كان من المفترض أن تقلع الطائرة التابعة لليونميد والتي تقل رئيس السلطة الإقليمية لدارفور والمسؤولين بها وعدد من الوزراء والصحفيين في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد الماضي من مطار الخرطوم متجهة الي مطار نيالا، ولكن جاء خبراً بأن الأوضاع الأمنية غير مطمئنة، وطلبت جهات أمنية من دكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور تأجيل الرحلة الى فجر يوم الاثنين، غير أن السيسي رفض ذلك بشدة وقال (ما يصيب مواطنينا يجب أن يصيبنا، لن أترك أهلي الذين جاءوا للمؤتمر يواجهون مصيرهم بل سأواجهه معهم).. حينها لم يكن الوفد الإعلامي يدرك أن التأجيل جاء نسبة للأوضاع الأمنية- رغم علمهم بما شهدته الولاية في الأيام السابقة من تفلتات أمنية- غير أنهم اعتبروه تأخيراً من اليونميد التي دائماً ما تؤجل وتتأخر عن مواعيد رحلاتها وتتشدد في إجراءاتها، وبحمد الله أقلعت الطائرة في الثالثة والربع مساء وعند الوصول الى مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور، تفاجأ الجميع باختطاف النازحين القادمين من معسكرات محليات(وادي صالح - مندسي- متجر) بولاية وسط دارفور.. إضافة الى عدد من قوات اليونميد، كما شهد سوق نيالا في أول يوم لانعقاد المؤتمر عمليات نهب للمواطنين تم احتواؤها.. هذه الأحداث قادت للتكهن بأن المؤتمر قد لا يقوم في موعده، ولكن والي جنوب دارفور حماد اسماعيل أكد أن ولايته تحسبت لذلك ووضعت خطة أمنية محكمة لتأمين المؤتمر، على رأسها فريق من كل الأجهزة الأمنية المختصة، وفي مساء أول جلسات المؤتمر سمعت أصوات الرصاص بالقرب من مكان انعقاد المؤتمر، وقال مصدر حكومي إن هذه الأصوات احتفال بوصول الوفود والطوف التجاري للمدينة إلا أن مصادر أخرى قالت أن هذه الأصوات محاولات من الحركات المسلحة لإفشال المؤتمر. ترغيب وترهيب بمشاركة 800 من النازحين واللاجئين انطلق صباح الاثنين بقاعة نيالا بفندق كورال مؤتمر العودة الطوعية وإعادة التوطين لقضايا النزوح واللجوء، تحت شعار (عودة آمنة ومستقرة)، برعاية نائب رئيس الجمهورية د. الحاج آدم الذي قال: من ظن أن قضية دارفور صراع بين طرفين، ولابد أن يُقصى طرف لكي يتحقق السلام، فهو واهم ومخدوع . وأكد أن التمرد هو وراء الاختلال، مبيناً رفض الدولة للتمرد والسلوك الذي تمارسه تلك الحركات، وقال: نحن لن نتعامل مع التمرد مثلما تعامل اليونميد معهم عندما اختطفوا النازحين أمس الأول، ولكن إذا رفع أحد أصبعه يقطع طوالي، وهذا هو تعاملنا وسياستنا كدولة، ومن أراد أن نغير سياستنا فلن نغيرها أبداً.. ودعا المواطنين لتحديد مواقفهم قائلاً: لا نريد لوناً رمادياً، يا (أبيض أو أسود).. مشيراً الى أن التمرد يجد من البعض الدعم والمجاملة.. وقال لذلك التمرد (معشعش).. وأضاف التمكين لا يأتي إلا بعد المفاصلة، لابد أن نحسم ما بين التمرد والحكومة، ودعا الدول والمنظمات الأجنبية- التي ما زالت تدعم التمرد وتغض الطرف عن رأي الحكومة- حسب وصفه بأن تحدد موقفها، وشن هجوماً على الذين يحرضون النازحين واللاجئين لكي لا يتركوا المعسكرات.. مشيراً الى أن ذلك هو سلاحهم وكرتهم الذي يضغطون به، واعتبره إتجاراً بالبشر، وجدد التزام الحكومة بوثيقة الدوحة ومخرجاتها، ودعا أبناء دارفور للوحدة والتصافي فيما بينهم، وأن يتحملوا مسؤوليتهم، وأكد أن واجب الحكومة هو توفير الأمن، من جانبه أكد دكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور أن انعقاد المؤتمر جاء بعد مخاض عسير.. منوهاً الى أن العودة الطوعية تمثل أكبر التحديات في إنفاذ اتفاق الدوحة.. مشيراً الى أن الحديث عن العودة لا يكتمل إلا بربطها بإجراءات تإمينها بمشاركة القوات المسلحة والشرطة وقوات الإمن.. بالاضافة الى الشرطة المجتمعية التي سيكون قوامها النازحون واللاجئون العائدون.. وأعلن رفضهم تعطيل مشاريع التنمية واحتجاز العاملين فيها، واختطاف مركباتها وآلياتها.. ونوه الى أن وضع العراقيل أمام مشاريع السلطة جرم يستحق أبلغ التنديد والاستنكار.. وأدان الهجوم الذي تعرض له وفد نازحي ولاية وسط دارفور وقوات اليونميد المرافقة لهم من قبل الحركات المسلحة، ووصفه بالعمل التخريبي الذي تسعى من خلاله الحركات لنسف المؤتمر، وإرسال رسالة سالبة للمانحين مطالباً المجتمع الدولي بإدانه سلوك الاختطاف واتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لمثل هذه الاعتداءات، ومحاسبة المسؤولين عنها.. ودعا الى تشجيع عمليات التفاوض والسلام، وأشاد بالتقدم في المفاوضات التي تمت بين الحكومة وحركة العدل والمساواة بالدوحة.. مشيراً الى أنه يضيف الى السلام أنصاراً جدد يساهمون في إعمار دارفور ومسح آلام مواطنيها. استياء النازحين واللاجئين بمجرد ما بدأ نائب رئيس الجمهورية في خطابه، خرج عدد من النازحين واللاجئين من القاعة، وطالب عدد من نساء المعسكرات بعدم منح النائب فرصة للحديث، مشيرين الى أنه لم يقدم لدارفور وأهلها ما يفيدهم رغم أنه جزء من دارفور، فيما كشف ممثل النازحين واللاجئين العمدة صلاح عن سوء الأوضاع الأمنية داخل المعسكرات والتهديدات المستمرة التي يتعرضون لها من قبل الحركات، لافتاً الى وجود جيوش مسلحة تحاصر معسكر مورني لدفع دية بقيمة 360 ألف جنيه بعدما دفعوا دية قبل أيام قلائل قيمتها 300 ألف جنيه، جمعت من النازحين، وأعلن تمسكهم بتوفير الأمن والتعويضات الجماعية والفردية، وجبر الضرر، ودفع الديات، وتحقيق العدالة والمصالحات.. وشدد على رفضهم بإعادة التوطين.. مشيراً الى أنهم منتجون من الدرجة الأولى، ويرفضون أن يكونوا متلقين، وأعلن استعدادهم للعودة، ولكن وفقاً للشروط التي وردت في الاتفاقية طالب باقتلاع المستوطنين الجدد وإغلاق الحدود للذين يتوافدون الى دارفورالآن.. من جهته أكد أزهري شطة مفوض مفوضية العودة الطوعية تعهد الأطراف الموقعة على اتفاق الدوحة بتأسيس آليات للنازحين واللاجئين، وكافة ضحايا النزاع من أجل لم شم الأسر وتحسين الأوضاع الإنسانية، وقطع بعدم الطلب من أي نازح أو لاجئ للعودة ما لم تتوفر المتطلبات الأساسية، وفي مقدمتها الأمن.. منوهاً الى أنه لا إكراه في العودة لأنها عودة طوعية.. ودعا السلطات الإدارية والمحلية لتقديم الدعم من أجل تسهيل العودة للراغبين. توفير الأمن والنقل من جانبه طالب والي جنوب دارفور حماد إسماعيل باعطاء قضية النقل الأهمية القصوى خاصة طريق الإنقاذ الغربي (الضعين -النهود - نيالا) وخط السكة الحديد الناقل الوطني الذي لا بديل له- حسب تعبيره- والخط الناقل للكهرباء من أجل حياة كريمة للعائدين من النازحين واللاجئين، وفي ذات السياق قال ممثل اليونميد محمد يوسف: لكي يكون برنامج العودة جاذباً، يجب أن نوفر الأمن لافتاً الى أن عملية النزوح توقف عجلة التنمية.. من ناحيته أبان ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بيتر أن المؤتمر مبادرة جيدة وجاءت في وقتها.. وأوضح أن المفوضية تعمل في السودان منذ العام 1992م، وقد انفقت في العام السابق 9 ملايين دولار في المشاريع التي قامت بدارفور.. ونوه للاهتمام بتعزيز الأمن في المعسكرات من أجل العودة الطوعية وأمن على أهمية التنسيق، خاصة مع الحكومة السودانية من أجل تسهيلات الوصول للمتضررين.