نحن في السودان غير معنيين بتفاصيل ما حدث ويدور الآن في دولة جنوب السودان وغير حريصين على متابعة أخبار تطورات الصراع والتبرع بالزيادة والحذف وتلفيق الأخبار من باب الشماتة أو الفرح لما يدور هناك. نحن فقط معنيون بمآلات وتطور الأحداث يجب أن لا نفرح أو نشمت كثيراً لأن هناك تشابه كبير جداً بما حدث في السودان قبل أربعة عشرة عاماً أو بعد عشر سنوات من قيام ثورة الانقاذ لن يحدث في دولة الجنوب ما يتمناه البعض والحمد لله ان لا يحدث لأنه وبكل المقاييس اي تدهور أمني في الجنوب خاصة شمال الجنوب في ولايتي الوحدة وجونقلي سيتمد اثره السالب الى جنوب السودان الجديد في ولايات دارفور، جنوب كردفان والنيل الازرق اذ ستصبح المنطقة المقترحة لان تكون منزوعة من السلاح تمهيداً لترسيم نهائي للحدود بين البلدين ستكون منطقة مملوءة بالسلاح والمسلحين مسلحين مدربين في قوات نظامية في الجيش السوداني والجيش الشعبي ممثلة في الفرقتين 9و10 ومسلحين معارضين من النوير والشلك ضد الدينكا بزعامة سلفا كير.. هاتين القوتين في المعارضة المسلحة سيجمعهما هدف مشترك هو اسقاط النظامين في الخرطوموجوبا ولذلك ستصبح هذه المنطقة جنة ونعيم و«مولد وسيدو غايب» لمعارضي النظامين المسلحين وتكون نار وعذاب لحكومتي الخرطوموجوبا ومواطني تلك المناطق في جنوب دولة السودان وشمال دولة جنوب السودان خاصة اذا علمنا ان المقاتل النويراوي من أقوى وأشجع وأشرس المقاتلين لا يشبهه الا المقاتلون الصوماليون وكذلك الشلك. في تقديري لن يحدث شيء للنظام الحاكم في جوبا بقيادة سلفا كير لسبب بسيط هو ان سيادة الدول وحكمها وقوتها مستمدة من قواتها المسلحة.. وهي رمز عزة وكرامة وقوة كل دولة من يكسب الجيش.. ويكسب حب أفراده واحترامهم له هو الذي يحكم ويستمر في الحكم-الجيوش بالنسبة للدول خاصة دول العالم الثالث هي الطعام الذي تعيش به وعليه امم تلك الدول.. أما الأنظمة والتنظيمات السياسية والعقائدية التي تلتف حول الحكم ما هي إلا بهارات واضافات لتحسين مذاق الطعام وزيادة تماسكه فإن انعدمت لا تؤثر كثيراً ولا تفسد الطعام. القول بأن هناك تشابه بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية هو ان الانقاذ بعد عشر سنوات واجهت انقساماً خطيراً في العام 1999 سُمي بالمفاصلة ادت هذه المفاصلة الى اقصاء أقوى شخصية في الانقاذ بل في العالم الاسلامي هو د. حسن الترابي أُقصي ولم يحدث شيء! بل وتم اعتقاله اكثر من مرة.. ولفترات طويلة.. ولم يحدث شيء وتم السماح لهم بتكوين حزب سياسي موازي للمؤتمر الوطني باسم المؤتمر الشعبي.. ولم يحدث شيء والحروب في دارفور منذ اكثر من ثلاث عشر عاماً تدار في اكبر فصيل منها وهو العدل والمساواة بقيادة المرحوم د. خليل والذي كان عضواً مؤثراً في الحركة الاسلامية واصبح موالياً للمؤتمر الشعبي بزعامة الترابي حتى مماته واستمر العدل والمساواة بقيادة شقيقه جبريل ايضاً تحت مظلة المؤتمر الشعبي والدليل على ذلك ان د. الترابي في اكثر من مناسبة يصرح بأنه يُمْكِّن ان يوقف حرب دارفور في عشرة دقائق، وما سيحدث هو ان تتحول دولة الجنوب الى دولة بوليسية أمنية مدعومة بالجيش الشعبي الذي يدين بالولاء الى سلفا كير وهو عسكري منهم اكثر من انه سياسي.. واشتهر بأنه قائد ميداني قوي ستتحول الى دولة بوليسية أمنية تحت مظلة حالة طواريء.. تتيح الى سلفا كير أقصر الطرق في مواجهة الحروبات والمعارضين ومحاكمتهم وتصفيتهم في يسر وسرية لتستمر هذه الحالة الى حين قد يطول أو يقصر حتى تستقر الأوضاع وسوف يتزامن مع ذلك مناوشات عسكرية بين الدينكا والنوير والشلك وسوف تتحول مناطق النوير والشلك في ولايات أعالي النيل، الوحدة وجونقلي الى شمال ساخن في دولة جنوب السودان شبيه بجنوب السودان الساخن في دارفور.. النيل الأزرق وجنوب كردفان وتارة شمال كردفان وسوف تلتقي جيوش المعارضة في الدولتين كالرياح الآسيوية المتعارضة جهة واتجاهاً وقوة وضعفاً.. وهذا الأمر سيكون في صالح النظامين الحاكمين الآن في السودان وجنوب السودان حيث تتعادل كفتا الصراع بين السودان وجنوب السودان من ناحية الفرص المتساوية لضرب كل نظام للآخر عبر دعم معارضين مسلحين، الآن حكومة السودان تشكو من دعم دولة الجنوب للمتمردين في الجبهة الثورية.. وبعد قليل سوف تنشأ الى سلفا كير جبهة ثورية في شمال بلاده. المنطق والقراءة الصحيحة لما يحدث في الجنوب هو ان ما حدث في صالح السودان..! إذ ثبت بقرائن الأحوال أن سلفا كير يرغب حقيقة في تعايش سلمي اخوي مع السودان.. وإن كل التصعيد والحقد على السودان منطلق من مجموعة رياك مشار وباقان، ودينق الور وغيرهم مما يسمون أولاد قرنق. إذا أردنا استثمار ما حدث في دولة الجنوب وما سيتبعه من تداعيات علينا ان ندعم سلفا كير دعماً قوياً ولكنه غير مباشر.. وذلك بالإسراع في وضع اتفاقيات سبتمبر 2012 التسع موضع التنفيذ الفوري.. وأن نضيف عليها اتفاقية أو إعلان أو كلمة شرف بأن يظل خط أنابيب البترول خارج كل الإختلافات والخلافات وأن لا يشكل عنصر ضغط من أي طرف من المنبع في الجنوب حتى المصب في الشمال وتكون كلمة الشرف واضحة وموثقة ومشهود عليها دولياً بأن لا يحق لطرفٍ لأي سبب من الأسباب وقف ضخ البترول عبر الأنابيب إلا وفق شروط عقد الإيجار بين الدولتين في استعمال الخط.. بمعنى و«بالبلدي» ان السودان يؤجر خط نقل الأنابيب كما يؤجر المالك منزله لآخر.. وقانون الايجارات في السودان يحمي المستأجر اكثر من صاحب الملك.. وينص صراحة على ان لا يسبب المالك أي إزعاج للمستأجر والحكم بينهما العقد.. هل هناك إزعاج اكثر من (أفتح أقفل البلف) والضرر يعود على المالك والمستأجر بدرجة متساوية. الآن أتاح الله لنا فرصة ذهبية لإستقرار بلادنا العزيزة أمنياً واقتصادياً..وذلك بعدم التردد في دعم سلفا كير بتنفيذ الاتفاقات كاملة وأعمال الإتفاقية الإطارية لحل مشكلتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وإعمال إتفاق أبيي المؤقت يوم 20/6/2011 وحلها مشكلة ابيي ودياً بين القبيلتين والابتعاد عن حلول الاتحاد الافريقي والامم المتحدة. دعم سلفا كير بتنفيذ الاتفاقات هو المسار السليم والجسر الصحيح لعبور السودان من المعاناة والحروبات إلى الرفاهية والسلام. والله الموفق