الحلقة المميزة لبرنامج «الشروق مرت من هنا» التي بثت أمس الأول بقناة الشروق الفضائية بمناسبة الذكرى 57 للاستقلال، كشفت أن جيلاً كاملاً لا يعرف نشيد العلم ولم يحفظ منه غير مقطع أو مقطعين، ومن خلال السؤال الذي طرحه مقدم البرنامج الأستاذ المبدع محمد موسى على مجموعة من طلاب الجامعات، لم يجد من يحفظ نشيد العلم الوطني غير طالب واحد من ضاحية شمبات بالخرطوم بحري، فبعض من الشباب أخطأوا بينما البعض الآخر أكدوا أنهم لا يعرفون النشيد الوطني، فمعظم الشباب أصبحوا غير حريصين على معرفة تاريخ السودان الحديث وسيرة العظماء من أبناء هذا البلد الذين قدموا أرواحهم قبل الغالي والنفيس من أجل تراب السودان. ربما نعزي الأمر إلى أن العولمة ووسائل الاتصالات والتواصل الالكتروني قد شغلت الشباب عن قضايا الوطن والاهتمام به، وهذا ما أكده برنامج الشروق مرت من هنا في نفس الحلقة عندما طرح سؤالاً عن أول ألوان العلم السوداني الذي رفع في الاستقلال، فكانت الإجابة للمجموعة التي طرح عليها السؤال أنها لا تعلم عنه الكثير، وقد يجد المشاهد لهم العذر لأن هنالك علماً مرفوعاً ومن الحرص أن تعرف ألوانه، بالإضافة إلى أن العلم السابق لا يشاهد إلا في المتاحف ويوم ذكرى الاستقلال ولكن المفاجيء أن يكون جيل كامل لا يعرف نشيد العلم خاصة بعد أن تم تحريفه من قبل طلاب مرحلة الأساس الذين حرفوا الكلمات لتصبح «نشتري النجدة بأغلى ثمن»، بدلاً من «نشتري المجد»، و«نفتح العلبة ونسف اللبن» بدلاً عن «يحمل العبء ويحمي أرضكم»، و«يا بني السودان هذا كلبكم يحمل العظمة ويجري خلفكم»، بدلاً عن «يا بني السودان هذا رمزكم يحمل العبء ويحمي أرضكم»، واعتبر الأستاذ حيد محمد علي المعلم بمدرسة تاج الحافظين ببحري أن المعلم لم يعد مهتماً بالأشياء الوطنية لكثرة المقرر وعدم وجود منهج للتربية الوطنية، وأكد أن في الماضي كانت هناك الجمعيات الأدبية والندوات الوطنية، مشيراً إلى أنها فقدت بسبب ضائقة المعيشة التي جعلت المعلم يهتم بمعيشته والبحث عن الرزق في الأمسيات التي كانت مقررة لهذه الفعاليات، وأوضح أن الآباء كان لهم دور في التنشئة الوطنية، وقال الآن لا دور لهم لأنهم لا يلتقون بأبنائهم إلا للحظات خلال اليوم، ونوه إلى أن للإعلام دوراً في نشر التربية الوطنية، مشيراً إلى أنه لا يهتم بالأطفال وغرس القيم الوطنية فيهم، وأكد أن جميع المدارس ما زالت تردد نشيد العلم في الطابور لكن دون اهتمام، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من الطلاب لا يحضرون الطابور بسبب المواصلات. وفي ذات السياق قالت الطبيبة ولاء محمود إنها لم تحفظ النشيد لأن الطلاب كانوا يحرفون الكلمات، مؤكدة أن المعلمين لم يهتموا بتعليمهم إياه بالشكل الصحيح، لأنهم غالباً ما يكونوا منشغلين بسلام بعضهم البعض والحديث أثناء الطابور. ومن جانبه أبان الباحث التربوي عيسى محمد أن نشيد العلم يعتبر رمزاً من رموز السيادة الوطنية والأشياء القومية التي يجب أن لا يتغافل عنها المواطنون، وقال يجب أن تكون راسخة في التربية الوطنية، وأضاف لأن نشيد العلم هو المعبر للوطن والجامع له، ونوه إلى أن عدم حفظ النشيد مؤشر خطير على ضعف التربية الوطنية وقيمة الإحساس بالوطن، وقال هنا لابد من إرسال رسالة للقائمين على أمر التربية والتعليم بالاهتمام لهذا الأمر، ولفت عيسى أن العلم نفسه لا يجد الاهتمام في كثير من الأحيان خاصة في المؤسسات العامة، مشيراً إلى أنه يوضع في مكان غير لائق رغم أن هنالك قانوناً في الدستور ينص بشأنه، وحذر من ظاهرة الأعلام الحزبية التي صارت تتقدم على علم السودان.