بالقضاء على أمر مخططات المناشط الفنيه و الإبداعية والرياضيه بالمدارس و الجامعات من الجهة الرسمية الممثله في الدوله و إنحصار أمرها على الجمعيات الطلابية والشبابية بحسب حماسهم و إندفاعاتهم الشخصية ، نستطيع القول أن الدولة تغفل تماماً أمر التخطيط النفسي للمنهج العام المرتبط بالتوجيه الفكري والثقافي لعموم شبابنا ، فكل إستراتيجية تنموية كبرى يكون مكمن إنطلاقها العام ضمير الأمة والذي تتبناه مجموعة الأفكار والثقافات والموروثات التي تعكسها إبداعات وفنون المجتمع ، و لما كانت الإستراتيجيات الأمميه الكبرى تحتاج على الدوام إلى مشاعل البعث البشري و إنتاجاته المتعدده المشارب من فكر وفنون و إختراعات ومواهب وعلوم كان من الطبيعي أن توضع مناهج للتوجيه العام للأطفال والشباب تستطيع أن تحتوي في غاياتها ترسيخ القيم المُراد بعثها في المجتمع من خلال التوجيه والتربيه و ذلك عبر إكتشاف المواهب وصقلها في مراحل عمرية مبكرة مما يفيد قدراً عاليا من الإيجابيات، التي تأتي في مقدمتها جودة المنتج الإبداعي والفني أو الرياضي، كما يمكن من خلال تلك المناهج تحديد المقادير الكمية المتعلقة بالنقص الوارد في الكادر الإبداعي في شتى مجالات الإبداع بما فيها الرياضه .. فالدول الآن لا تعرف بتصريحات قياداتها ولا شعارات أحزابها بل ولا بتاريخها المدوَّن .. ولكنها تعرِّف نفسها من خلال فنونها و منتجاتها الإبداعية والفكرية أو بالأحرى ثقافتها المحليه .. والثقافة ضرب من الممارسة الإجتماعية إن لم نضع لها منهجاً يمثل إطاراً عاماً لإحتواء الفنون والإبداعات سيذهب منتجوها من الشباب غير المحصنين (بآحادية المصدر الثقافي كما كان في السابق) إلى غياهب الخلط والتجديد الطامس للهوية الثقافية لهذا الوطن التليد في تاريخه الفني والإبداعي .. فكيف يا سادتي نطلب من المبدعين الشباب الجدد أن يواصلو المسيرة الساطعة لإنجازات الفن السوداني ..دون أن ندفع بين أيديهم في بدايات طفولتهم ودراساتهم الأوليه ما يعينهم على البحث بإستقلال ذاتي عن ما يتكئون عليه في بعث طاقاتهم الإبداعية .. ما تختزنة ذاكرة الشباب اليوم من تفاصيل شكليه وضمنية لمضامين إبداعاتهم في شتى المجالات لم تعد حكراً على ما ينتجه مجتمعنا الوطني من موروثات ثقافيه وفنيه .. فالثقافات الوافده أصبحت بلا عدد ولا يحكمها زمان ولا مكان و هي أقرب إلينا من حبل الوريد إذ أن (عالم الإنترنت يحمله الشباب في جيوبهم متجولين عبر الهاتف السيار) .. فأين لنا من خيار غير أن نقدم ما سلف من فنون وإبداعات هذا الشعب لشبابنا في قالب قشيب وجاذب يستطيع أن ينافس مجموعة الثقافات الوافدة التي يمكن أن تصبح جزءاً من لبنات البناء الثقافي والفني والإبداعي لهذه الأمة مما سيؤدي إلى مثول داء التشويه والفناء التدريجي للهوية الثقافية والفنية للأمه ... هذا نداء إنساني عميق لأولي الأمر أن أعيدوا منهج المناشط الفنيه والرياضيه في المدارس بغير ذلك لا يمكن تأطير خيال شبابنا الفني والإبداعي بمجموعة القيم والموروثات والثقافات التاريخية لهذا الشعب العظيم.