لسنا وحدنا في السودان الذين نعاني من داء الحسد، فهو موجود في الناس مُذ خُلقوا، ونحسب أن أشد نيران الحسد ضراوة هي التي تتقد داخل صدور أبناء (الكار) الواحد، أي الذين يعملون في مجال واحد، سواء كان خدمياً أو إنتاجياً أو زراعياً أو صناعياً أو مهنياً بحتاً، أو حتى في الوظيفة الحكومية أو العمل العام. ويشكل أولئك الذين إتقدت في صدورهم نيران الحسد يشكلون ما يمكن أن نطلق عليه- تجاوزاً- حزب الفشل، وهو تعبير يبدو لنا أدق من تعبير آخر هو «حزب أعداء النجاح». الآن تدور حرب معلنة وواضحة، ميدانها الإعلام وصفحات الصحف، وتستهدف تشكيل رأي عام سالب ضد أحد رموزنا التي كان علينا أن نفخر بها لا أن نتقاذفها بالألسن والأقلام، ونحصبها بحجارة الغيظ والحقد، والغل، وسوء القصد. نعم.. حرب واضحة تجرى نهاراً جهاراً تحت ضوء الشمس، وليلاً تحت الأضواء الكاشفة، تجّمع فيها كل خصوم النجاح وأعدائه، من الذين في قلوبهم مرض، ليقفوا في مواجهة الدكتور كمال أبو سن، استشاري جراحة ونقل وزراعة الأعضاء العالمي، ويحاولون أن يلطخوا سمعته، وأن يشوهوا صورته، وأن يغتالوا شخصيته ب(دم بارد). اتخذ خصوم الدكتور كمال أبو سن، قضية المرحومة الحاجة الزينة، التي توفيت بعد نحو شهر ونصف- تقريباً- من إجراء عملية نقل وزراعة كلية لها، في مستشفى الزيتونة بالخرطوم، اتخذوا تلك القضية، مدخلاً لتصفية الحسابات (القديمة) و(اللاحقة)، وأبرزوا خطاب إيقاف للدكتور أبو سن صادر من المجلس الطبي قبل شهور عديدة، وقد كان لديّ- شخصياً- علم بقرار المجلس الطبي، لكنني لم أطلع على القرار أو صورة منه، ولم أطلع على حيثيات الإيقاف، وهو ما دفعني للتحفظ على نشر الخبر عندما علمت به، خاصة وأن الدكتور كمال أبو سن لم يكن- وقتها- موجوداً بالسودان لأعرف منه واستفسر عن الأسباب والدوافع التي استند عليها المجلس الطبي لإصدار القرار. سال مداد كثير، وسوّدت الصحف بمقالات عديدة عن قضية المريضة الحاجة الزينة- رحمها الله رحمة واسعة- لكن لم يكن كل الذي كُتب لوجه الله فقط، بل أدخل أصحاب الثأرات القديمة أقلامهم في دواة الحرب، وجاء من كان له خصومة مع البروفيسور مأمون حميدة- سواء كانت حقيقية أو مفتعلة- ليدخل إلى ميدان الحرب، ويهاجم «الزيتونة» وصاحبها، واختلط حابل الغرض بنابل المرض، وأوشكت الحقائق أن تضيع تحت أقدام المتحاربين، ولم يرَ من هم خارج الحلبة إلا الغبار و(العُفار) دون أن يروا ما وراءه جيداً. لا أدافع عن الدكتور كمال أبو سن- رغم أنه يستحق الدفاع عنه- وذلك لأنه أقدر منا جميعاً على أن يدافع عن نفسه، لكنني أكتب من منطلق المعرفة التي أحسب أنها لصيقة بالدكتور كمال أبو سن، وهو صديق عرفته منذ سنوات عند بداية توطين نقل وزراعة الكلى في السودان، وتوطدت علاقتي به أكثر من خلال الأخ والصديق الكريم الدكتور خليفة العوض الحسن، عندما كان مديراً للمركز القومي لجراحة وزراعة الكلى، وكنت وقتها من الناشطين في مجال توطين عمليات زراعة الكلى بالسودان، وكان عملنا- وما زال- طوعياً لا نبتغي من أحد جزاء ولا شكوراً، وإنما هو لوجه الله تعالى. في تلك السنوات كانت مراكز غسيل الكلى قليلة جداً، وماكينات الغسيل في إنحسار وتآكل مستمر، فجاء الدكتور كمال أبو سن في معية رجل البر والخير والإحسان، ابن السودان البار الشيخ الدكتور إبراهيم الطيب الريح- متعه الله بالصحة والعافية- وبدأ العمل في مد المراكز بماكينات الغسيل، ثم بدأت عمليات النقل والزراعة، وقد أجرى أبو سن وقتها أكثر من مائة عملية خلال أشهر معدودات في عدد من المستشفيات مثل «ابن سينا» و«أحمد قاسم» و«مدني»، و صوب الإعلاميون أنظارهم نحو هذا الوافد الخيّر الجديد، الذي أجرى عدداً كبيراً من العمليات دون مقابل، وصوب كثيرون من أعداء النجاح أنظارهم نحوه.. وبقية القصة معروفة... أقول دائماً إنه ليس المطلوب من الطبيب أن يطيل عمر المريض، عليه فقط أن يخفف آلامه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.