وقعت الجبهة الثورية وبعض أحزاب قوي الإجماع الوطني اتفاقاً أطلقوا عليه «الفجر الجديد» و هو مسعاهم لإسقاط النظام القائم ، وهو ليس بجديد على الساحة السودانية وتاريخ الإنقاذ وصراعها مع المعارضة بكل تشكيلاتها السلمية والحربية ، وفي بدايات الإنقاذ كانت جبهة المعارضة تحت مسمى (التجمع الوطني الديمقراطي) الذي وقع المنتمون إليه اتفاق اسمرا للقضايا المصيرية الذي لا يختلف عن اتفاق الفجر الجديد في العموميات،وبعد اتفاقية السلام وبروز الحركات المسلحة في إقليم دار فور تم إضافة منظومات إلي الخارطة السياسية السودانية تنطلق من أبعاد جهوية وقبلية بعد التشقق والانقسام الذي أصابها والذي حاولت فيه إعادة توحيد مجهودات تلك الحركات المسلحة لمقاومة النظام ، فكان ميلاد «جبهة الخلاص » وسرعان ما شهدت خلافات بين مكوناتها المتناقضة وانفض سامر الحركات إلي القتال منفرداً لتحقيق نصر في الميدان أو رفاهية في فنادق العالم ، وقبل الخطوة الأخيرة«الفجرالجديد»، كانت محطة «تحالف كاودة» أو ما يسمى (بالجبهة الثورية) تحالف البندقية التي توافقوا فيها على أنها وسيلتهم للوصول للحكم !! وفشلت الجبهة الثورية ، ولمعالجة الفشل هذا قامت المعارضة المسلحة والسلمية بعد كابوس الليل الطويل تخيلوا ديك فجرهم الجديد يصيح على مشارف الخرطوم ، ليحيل مؤسساتها الدينية ومآذنها إلي مبانيٍ دون معاني ، ويريدون أن تكون الخرطوم أندلساً جديدًا.. المقدمة التاريخية هي مسيرة وسيرة صراع المعارضة والنظام، الذي تفننت فيه قيادة المعارضة السلمية والمسلحة لخلق قوة معنوية لأنصارهم بالاتفاقيات المتعددة والمنقرضة ، وفي المقارنة بين تجربة التجمع الوطني نجد أنه تحالف فيه الحركة الشعبية كقوة مسلحة وحيدة تم تحريكها في الجبهات الشرقية والجنوبية ودارفور في فترة تمرد بولاد للضغط على النظام ، وضعف التجمع حينما لاحت في الأفق اتفاقية السلام ، حيث باعت الحركة الشعبية رفقاء النضال لتعيش مع النظام وتشاركه الحكم ، وخانت الحركة الشعبية المعارضة مرتين حينما وقعت اتفاقية من دونهم ، والثانية بالرحيل عن وطن التعدد والعلمانية المشتهى علي موائد أسمرا 1995م . إن اتفاق الفجر الجديد هو نسخة مكررة من تجربة التجمع والمختلف فيه هو أن الحركات هنا متعددة مابين حركات دارفور التي تحسبهم على قلب رجل واحد بل هم أشتات، وكذلك الحركة الشعبية بقيادة عقار هي الأخرى إمتداد للجنوب ، هذا المختلف والمتعدد الحامل للبندقية واحد من عوامل فشل الاتفاق، وجعل البندقية ترتد عليهم بطلقة النهاية . أشك أن أحزاباً مثل المؤتمر الشعبي والأمة والبعث العربي أنها موقعة علي وثيقة «الليل البهيم»اليوغندية كمؤسسات حزبية لأن توجهاتها الفكرية، وتاريخها السياسي يتعارض مع الوثيقة ، وربما يقود هذا التناقض مابين الفكرة والواقع الذي أفرزته الوثيقة إلي هزة زلزالية في المسرح السياسي تهز أحزاب وحركات الليل البهيم ،لان ما كتبوه بأيديهم سوف يرتد عليهم خاصةً الأحزاب السياسية فلن تقبل حركات الدماء المسلحة أن يقودها حزبي لا يختلف عن عقلية الحاكمين . الناظر الي الحركات المسلحة سواء الدار فورية أو الحركة الشعبية قطاع الشمال لا يجد إلا الخلاف والدماء والثأر بين تلك المكونات ، فإن مابين مني مناوي وعبد الواحد ثأر«مؤتمر حسكنيتة» وما أفرزه ، وكذلك الحال مع العدل والمساواة التي تتخندق بأولي القربى في دوائر اتخاذ القرار السياسي ،أما قطاع الشمال فهو يخطط بعقليته إلي تصفية شركائه في النضال علي الطريقة الليبية لتصفوا له الساحة ليقتسم الحكم مع النظام القائم الآن ، وليس بغريب على قطاع الشمال لقد فعلها إخوة لهم من قبل سرقوا أحلام النضال في التجمع الوطني وهرولوا بها نحو ميشاكوس نيفاشا وتقاسم النظام والحركة الشعبية السلطة والثروة ، ومنحت الشريكين أحزاب المعارضة 14% . حافر وصهيل إن الوثيقة اليوغندية تؤسس لواقع قديم ولكنه ضبابي،لأن العلمانية والعرق والجهة بنود واضحة المعالم في الوثيقة تؤكد من خلال مقالات المناصرين للوثيقة إذ يتخوفون من رد فعل المستعربين والاسلاميين والمستعليين أو كما يرون، فان لم تكن العرقيات و الجهويات دعائم هذه الوثيقة فعلام الخوف؟ إن الإستعلاء والاستعراب نقطة صراع المثقف ونخبة السودان قديماً لا بد أن نتجاوزها فنحن أمة السودان لا نعرف وطناً غير السودان، ولا ثقافة غير السودانية ، ولا تعرف ثقافتنا إن الدين به مؤسسات لكي تفصل عن المؤسسات الأخرى ، فالدِّين عندنا في كل شيء وهو ليس إدعاء أولياء هذا النظام بل هي الحقيقة في ثقافتنا السودانية فهو موجود الشارع والنادي والأعراس والختان والجزارة والكورة حينما يركع اللاعب منتصراً ، وحينما يعاشر الرجل أهل بيته ، وفي السوق اللعين تجد الدين حاضراً فماذا تريدون أن تفصلوا ؟ الدِّين عن المجتمع الموقعون على الوثيقة يتحدثون عن هدفها السامي بهيكلة الدولة السودانية ، وإنها(كباب النجار) فكيف لأحزاب مثل الشيوعي و قطاع الشمال والحركات الدار فورية التي تفتقر هي إلي الهيكلة الحزبية أن تهيكل دولة بها التنوع والتعدد وتاريخ طويل لا ينحصر في الجهويات الضيقة ، وهنا لابد لنا أن نتساءل عن دواعي وجود ما يفوق 30 فصيلاً مسلحاً من أجل النضال الدار فوري !أليس هي علل الهيكلة في القضية ؟ وهل الأحزاب المعارضة كلها بها هيكلة ؟ بالطبع لا فكل يحتاج إلي هيكلة تنطلق من أحزابنا وبعد سنين عددًا يمكن لنا أن نتحدث عن الهيكلة ، وعلى الحركات أن تهيكل قضية دارفور في حركة واحدة تمثل دارفور وليس كما هو قائم ،العدل والمساواة مملكة الزغاوة وهيئة قيادتها منهم أو تحرير مناوي التي أيضاً تتحكم في مفاصلها القبيلة ذاتها ،أما عبد الواحد فهو الآخر تتحكم قبيلة الفور في هيكلة حركته، وهنالك شواهد كثيرة على الإقصاء في هيكلة الداعين لهيكلة الدولة من صراعات دموية وصلت إلي حدّ القتال . أخيرًا علي النظام أن يقوم بالتواصل مع المكونات السياسية الساعية للسلام والحوار بدون تعالي وتمترس خلف الشرعية الانتخابية، فالوطن يمر بمنعطفات العرقيات الجهويات المريضة ( قدموا للوطن تنازلاً من أجل السلام والسلام على وطني وشعبي الكريم معلم الساسة فضيلة الصبر الجميل في أزمنة المحن والإحن.