كلما أطالع إعلان لحفل طيور الجنة تصيبني الحسرة على الأطفال الذين تدافعوا صوب استاذ الخرطوم لحضور حفل طيور الجنة، أولئك الأطفال الذين أثرتهم القناة بابداعاتها، فهم حقاً مبدعون بالإضافة إلى أنهم تربويون ويقدمون المعلومات بطريقة جاذبة ومفيدة، واستطاعت أن تتميز على كل القنوات، وحق لها أن تقول «الزول السمح فات الكبار والقدرو» وهذا حقهم.. والآن لنا أن نبحث عن حقنا أيضاً، وبالطبع هو حق مادي وليس أدبياً أو نفسياً على الرغم من أن الضرر الذي لحق بالأطفال وأسرهم كان نفسياً أكثر ولا يقدر بثمن.. ولكم أن تتخيلوا إحساس الأطفال الذين ضيقوا على أسرهم وهم يلحون عليهم في الطلب لشراء تذاكر حفل طيور الجنة.. هذا بالإضافة للعدد الكبير من الأطفال الذين لم يستطع ذويهم توفير قيمة التذاكر، وقد رضخوا للأمر الواقع ولكن- «على مضض»- ولعلهم علموا أن نيل المطالب ليس بالتمني بل علموا باكراً «أنهم فقراء ولا يمكنهم الوصول لكل شيء حالياً». المهم.. لعل الدرس الثاني الذي تعلمه هؤلاء الأطفال الذين لم يتمكنوا من الذهاب للحفل، أنهم كانوا أسعد الناس بفشل الحفل «وشمتوا» على كل من مكنته ظروفه من الذهاب، وهذا أحد السلوك المرفوض اجتماعياً. كل هذا يحدث وطيور الجنة التي يعلم القائمون عليها فضائل الأعمال والسلوك والقيم الدينية والإنسانية.. ويعلمونها للناس، فكان من الأفضل لهم أن يقيموا حفلاً آخر يجبرون به خواطر الأطفال الذين تدافعوا لمشاهدتهم على الهواء.. وبدلاً من أن يحملوا الصورة الجميلة.. حملوا أحزاناً لن تنسى على مدى الزمان.. وحتى إذا حضرت طيور الجنة للسودان مرة أخرى فلن تجد نفس اللهفة، لأنه باختصار «البقرصوا الدبيب بخاف من جر الحبل» وظني أن هؤلاء الأطفال وهذه القناة الجميلة يمكن أن يصلوا لحل وسط، وهو إقامة حفل بنفس التذاكر القديمة، خاصة وأن عدداً كبيراً منهم يحتفظ بها، بالإضافة لأولئك الذين قاموا بفتح بلاغات في مواجهة المنظمين وتذاكرهم معروضات، أو أن يدخل الأطفال للحفل الجديد بالتذاكر القديمة أو أن يقوم رعاة الحفل الجديد بمقاضاة القائمين على الحفل القديم.. المهم يحدث رد اعتبار لأطفالنا فلذات أكبادنا، فلا يجب أن نعلمهم التخلي عن حقوقهم بهذه السهولة، حتى لا يتهاونوا في حق الوطن عندما يكبرون.. فتعليم الأطفال ليس في المدارس فقط.