كنت متابعاً منذ فترة وأنا بالمملكة العربية السعودية الأخبار السارة التي ترد الينا من السودان، بأن كثيراً من الاخوة المستثمرين السعوديين اتجهوا هذه المرة بجدية للاستثمار الزراعي والصناعي في السودان. وقد كان لتوجيه جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز أثره الكبير في أن يتجه السعوديون للاستثمار في السودان، خاصة وأن مشاكل العالم العربي تكمن في توفير الأمن الغذائي، وأمن العالم أجمع سيواجهه مشاكل في هذا الشأن، وبما أن السودان يحظى بأرض زراعية خصبة ومياه عذبة وفائض مياه جوفية كثيرة، وكنا نسعد لذلك، خاصة وأن الكثيرين من الأخوة السعوديين صاروا يتساءلون عن السودان والأكثر سعادة هي بالنسبة لنا نشاط وزير الاستثمار الدكتور اسماعيل الذي تحرك على كل الاتجاهات تحركات ماكوكية.. حيث كانت تأتينا الأخبار عبر الصحافة السودانية القادمة من هناك والفضائيات السودانية، وأيما سعادة لنا حيث نرى وزير الاستثمار الوسيم يظهر في التلفزيون مع المستثمرين والأمراء وأصحاب رؤوس الأموال من العرب والسعوديين، ثم تأتينا الأخبار بأن الوزير اصطحب وزير الزراعة القومي «المتعافي» وسافرا معاً بمعية المستثمرين العرب الى الشمالية وخاصة منطقة دائرة السيد الوزير، يعني هل وقف السيد الوزير وقفة محاسبة مع النفس ليراجع نفسه في عدد المرات التي ذهب فيها مع مستثمرين عرب أو سعوديين أو لبنانيين أو خليجيين الى الشمالية، نحن لسنا ضد تنمية الشمالية المظلومة تنموياً منذ الاستقلال، ولكننا ضد سياسة الوزير التي تحرج المتابع لها هل يريد الوزير تنمية الشمالية وحدها وباقي الفتات يذهب الى من رحم ربي من ولايات.. أمره عجيب هذا السودان. ألا يراجع السيد الوزير نفسه بأن هناك ضبط رقابي اسمه الإعلان والإعلام المرئي والمقروء والمسموع وكاميرات الصحافيين، هل فعلاً يريد السيد الوزير تنمية الشمالية وتحديداً منطقة دائرته التي فاز منها للبرلمان!! طيب يا أخي الكريم ما انت وزير لا ينقصك جاه ولا سلطان ولا عماير في جميع أنحاء الخرطوم ماذا تريد أكثر من ذلك، كنا نطمح أن يكون السيد الدكتور شفيفاً عفيفاً في مهنته يداوي تسوس أسنان الاستثمار في بلادنا، أجريت لقاءاً سابقاً لمجلة السفير مع السفير الأمريكي المبعوث لدى السودان «ناتيوس» الذي قال لي إنكم لا تدرون أن السودانيين يجلسون فوق كنز ولكنكم لا يستقلونه كيف نستقله وإن وزير استثمارنا ومستشار رئيسنا يتعامل بجهوية جغرافية مخجلة، حيث كان يقول إن المستثمرين يعانون من غياب المعلومة الاستثمارية في بلادنا لماذا لا تأمر حكام الولايات بتجهيز دليل استثماري كل على حدا، حسب امكانات الولاية لماذا لا تفكر اخي السيد الوزير بإنشاء قناة استثمارية سودانية يتم فيها تصوير المناطق الزراعية المأهولة، ومياه النيل، ومناطق المياه الجوفية، والمناطق السياحية، وأن تبث إرسالها باللغتين العربية والانجليزية، ويمكن بالفرنسية.. ما المستحيل في ذلك هل نحن شعباً مغني وكسول كل الفضائيات غناء هابط وكلام فارغ لا يغني ولا يسمن من جوع.. أخي السيد الوزير كنت أخجل لك والله لست كرهاً في الشمالية ولكنه خجلاً من الجهوية الجغرافية. لماذا لا تقسم الفرص بين الولايات هل تأخذ نسبة في استصلاح أراضي مناطقكم أم ماذا في الأمر.. نريد تفسيراً واضحاً حتى لا يظلمك التاريخ، الانجليز عندما جاءوا مستثمرين في أول الثلاثينيات من القرن الماضي وذهبوا للنيل الابيض والجزيرة- وأنت لست أعلم وأدرى منهم- وأقاموا مشروع الجزيرة والمعجزة الزراعية في افريقيا والذي أصبح بفضل سياستكم الجهوية صعيداً زلقا، نحن نطالب من السيد الرئيس كحق أخلاقي وديني أن يقبل اي وزير يتعامل بمثل هذه السياسات التي أصبحت خصماً على الإنقاذ.