الحبيب الصديق مزمل.. مرة أخرى لك التحايا وشوق لا يحد.. وكيف أصبحت .. وأرجو أن تكون مرتاحاً وسعيداً ومسروراً. أنا الآن.. مرتاح وسعيد ومسرور.. كيف لا أكون وأخت بلادي بل توأم بلادي مصر أم الدنيا.. تنتفض وزال القبر والكفن.. ونبدأ معك الحكاية من أولها.. ونجيب لماذا الكتابة لك شخصياً.. في أمر بعيد عن الندى الحبيب.. عن حب خرافي جمعنا سوياً ونحن نتعلق ونذوب وجداً.. ونغني صبابة في محبوب واحد.. أكتب لك «سياسة» وقد وهبتني «مفتاح» ذاك الصندوق أنت شخصياً.. عندما كتبت في «وجع» عن فلفلة وبهدلة.. طالتك وأسرتك الكريمة في ميناء القاهرة الجوي.. ثم مناشدتك «أبو قرده» وزير الصحة السوداني.. معاملة الأحبة في شمال الوادي بالمثل توقفت طويلاً عند حروفك.. وهي تنهض سؤالاً شاهقاً لوزير الصحة عن «الاستوزار وهل يطفئ جمرة القتال..» والوزارة والجلوس على أعلى قمة فيها هل تدفن ألسنة لهب الثورة.. نعم يا حبيب فقد كان ذاك هو المفتاح.. أو قل سانحة أهتبلتها أنا في إنتهازية واعية.. لأعلن عبرها للعالم أجمع.. أني مع العسكر.. عسكر أرض الكنانة.. مع السيسي.. سيسي ميدان التحرير.. بل أنا اليوم وعند مداخل ومخارج ميدان التحرير.. أكثر سعادة من ذاك الذي تمنى أن يبيت ليلة بوادي القرى.. فهو حينئذ سعيد.. صديقي مزمل.. أنا لا أخجل ولا أتجمل عن أي موقف أتخذه في بسالة وشجاعة ووضوح وجسارة.. كنت ضد حزب «مرسي» حتى وقبل أن تجري الانتخابات المصرية.. ثم اجتاحني الفزع ولفني الفزع والشعب المصري تدفعه أشواق هائلة للإسلام وأنواره الباهرة المشعه.. يحمل الأحبة الأخوان إلى دست الحكم.. أذكر يومها أني قد كتبت وكلي خوف ووجل على مصر ومصابيحها التي سوف تنطفئ .. مصباحاً إثر مصباح.. كتبت لست شامتاً ولكن خائفاً على الأحبة في شمال الوادي من نفس «المصير».. لم أجد ما أعبر به عن فزعي غير ذاك الحوار الحزين.. والخوف من المجهول.. الذي صاغه من صلصال الفجيعة والوجع.. عزمي أحمد خليل.. وعمده في نهر الدموع المالحة.. هاشم ميرغني .. وهو يبكي في فزع خوفاً على محبوب.. وأنا أنتحب في خوف على وطن وأمة وشعب.. أحمل له بين ضلوعي حباً ساطعاً وشاسعاً.. وفات وراح شايل هناه خوفي من نفس المصير.. ولولا.. لطف الله.. ثم إرادة شعب التحرير ثم السيسي.. لجابه الأحبة في مصر.. نفس «المصير» ولا تسلني عن «مصير من» ولا حتى عن «نوع المصير». الحبيب مزمل.. نعم قد يبدو الأمر مخيفاً وصادماً ومزعجاً.. لك ولأحبة كثيرين وأصدقاء أعزاء بأن أقف في ضفة «العسكر» وهم يقفزون إلى كابينة قيادة الأركان ويمسكون بدفة مركب الأمة .. أنا الذي ظللت طيلة سنوات عمري أراهن على الجماهير وصمود الجماهير.. وإرادة الجماهير.. هذا محض تنظير.. هذا محض عقلانية.. عندما يتوجب عليك أن تختار بين أمرين.. عندما يتوجب عليك أن تنحاز إلى طرف دون آخر.. عندما يتوجب عليك أن تنحاز إلى طرف دون آخر.. عندما يتوجب عليك أن تسلك أحد طريقين قطعاً وحتماً إنك سوف تختار الطريق الأقل مخاطر.. والأهون شراً.. والأكثر سلامةً.. فقد كان عليَّ أن أختار بين إرادة صناديق اقتراع أتت بإخوان مرسي... وبين صناديق.. ذخيرة وإن لم تستعمل أتت بزمام السيسي.. بلا تردد فقد أخترت سواعد وزنود و «كتوف» ثوار التحرير وهي تدفع «العسكر» دفعاً لإزاحة «الإخوة» ومثل كان حاضراً.. بل ماثلاً أمام عيوني.. وهو يهتف.. «الضايق قرصة الدبيب من جر الحبل بتردد..»