- استضافت قناة الجزيرة ذات مرة بعض المهاجرين السودانيين إلى ماليزيا قال أحدهم وهو رجل أعمال على ما أعتقد.. قال: هاجرت من السودان قبل 14 سنة وتاني ما راجع أصلو!.. فيما بدا عقوقاً نحو الوطن.. ولا أعتقد أن مواطناً مصرياً على سبيل المثال.. يمكن أن يتحدث على وطنه بهذا الجفاء.. - نحن في حاجة كبيرة إلى جرعات من التربية الوطنية في المجالات كافة.. نحن لا نحترم الرموز الوطنية بالقدر الكافي.. العلم مثلاً لا نحتفي به حتى في مناسبات الاستقلال.. النشيد الوطني نتلوه باستهتار وما زال بعض الطلاب وبعض العامة يقولون: نشتري (النجدة( بأغلى ثمن.. والفرق كبير جداً بين كلمتي (المجد( و(النجدة) العملة (حقتنا( نستخف بها كثيراً نكتب فيها.. ونشخبط.. ونطويها بإهمال.. ونكرفسها.. ونقطعها ثم نلزقها بأشياء غريبة.. صماغ لونه بني.. أو (شريط كهرباء أسود(.. يستلمها البائع من الزبون وكفه ملطخة بالزيت أو الفحم فيحيلها إلى ورقة كريهة شوهاء.. - وقبل أيام أشتجر معي (الكمساري( لأنني رفضت استلام الباقي من فئة الجنيه لأن شكلها كان قبيحاً.. فقال لي: أنا ما شلتها من زول قبلك.. قلت له: أنا لا أقبلها لأنها أقل قيمة من الجنيه.. قال لي: كيف؟.. قلت له لأنني سأحاول التخلص منها بشراء أي شيء.. إذن أبددها.. لا أدري إن فهم أم لم يفهم!.. - لكن.. بالله عليكم.. هل رأيتم ورقة من فئة الدولار مكرفسة أو مشخبتة أو ملزوقة.. لماذا نحترم الدولار أكثر من عملتنا؟ - والتربية الوطنية تؤهل الإنسان لمواجهة كل ذلك يحترم الوطن.. علمه.. نشيده.. عملته.. شعاره.. بل خير دليل على نقص الوطنية ما يحدث فى كرة القدم.. حيث أصبح فريقنا القومي مثل اليتيم في مائدة اللئام.. لا أحد ينتمي إليه.. بما انتقل من المشجعين إلى اللاعبين.. الذين باتوا لا يحرصون على اللعب مع الفريق القومي.. بل يتهرب بعض كبار اللاعبين من أداء ضريبته.. على عكس مصر.. حيث يبكي اللاعب حتى لو كان محترفاً في الفرق العالمية الكبرى إن تخطوه في المنتخب الوطني.. - إن هوان الوطن على الناس كارثة كبرى.. خاصة إن أصبح بعض السودانيين المهاجرين يسيئون إلى الوطن بأفعالهم.. بل تعدى ذلك إلى الإساءة إلى الوطن وتقليل شأنه في القنوات الفضائية.. - لذلك استشرى الفساد والاعتداء على المال العام واختلاسه.. بل وينظر البعض إلى الذي يسرق مال التنمية بصفته شاطراً وفهلوياً (ومقَرّم وفالح(.. - زد على ذلك أن البعض يلقب (الوطن بالحفرة(.. وإذا قبلنا بهذا من العامة فأمر الساسة عجب.. فأصبحت سمعتهم الأساسية الاستقواء بالأجنبي لتحقيق مصالح ذاتية أو حزبية ضيقة.. - وعندما كتبت ذات مرة محتجاً على دراما تسخر من السودانيين وقياداتهم في قناة (فنون( الخليجية.. اتصل بي بعض المغتربين في دول الخليج وقالوا إن السوداني أصبح يقدم نموذجاً سالباً حتى في طريقة (اللبس( حيث يمكن أن يتجول المغترب السوداني طبيباً كان أو محاسباً (بشبشب( السفنجة وذلك في الأماكن العامة.. ومن لا يحترم نفسه لا يحترمه الناس.. - الكارثة الكبرى النفور من تراثنا.. ومن أغانينا.. وموسيقانا.. وأصبح عادياً استخدام الأغاني والموسيقى الأجنبية في مناسباتنا الكبيرة الزواج والتخرج.. والإعجاب الشائه بفنانين وفنانات أجانب وعرب هم آية في الإسفاف والخلق السيء والغناء المبتذل.. - والآن نحن نحتفى بالعيد رقم (57) لاستقلالنا.. فلنتأمل كم إنجازاتنا.. دستورنا.. استقرار نظام الحكم.. الديموقراطية هل هي عندنا لعبة كراسي أم سلوك يبدأ من البيت.. هل نحن أسر وعائلات ديموقراطية.. هل نحن نتعامل بديموقراطية.. كيف يكتمل الاستقلال فيكون حقيقياً!