شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم توقع فوز المنتخب المصري بكأس العرب.. سودانيون بقطر يقيمون "زفة" على طريقة "الصوفية" قبل دخولهم ملعب المباراة    شاهد بالصورة والفيديو.. في لقطة مؤثرة أبكت المتابعين.. لاعبو صقور الجديان يقفزون إلى المدرجات عقب نهاية المباراة ويقبلون رأس "حبوبة" سودانية حرصت على مساندة المنتخب من الملعب    بالفيديو.. أشاد بإبن مدينة نيالا الواقعة تحت سيطرتهم.. شاد ماذا قال القائد الميداني للدعم السريع "يأجوج ومأجوج" عن فوز المنتخب على لبنان والجمهور يرد عليه: (ما تتعبن نفسك دا منتخب دولة 56)    شاهد بالصور.. حسناوات "السودان" يسحبن البساط من جميلات "لبنان" في ليلة فوز صقور الجديان على رجال الأرز بقطر    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم توقع فوز المنتخب المصري بكأس العرب.. سودانيون بقطر يقيمون "زفة" على طريقة "الصوفية" قبل دخولهم ملعب المباراة    شاهد بالصور.. حسناوات "السودان" يسحبن البساط من جميلات "لبنان" في ليلة فوز صقور الجديان على رجال الأرز بقطر    عثمان ميرغني يكتب: مقال البرهان    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    النيابة العامة تقيّد بلاغًا جنائيًا ضد ناشري خطاب مُفبرك منسوب لنيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه    من أسوار الملاعب    رباعية من أيندهوفن في ملعب أنفيلد تعمق معاناة ليفربول    هاشم الأمين رئيسا لبعثة نادي حي العرب الى كسلا    (خواطر …. سريعة)    الخرطوم تشترط لوقف إطلاق النار وواشنطن تريد هدنة بدون شروط    السودان يهزم لبنان ويتأهل لكأس العرب بقطر    إبراهيم شقلاوي يكتب: الكهرباء وفرص العودة إلى الخرطوم    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    هل استقال وزير الدفاع؟ غياب مثير للجدل وتكتم رسمي    كامل إدريس يوجه بترقية وتطوير الأداء بمطار بورتسودان    تعرف على أكبر هزيمة في تاريخ برشلونة بدوري أبطال أوروبا    فضيحة كندية بشأن خطوة خطيرة في السودان    هل القحاتة عشان لابسين بدل وبتكلموا انجليزي قايلين روحهم احسن من ابو لولو ؟    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    لاعبو المنتخب الوطني يرفضون أداء التمرين بقطر ويعودون للفندق والسبب تأخير "الحافز"    لماذا يصعب الإقلاع عن التدخين؟    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    بنك الخرطوم: استوفينا جميع المطلوبات لافتتاح فرع للبنك في مصر    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    السودان.. قرار بحظر نشاط صيد الأسماك وإغلاق لبحيرتين    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو حمد وحلفا والسكة حديد
نشر في آخر لحظة يوم 27 - 05 - 2013

رغم صغرها وبعدها وانزوائها ظلّت أبو حمد تتشبث بموقعها المتميّز الفريد على خريطة السودان، في الركن الأعلى من ثنيّة النيل، عند الأطراف الشرقية لصحراء العتمور. وهي مدينة عريقة لعبت دوراً مهماً في مختلف مراحل تاريخ السودان القديم والمعاصر، كحاضرة لمماليك ومشيخات عديدة وكمتكأ على طريق بربر كرسكو، دراو، وكملتقى للرباطاب والمناصير والعبابده والبشاريين، وكمركز تجاري تتزايد أهيمته يوماً بعد يوم، خاصةً بعد انتشار عمليات التعدين في المنطقة وحولها، مما جعلها مركزاً جاذباً تتنامى كثافته السكانية باستمرار.
وأسعدني كثيراً أن وجدت الشارع المسفلت القادم من عطبرة قد وصل أخيراً إلى أبو حمد، فتواصلت مع الخرطوم هذه المدينة التي لازالت تحتفظ ببعض سماتها القديمة، برغم الحداثة التي أدخلها «شارع الزلط»، بعد أن أصبحت تغشاها البصّات السياحية الحديثة والمكيّفة، وأصبح سكانها يقرأون صحف الخرطوم عصر نفس يوم صدورها.
أما العلاقة بين أبو حمد وحلفا فترتبط مباشرةً بطرف ثالث هو الخط الحديدي الذي جعل حلفا وأبوحمد توائم منذ التاريخ القديم لبدايات انطلاق القطارات البدائية التي اخترقت الصحراء تنقل الناس والأشياء والأفكار، ومنذ ذلك الزمن البعيد تربّعت أبوحمد في قلب المعادلة الجغرافية كمحطة مهمة على مسار الخط الحيوي الرابط بين حلفا والخرطوم، والذي أرسى قواعده «لورد كتشنر»، أيام الاستعمار البريطاني قبل أكثر من قرن من الزمان، ثم جاء خط كريمة، من محطة «تقاطع نمرة عشرة» ، القريبة من أبوحمد، وارتبطت حياة الناس ومعايشهم بهذه السكك الحديدية وبقطارات عديدة كانت تحملها هذه القضبان، من حلفا والخرطوم وكريمة وعطبرة.. بمسميات لا تزال الناس تذكرها.. الإكسبريس والمشترك والمحلي والبضاعة والنقل والمخصوص وناقلات أخرى كثيرة.
وعلى امتداد عشرات السنين ظلّت أبوحمد تحتفظ بطابعها التقليدي ، الذي جعلها بلدةً مميزة: كدامر المجذوب لا هي قرية بداوتها تبدو ولا هي بندر، وتداخلت في خضم هذا التواجد الفريد أوصر علاقات إنسانية دافئة يمتد عبرها نسيج اجتماعي متماسك.. يشكّل لوحةً زاهية لمجتمع حضري سوداني تتمازج فيه ثقافات السودانيين وقبائلهم وألسنتهم وألوانهم وعاداتهم وتقاليدهم. وأبوحمد بامتداداتها المتنامية وقراها المتناثرة تطل على (جزيرة مقرات)، وهي جزيرة ضخمة تكفي للدّلالة على ضخامتها الإشارة إلى أن فيها اثنتي عشرة مدرسة قد علم كلّ أُناس مدرستهم، عبر تجمّعات متداخلة، تفصل بينها قواطع من الصخور والجبال وكثبان الرمل، وعلى طول مجرى النيل تختبئ جزر وتجمعات شاطئية تتناثر في إقليم الشلالات والجنادل.
وقد أهدت أبو حمد ومناطقها المحيطة بها كوكبةً لامعة من أسماء بارزة أثرت ساحات العمل السياسي والشعبي والتنفيذي على امتداد البلاد فضلاً عن رجال العلم والمعرفة والتعليم.. جذور الشيخ بابكر بدري تعود إلى مقرات، وإليها وإلى ما حولها ينتمي المرحوم العمدة عمر البشير، والبروفيسور عبد الله أحمد عبد الله، ثم خبير العمل الدولي الراحل عبد الرحمن عبد الله الوزير الأسبق للخدمة العامة، والشقيقان العاملان بالمنظمات الدولية وزير الزراعة الأسبق دكتور محمد الشاذلي عثمان وأخوه دكتور حافظ، ثم صيقنا الدكتور معتصم عبد الرحيم والي الشمالية الأسبق ووزير التربية الولائية.. واللواء صلاح الدين كرار وأخوه الصحفي المعتّق محمد أحمد كرار ...وكثيرون آخرون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
والوشائج بين حلفا وأبوحمد قديمة ومتينة، عمّقتها علاقات المصاهرة والتزاوج والتداخلات الاجتماعية.. وهنالك أدوار شخصية لعبها رجال من حلفا حملتهم أرزاقهم وأقدراهم إلى أبو احمد تجاراً وموظفين وعاملين كان لهم وجود مؤثر في الحراك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي بأبي حمد.
ومن الرجال الذين ارتبطت أسماؤهم بأبوحمد من غابر الزمان المرحومان عثمان إسماعيل وأخوه محمود اللّذان نزحا بتجارتهما من حلفا عام 1905م، فكانا من أوائل الذين أرسو بواكير النهضة التجارية وا لعمرانية في تزامن مع بدايات تلك المدينة الصغيرة التي ارتبطت نشأتها الحديثة مع السكة الحديد وبقطار الأكسبريس وبسوق مقرات الأسبوعي الشهير.
وعلى مر السنوات استقرت الأسرة بأبوحمد محتفظةً في الوقت نفسه بصلات وطيدة بجذورها في حلفا، وكان عبد الله عثمان مستقبلاً دائماً لقطار اكسبريس حلفا مع (ترامس) الشاي حتى في الساعات الأولى من الفجر الذي كثيراً ما يكون بارداً في أبوحمد، وكان المرحوم محمد عثمان إسماعيل هو الذي ورث عمادة الأسرة العريقة من أخيه المرحوم حسن عثمان، المؤسس الحقيقي للوجود الاقتصادي وشبكة العلاقات الاجتماعية التي ربطت هذه الأسرة مع أهل أبوحمد ومقرات بل وجميع مناطق وقرى الرباطاب والمناصير، والذين ارتبطوا بهذه الأسرة عملاً وتجارةً وتداخلات اجتماعية واسعة تتوّجت في قمّتها بمصاهرات تّمت، حيث تزوج كثير من أبناء تلك المناطق من حفيدات إسماعيل خليل.. وكانت بيوتهم في أبوحمد ولا تزال مفتوحةً على مدار الساعة، تستقبل الضيوف وتودّعهم، ولازال الأبناء والأحفاد يمثلون ركناً ركيناً لتراث حافل بالبذل والعطاء، والوزن الاجتماعي المرموق لهذه الأسرة العريقة ذات الولاء الختمي الممزوج بأريحية الأشراف من بني هاشم وكرمهم الفياض، وللحديث صلةٌ بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.