قدم الأستاذ حالي يحي تقريراً ضافياً الجمعة الفائتة في صفحة تقارير بصحيفة «آخر لحظة» متكئاً على سمنار نظمته ركائز المعرفة للدراسات والبحوث.. والتقرير تحدث في أمر من المسكوت عنه.. والدليل على هذا السكوت، إن عدداً من الباحثين تحدث عن الحياء في مثل هذا الأمر.. وعن ضرورة إخراج الرؤوس من الرمال إلى آخر هذه العبارات.. لعلكم عرفتم إن الموضوع هو الشذوذ الجنسي.. وذلك بعد حادثة فنان الصافية.. مقروناً بحادثة المعلم الذي «ما عندو قشة مرة»، ذهب الباحثون إلى مناحٍ شتى في طرق الموضوع.. ورموا باللائمة على ضعف الرقابة على الأبناء من الأسرة والمجتمع.. كما أشاروا إلى الأبعاد الاجتماعية مثل العطالة والتبطل، ونظروا إلى الأبعاد الاقتصادية وكان الفقر واحداً من الأسباب.. البعض تحدث عن الوازع الديني.. والبعض ذهب إلى الدول التي تشجع الشذوذ، وكان على قائمة الدول اسرائيل والدول الغربية.. وبالمناسبة اسرائيل لا تشجعه، فاليهوديه ترفضه تماماً.. وفي ظني السبب الأول إننا نخاف كثيراً من الحديث عن الجنس.. ومعروف إن غرائز الإنسان الأساسية تتمثل في الأمومة ومعها الأبوة.. ثم العطش حاجة الإنسان إلى الماء، والجوع حاجة الإنسان إلى الطعام، ثم الجنس حاجة الإنسان إلى التكاثر والإشباع.. أتحدى الآباء والأمهات إن كانوا يبِّصرون الأبناء بأمر الجنس.. الأبناء لا يفهمون أمور الجنس إلا من الأصدقاء.. أذكر لكم حادثة.. عندما كنت أمارس مهنة التدريس في بعض المدارس.. وكنت آنذاك مدرساً للغة العربية في مرحلة الثانوي العام.. التي الغيت.. وكان موضوع حصة الإنشاء الشفهي تسمى الآن حصة التعبير الشفهي عن الاغتراب الذي كان ظاهرة حديثة آنذاك.. المهم تحدثت طالبة عن مغترب تزوج في الغربة ولم يحضر إلى السودان مطلقاً، في حين أنجب أبناء وبنات.. استفسرتها ألم يحضر؟.. قالت ولم ير حتى زوجته.. ورغم ذلك أنجب.. ضحكت الطالبات من سذاجة الطالبة، وقلت لها لابد أن يعاشر الزوج الزوجة حتى تنجب.. فأصرت على فكرتها حتى طلبت من زميلاتها أن يشرحن لها في الفسحة حقيقة الأمر.. الكارثة إن والد الطالبة يعمل في مجال طب الأسنان.. ووالدتها في مجال التمريض.. كما أنني أتابع أبواب القراء في المجلات المتخصصة مثل «طبيبك» فأقرأ في باب الأمراض التناسلية أسئلة عجيبة.. وغياب تام للمعرفة الجنسية، وغير ذلك من أمور تعني الجهل بأمور الجنس جهلاً يتيح للصغار أن ينساقوا بسهولة إلى ممارسة الشذوذ الذي لا يفهمونه، وبعض المراهقات اللائي يغرر بهن ويحبلن يتضح جهلهم التام بأمر الجنس والحمل، حيث المحترفات أو اللائي يتمتعن بوعي جنسي يدرأن ذلك بالعوازل الطبية على أشكالها.. المجتمع ينأى عن الخوض في أمر الجنس.. بل يتضمن طوام مقدسة.. ألا ترى إنه يعتبر سباً إن ذكر أحدهم للآخر .. وقد يؤدي ذلك إلى ارتكاب جريمة قتل.. إننا نهمل كلياً أمور الجنس وينبغي أن تدرس، ألا ترى إننا نتحدث عن مسكننا ومشربنا ومأكلنا ولا نتحدث عن الجنس بأي طريقة من الطرق.. أعتقد أن هذا هو الأهم «الوعي الجنسي» والموضوع طويل ومسكوت عنه.. ولقد أُرهقت في كتابته حتى أتحاشى عبارات بعينها وحتى لا أُوصف بقلة الأدب..