ما لنا كلما نفكر أن نكتب عن محاسن الأموات، تأتي سيئات الاحياء لتقطع عنا حبل التفكير في الموضوع، فكما ذكرت في الاسبوع الماضي بأني كنت أرغب ان اكتب عن الشهيد الزبير محمد صالح من وحي المقابلة الاذاعية مع العميد العوض محمد الحسن، الا ان تواتر الاحداث الوطنية جعلتني ارجئ الموضوع، لأكتب عن لقاء الرئيس بالاحزاب عن موضوع الاستفتاء للاقليم الجنوبي. واليوم عنت في ذهني فكرة الحديث عن مواصلات الخرطومالجديدة بعد وصول بصاتها الولائية، وذلك من خلال كثرة الشكاوى التي وجدتها من بعض الطلبة والطالبات، رغم اشارات استاذي الجليل الدكتور الطيب زين العابدين والتي أشرت اليها في السابق بعد أن كتبت عن أزمة المواصلات للطلاب وتلكؤ سائقي البصات الاهلية في حجز خمسة مقاعد خلفية للطلاب، كان هذا المقال قبل اربع سنين تقريبا، فقابلني استاذي الدكتور الطيب مصادفة، وقال لي عرفناك في مستوى معين في الكتابة، دا شنو موضوع الطلاب دا فقلت لم استطع تحمل ظلمهم من الذين يجب عليهم أن يحموهم. واليوم أكرر للأسف ذلك المقال، ولكن بطريقة أشد مضاضة بعد أن استمعت جيدا لبعض المتضررين من الطلبة والطالبات والقصة باختصار كالتالي، يبدو ان ولاية الخرطوم استوردت بصات جديدة شبه مريحة بالاشتراك مع جهات أخرى وكان المتوقع والمأمول ان تساعد الولاية الطلاب أكثر مما فرضته على سائقي البصات بحجز خمسة مقاعد خلفية للطلاب على اعتبار ان البصات الآن حكومية، والطلاب لهم حق فيها ولكن للأسف اعتبرت إدارة البصات ان الطلاب يستقلونها مثلهم مثل أي مواطن آخر سواء كان موظفاً أو مزارعا او غير ذلك، ان كان الامر كذلك فيالها من كارثة اخلاقية، واجتماعية وانسانية ارتكبتها الولاية وعلي رأسها السيد الوالي د.عبد الرحمن الخضر، أولاً لماذا تفرض الحكومة على البصات الأهلية حجز مقاعد للطلاب في كل بص، وهي لم تقدم لهذه البصات أي خدمات اضافية، وهذا هو السبب الأساسي الذي جعل السائقين يتهربون من الطلاب، حتى ان الطلاب والطالبات يرفعون مبالغهم كاملة للسائقين على اعتبار انهم جاهزون لدفع المبلغ كاملاً حتى يلحقوا حصصهم، ومع ذلك لا يتوقفون لهم، والآن بعد ما وصلت بصاتها والتي للطلاب حق فيها لا تلتزم لهم بحقوقهم، ما هذا الظلم وهذا الاستهتار بكل مستقبل البلاد، هل هؤلاء الطلاب عندما يكبرون يظلون على الولاء لهذا الوطن الذي لم يقدم لهم مجرد مساعدة في الترحيل؟ والولاية ماذا تقول لأصحاب البصات الأهلية بعدما أرغمتهم على ترحيل الطلاب دون مقابل، والآن عندما جاءها الدور بخلت به؟!.. الشيء الثاني وهو الأمر من الأول ان الولاية حددت تسعيرتها لبصاتها بواحد جنيه، ورغم ان البصات الاهلية تسعيرتها اربعمائة قرش للمشاوير المتوسطة، طلبت من البصات أن تتوقف عن العمل تاركة المجال لهذه البصات بعد تحديد فترة زمنية محددة، يا عباد الرحمن قطع الاعناق ولا قطع الارزاق!. وهنا تذكرت قصة النقل الجماعي الذي بدأ العمل في المملكة السعودية في بداية الثمانينات من القرن الماضي وهو ترحيل داخلي تماما كفكرة مواصلات ولاية الخرطومالجديدة، بل هؤلاء الاخوة ذهبوا في سياسة النقل الجماعي الحجل بالرجل عندما قررت ادارة النقل الجماعي السعودية ايقاف الحافلات الصغيرة من العمل، ومعروف ان اصحاب الحافلات السعودية هم غالبا من البدو السعوديين الذين لم ينالوا قسطا من التعليم وجعل الله لهم الرزق في عرباتهم هذه، فما كان من هؤلاء البدو الا ان تجمعوا وذهبوا للملك الصالح خالد بن عبد العزيز ملك السعودية وحكوا له قصتهم ومظلمتهم وكيف انهم يربون أسر بهذه البصات، وانهم الآن منعوا ليفسحوا لحافلات النقل الجماعي التي يملكها افراد مثلهم، فغضب الملك غضبة «ملكية» واستدعى الجهات المعنية وأمرهم بابطال مفعولهم الخبيث هذا، والحمد لله حلت المشكلة وكل عبد يأكل رزقه. حتى الآن «أنا» اكتب من جانب واحد والمعلومات لم تتوفر لي كاملة، واتمنى ان تكون المعلومات التي نقلت لي غير دقيقة ولكن اذا كان هذا هو الواقع، لابد من معالجة شاملة للموضوع برمته ولابد من تدخل السيد الوالي عبد الرحمن الخضر، ومعلوماتي عن الخضر وعن قرب انه رجل خير لا يقبل الظلم، ولأنه عرف الظلم والحسد وذاق مرارتهما، ولكن لأفضاله الكثيرة رفعه الله الى عليين من غير توقع منه، فكأنما افتقد درهما فعوضه الله دينارا وهي ولاية الخرطوم اكبر وأهم ولاية في السودان، فليتق الله ولا يظلم الناس شيئا، نقول هذا ونحن مع التطور والتحضر واظهار العاصمة بالمظهر الجمالي الذي يليق ومع الربحية الجيدة للشركة لكي تستمر، ولكن يجب ألا تكون على حساب الضعفاء والمساكين، واذكر الاخ الوالي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، القائل وهل ترزقون وترحمون الا بضعفائكم، فاذا لم يكن الاطفال والسائقون هما الشريحة الضعيفة، فمن إذن يكون الضعيف فينا؟!..