- على خشبة المسرح فراغ, اكسسوارات عبثية.. في مساحة سريالية.. هناك في الخلفية ظلام دامس رسمت فيه بجسد ضخم علامة استفهام؟ يدخل العاملون منضدة هي منضدة اجتماعات يجئ الممثلون (وهم الذين يمثلون الشعب) ربما هم لا يمثلون الشعب.. انتخبهم بعضه أو عينهم بعضه.. يجلسون حول المنضدة تبدو للمشاهدين وجوه الذين يواجهونهم وجميعهم يرتدون نظارات سوداء ومن ثم تظهر وجوه جانبية وأفقية.. أحدهم يجلس على كرسي أعلى وأكثر زخرفة هو كبيرهم وذلك يعرف من السياق. يبدأ الحديث أولهم سيدي الكبير ثم يختلط كلامه بصدى كثيف يطغى عليه.. ثم يصبح همهمة بطيئة على غرار ما يحدثه شريط الكاسيت عندما يتعطل، فيصدر الأصوات بطيئة ذات ايقاع رخو أو حين تجعل الشريط يدور بسرعة لا تمكن المستمع من التقاط الألفاظ.. يفعل ذلك الأول.. ثم الثاني.. حتى الأخير.. يخال النظارة أن الحكاية انتهت لكن تتجدد الدورة.. ويستمر الكلام الهمهمة أو الشقشقة.. تستمر هذه العملية وتطول. تنتهي المسرحية بإنصراف الجمهور من السأم لا نهاية للمسرحية تستمر الحكاية.. يتحدثون.. لا يسمع أحد.. لا يفهم أحد.. وتدور الحكاية مثل (بوري معلق) ينصرف الجميع فيسدل الستار. - المسرحية تستمر على خشبة المسرح الكبير.. وتناولتها الصحافة الفنية والأدبية وكتاب الرأي السياسي أيضاً أدلوا بدلوهم. - كتب الشافي عبد الكافي في كلمته (مظاهر ومساخر) عن المسرحية إنها عبثية تسعى إلى هدم الأبنية الواقعية لتسهم في تغبيش الرؤيا وتقترح اللا حل. - وكتب عبد الدافي عبد الوافي عن مظاهر العلمانية الفاجرة التي تتجسد في الدلالات الوجودية الملحدة المنبثقة عن النظرية الماركسية اللعينة المبنية على الفرويدية الماجنة.. إنها جزء من مخطط يديره أعداء الوطن والدين ليهدموا صروح الإيمان الذي يفضي إلى العمل الصالح.. يريدونها شوهاء تنساق إلى مطامع الجسد وترويج الشهوات وانحطاط الغرائز وكتب هذه المرة الصافي عبد الشافي في عموده المقروء (إضاءة فى عتمة) يحاول مؤلف المسرحية ومخرجها أن يحلقا في فضاءات الإبداع.. فأتيح لهما ذلك.. ولكن بأجنحة مثبتة بالشمع على نحو ما فعل عباس بن فرناس.. فتذيبها أشعة الشمس فتسقط وتتحطم التجربة على رأس المشاهد دمامل وكدمات.. يتحسسها فى أسى على استغفاله وسلب وقته الثمين وإهداره في اللاشي. أما عبد الشافي الصافي فتحدث في ندوة في كلية (انفلونزا الطيور) في جامعة الأورام الحميدة وقال: إن التغريب في الفنون التي من ضمنها المسرح الذي مازال حاضراً رغم أنه أصبح جد الفنون بعد أن كان الأب.. وقبع في الركن يؤدي دور (الحجاي) الذي لا يفتأ يحجي الجمهور بأسلوب تقليدي.. هذه الرتابة استحقت ثورة في الشكل والمضمون.. وكانت هذه التجربة الجريئة فعلاً.. ولكن هل حقاً شكلت الثورة المأمولة..؟ لا أعتقد فهي لا تعدو أن تكون سوى تحديات مراهق للسلطات من حوله في أشكال من التمرد أو العصيان الذي يبقى حبيس برجه العاجي.. ربما أن الحسنة الوحيدة في هذه التجربة إنها جعلتنا نتساءل: ثم ماذا بعد؟ كان مخرج العمل ومؤلفه يضحكان تحت شجرة الزهاجة ويرشفان الشاي باستمتاع من قذف بحصاة في البركة.. فتحركت المياه الراكدة.. في دوائر تصغر ثم تتسع في تناسق بديع.. هذا المشهد الخلاب اعتبراه مكافأة تكون حافزاً لقذف حصاة والثانية.. وتستمر الدوائر في الاندياح.