أفريقيا، بل لمناقشة الحلول والمقترحات المرتبطة بمشاكل أفريقيا والعالم وعلينا أن نتمسك بدور أفريقيا التاريخي في التطور الإنساني والسير بالبشرية نحو إنقاذ العالم. كما تحدث في الجلسة الأولى البروفيسور ألبير بورجيه مقدماً رؤيته كأستاذ للقوانين في الجامعات الفرنسية لتقييم نظام روما الأساسي، كما قدم الأستاذ ميشالو هانسكولي أستاذ القانون الدولي في جامعة بريتوريا بجنوب أفريقيا ورقة عن المحكمة الجنائية الدولية بين القانون والسياسة وقد ترأس الجلسة الدكتور إسماعيل الحاج موسى الخبير القانوني نائب رئيس مجلس الولايات في السودان. وكان الدكتور عبد الوهاب محمد الحسن قد قدم ورقة تناولت إمكانية تطبيق القانون الجنائي الدولي عن طريق المحكمة الجنائية على كل دول العالم دون تمييز، مشيراً إلى أن إدخال مجلس الأمن يعني أن السياسة ستتدخل دائماً. وانقسمت الورشة إلى عدة ورش متخصصة على أن تواصل أعمالها وترفع توصياتها إلى الإدارة القانونية لمفوضية الاتحاد الأفريقي التي تغيّب ممثلوها عن المشاركة في أعمال الورشة مما أثار تساؤلات عديدة بين المشاركين. وشارك فيها من السودان عدد من قيادات منظمات المجتمع المدني وممثلون للشباب والطلاب والمرأة واتحاد المحامين وخبراء قانونيون وإعلاميون وأعضاء في البرلمان، حيث جاءت الفكرة من واقع تأثير القارة الأفريقية الضعيف في العلاقات العالمية وفقاً للإحصائيات التي قدمتها منظمة الأممالمتحدة، بحيث لا يوجد لأفريقيا تأثير في اتخاذ القرارات على المستوى الدولي، لكنها تتأثر بالعواقب الضارة الناجمة عن الخيارات السيئة والاتجاهات التي لا تتحسب للنتائج في مجالات الجغرافية السياسية والمجالات العسكرية والاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، وقد أصبحت القارة سوقاً للترويج للثقافة الوافدة ولمفاهيم النظام العالمي الجديد. اجتماع «أديس أبابا» الأخير بشأن المحكمة الجنائية الدولية يجيء للتوعية بأهمية اتحاد كلمة أبناء القارة في مواجهة ما يعمل الآخرون على فرضه عليها، ويمكن أن يكون تحالفاً جديداً يقوم على ما جاء في الخرطوم من قبل تحت مسمى «مؤتمر أفريقيا بشأن المحكمة الجنائية الدولية» بين الشركاء الإستراتيجيين الذين تتسم العلاقات معهم منذ عهود الاستقلال بالشكوك وعدم الثقة، إن لم تتسم بالقمع والحرب، من الشمال إلى جنوب الصحراء ومن الغرب إلى الشرق. وقد جاءت ورشة العمل فرصة لمناقشة القضايا المطروحة في القارة، وتم خلالها تسليط الضوء على مسؤوليات الساسة والإدارات التنفيذية ورؤساء الدول والتحديات التي تواجه المثقفين ورجالات الصحافة والإعلام في ما يتعلق بالصراعات والتوترات التي تؤدي إلى تدخل الغرب السافر في الشأن الأفريقي.