العافية في السودان إسم انثى ، وهو فيما يبدو منتشر في أواسط السودان وأحلق شنبي لو تجد إمرأة تدعى العافية في أقاصي الشمال ، يعني ببساطة يمكن أن تجد هذا الإسم في اللعوته ، فداسي ، المسيد ، سنار ، وربما في الأبيض غرد حبابا أو كادقلي ، أما العافية المغربية فحكايتها حكاية فهي تختلف تماما عن العافية السودانية ، لأنها تعني النار يا روحي عدييييل كده ، وفي المغرب لا يمكن أن تدعو لأحد أن يمنحه الله العافية لأنه ربما يمطرك بعيون حمرا وشرارة أو ربما يلوي بوزه ويبتعد عنك ، عفوا يا جماعة الخير العافية المغربية أو السودانية ليس موضوعنا اليوم وإنما الحكاية تتعلق بمقولة « العافية وقلة المرجلة « والتي طقشت طبلة أذني في سوق مزدحم بالبشر في مدينة عدن ، كان في الجو غيم ، والوجوه الصباحية ، تبتسم لنسمة قادمة من عمق البحر ، كانت رائحة البهار والشاي العدني والفطائر المحشوة بالبيض تفرد أجنحتها في المدى ، كنا شلة من الأصدقاء الراكضين خلف الفانتازيا ، إعلاميون يبحثون عن المشاهد الغريبة والإستماع إلى النبض العفوي للشارع ، وفجأة خرجت من زقاق متشعب ومتخم برائحة الرطوبة والملح إمرأة في العقد السادس من عمرها ، كانت ترتدي زيا أشبه بملابس نساء شرقي أفريقيا ، لم يستنفر مشهد المرأة المسنة أحدا من الأصدقاء ، كل واحد منّا كان غارقا في تأملاته ، غير أن المرأة كانت تبرطم وتتحدث بلغة يصعب على الإنسان التقاط معانيها لأنها موغلة في المحلية ، إقترب منها أحد الأصدقاء ودس في يدها بضعة دراهم ، في تلك اللحظة سطعت إبتسامة منكسرة من ملامح وجه يختزن أحزان الحياة ، وجه ما زال يصارع تصاريف الزمن ، سألها صاحبنا الحشري عن حالها وأحوالها فبرطمت وأطلقت ضحكت تمددت في الأزقة الضيقة وتلاشت في الريح الموسمية التي كانت تضرب المدينة ، واطلقت المرأة عبارة مازلت راسخة في دماغي الخربان « الحمد لله على العافية وقلة المرجلة « ... واااااااو .. يا لها من مقولة تصلح لهذا الزمن البغيض ، مقولة ما زال صداها مثل إعصار يتلوي في جنبات النفس ، إختصرت المرأة الزمن البائس في عبارة واحدة الحمد لله على العافية وقلة المرجلة ، صحيح نعمة العافية ، لاتدانيها نعمة في الحياة كل شيء يتهاوى أمامها ، الجاه ، السلطان ، المال ، والشهرة وطموحات الحياة ، في السودان يا جماعة الخير ، نعيش طوآآآآآلي في سيناريو قلة العافية وقلة المرجلة في آن واحد ، فالوطن يفتقد عافيته في الكثير من مجريات الحياة ، الإقتصاد مريض ، الحراك السياسي يعيش في حالة من البهدلة وهو غير نافع على الإطلاق ، أما قلة المرجلة فبحمد الله وجلت قدرته أصبحت سمة بارزة في الوطن ، أنظروا في كراسة يومياتكم ستجدون أن المرجلة أصبحت شيح في ريح ، زمن أغبر .