يقول الحكماء العاقل من يفتدي نفسه بماله والجاهل من يفتدي ماله بنفسه.. وهذا الكلام ينطبق على الكثيرين من خلق الله دون أن يتنبهوا لسلوكهم في الحياة من الناحية المالية، وكيفية تصريف الأمور فيما أعطانا الله من نعمة المال وعلاقتها بهذا السلوك.. هناك من لا يحتاج كثيراً إلى جنيه واحد لكنه يحبسه في جيبه ويقطع مسافة طويلة جداً على رجليه بدل أن يركب وسيلة مواصلات.. ويصل إلى مقصده وقد تقطر العرق منه، وتعبت قدماه وأحس بالإرهاق الشديد.. وهناك من لديه فكرة بسيطة عن الميكانيكا، فيظل يحاول إصلاح سيارته لأيام لكيلا يدفع للميكانيكي عشرين جنيهاً ، والذي يصلح السيارة في ساعة واحدة، ونحن نتحدث عن الذين يوفرون المال دون حاجة ماسة إليه.. حدثني ياسر علي عبد المجيد ان أحد أقاربه عاد إلى الخرطوم بعد سنوات من الغربة في السعودية، وجاء معه مال وفير وله بيت في أم درمان وجاء في فصل الخريف وبعد أيام هطل المطر وبدأ سقف الغرفة ينزل منه الماء فقرر إصلاح السقف في اليوم التالي، وذهب واشترى المواد اللازمة من خشب وزنك واستأجر سلماً، واأخذ ينقل المواد إلى سطح الغرفة، ثم بدأ بالترقيع مصراً على أن يعمل كل شيء بنفسه، وتدخلت زوجته ونصحته بأن يأتي بأحد العمال ليقوم بعملية الترميم لكنه أصر على أن يقوم بكل هذا العمل بنفسه لكنه وهو فوق السقف سقط على الأرض فانكسرت رجلاه وبعضاً من عظام صدره، ورقد في السرير لأكثر من ثلاثة شهور.. ودفع في العلاج أضعاف أضعاف ما كان سيدفعه للعامل.. لكنه جاهل إفتدى ماله بنفسه هناك من يشتري أسوأ أنواع الطعام ليوفر بعض النقود.. وهناك من يدخل إبنه في مدرسة يعلم تماماً أنها لا تخرج تلميذاً ناجحاً وهو يملك المال ليدخله مدرسة متفوقة هناك الكثيرون الذين يفترون على أنفسهم وأولادهم خوف الفقر والعوز ولا يعلمون أن الله هو الرزاق الذي يؤتيهم من خزائنه مالا يخطر على بالهم ،وهناك من يصرون على إستعمال الأدوية البلدية لعلاجهم لكنهم لا يعلمون ما بها من مضارومنافع ويعدون على توفير قيمة أدوية الأطباء.