لايحق للولاية الشمالية أن تتوقف عند محطة سد مروي وبالمشروعات المصاحبة لقيام هذا الإنجاز الكبير والمشروع التنموي الواعد . نعم لو لا سد مروى لما تم إنشاء مطار دولى فى مدينة مروى ولما اكتمل طريق شريان الشمال ليصل الى الحدود الشمالية للولاية مع مصر وللحدود الجنوبية مع ولاية نهر النيل . ولولا سد مروى لما تم إنشاء المعابر والجسور بالولاية وهذا شأن مشروعات التنمية الكبيرة أن تصاحبها المشروعات الإجتماعية والثقافية وأن يظفر المواطنون القريبون أو المتأثرون بهذه المشروعات بخدمات تعود عليهم بالنفع والاستقرار كما حدث عند قيام أعمال التنقيب عن النفط بمناطق جنوب السودان وبعض المناطق فى غربه إذ شيدت المدارس والمستشفيات والطرق والجسور وحتى الأندية الرياضية والثقافية والمخططون للتنمية المعاصرة يحرصون على مايسمى بالمسؤولية الاجتماعية أى مسئولية السلطات تجاه المجتمع فى مقابل الضرر الذى قد تلحقه المشروعات الكبيرة ذات العائد القومي على المواطنين الذين قد يتم ترحيلهم أو تنزع أراضيهم للصالح العام فى قيام هذه المشروعات . الولاية الشمالية فيها امكانات وموراد ظلت كما مهملاً ولايزال الكثير منها لم يتم استغلاله والاستفادة من خيراته قبل بضع سنين وفى مناسبة اجتماعية قدم لمعتمد مروى أحد المزارعين أنتج الفدان عنده خمسة وثلاثين جوالاً من القمح وهذا يعد من أعلى معدلات انتاج الفدان لحبوب القمح وبالوسائل التقليدية للزراعية التى لاتعرف ماهى الشفرات الجينية للقمح وكيفية فك هذه الشفرات لتعود بالانتاج الكبير ومثل هذا المزارع وغيره لايطلب الا رياً منتظماً من مياه النيل وتقاوى غير فاسدة والقليل من الأسمدة الفعالة . وهكذا الحال فى انتاج الفول المصري والبصل والتوابل والخضروات . والمزارع فى أرجاء الولاية الشمالية لايحصل كما يحصل المزارعون فى المشروعات الزراعية الكبيرة فى بقية أنحاء السودان على الإرشاد الزراعي الذى يعلمه مهارات ويكسبه خبرات وعلى محطات البحوث الزراعية التى تقدم له الحلول والبدائل لمعالجة بعض الأمراض التى أصابت على سبيل المثال إنتاج الطماطم الذى كان انتاجه خلال عقود الستينيات والسبعينيات الماضية انتاجاً عالياً وفر مئات الأطنان لتشغيل مصنع تعليب الفاكهة والخضر بكريمة الذى كان ينتج معجون الصلصة وبجودة عاليه للاستهلاك المحلى والتصدير واليوم يستهلك أهل الشمالية الطماطم المنتج فى وسط السودان لفشل البحوث الزراعية فى إعادة إنتاج الطماطم ونوعيته المميزة التى عرفتها أرض الشمالية خلال منتصف القرن الماضي . أما انتاج التمور فلم يتضاءل الانتاج فقط وإنما تضاءلت الثمار بسبب أمراض لم تشخص بعد من المعامل المتخصصة فى أبحاث التمور وكذا الحال لجودة الانتاج فى معظم المنتجات البستانية . الخصوصية التى تتميز بها الأراضي الزراعية فى الولاية الشمالية خاصة أراضي الجزر والوديان تتطلب القليل من الجهد العلمى فى تشخيص الأسباب المرضية التى تصيب بعض المحاصيل المهمة والتى توقف المزارعون عن زراعتها لعقود كما أشرنا أنفاً كما يجب إكساب المزارعين مهارات جديدة وتشجيعهم على إنتاج منتجات متنوعة وأنواع ذات عائد كبير حتى لايستكين المزارع بزراعة بضع شجيرات نخيل ومساحات صغيرة لانتاج البرسيم وبعض الخضروات التى يحملها للأسواق الأسبوعية لتسويقها ولايطمح لاكثر من ذلك فى أن ينتج فقط بامكاناته المالية المتواضعة ومهاراته المتوارثة الضعيفة . والولاية الشمالية استعصت عليها الصناعة فلم نسمع بعد مصنع تبخير التمر ومصنع تعليب الفاكهة والخضر بكريمة اللذان أنشأهما الروس فى نهاية الخمسينيات الماضية أى مصنع له صيت من أمرى وحتى أرقين والموارد الطبيعية فى الولاية تؤهلها لصناعة الأسمنت والسيراميك والصناعات الفخارية التى يعرف أن أفضل المواد الخام لصناعتها تحتويها بطون مناطق الولاية وكذلك الصناعات التحويلية للمواد الغذائية والصناعات الشعبية والحرفية من منتجات أشجار النخيل والدوم وغيرها من الصناعات التى يمكن أن تستخدم المواد الخام شبه المصنعة والميزات الاستثمارية التى تمنحها سلطات الولاية لتشجيع المستثمرين من المواطنين ومن الأجانب. وأما السياحة فالامكانات الطبيعية التى تذخر بها هذه الولاية والتى تعززها المواقع الأثرية على طول مدن وقرى الولاية يمكن أن تشكل عنصر جذب لآلآف السائحين خاصة خلال الشهور الستة من اكتوبر وحتى أبريل ذات المناخ المعتدل والمميز . سد مروى وفر بنيات مساعدة للنهوض بهذه الولاية وتنميتها ووفر طاقة كهربائية أولى الولايات بها الولاية الشمالية التى يجب أن تستنفد حصتها من كهرباء السد فى إعمار حقيقي يشجع أهلها للعودة ليواصلوا التغنى الحقيقي للبلد والتراب