قلل خبراء اقتصاديون من تأثر السودان من تداعيات أزمة الموازنة الأمريكية التي ألقت بظلالها على المشهد العربي والأمريكي نفسه خلال الأيام الماضية لعدم وجود التبادل التجاري بين السودان وأمريكا وبسبب الحظر الاقتصادي، متوقعين أن يكون أثر الأزمة إيجابياً على السودان وسيادة عملة الدولار بالسوق رغم الأزمة، وتوقعوا انخفاض حجم المعونات الأمريكية والمنظمات على بعض الدول، مشيرين إلى تأثر الدول المصدرة للنفط والغاز بالأزمة التي طالت البورصات العربية والعديد من القطاعات في المنطقة مما تسبب في خسائر اقتصادية والتي تؤدي إلى التراجع في النمو الاقتصادي على المشهد العربي وبالأخص الأمريكي الذي أجبر على تعطيل العديد من الخدمات العامة وإعطاء الموظفين إجازات مفتوحة دون أجور لحين انتهاء الأزمة، وقال د. عادل عبدالعزيز الخبير الاقتصادي ل(آخر لحظة) إن أي أزمة تصيب الاقتصاد الأمريكي تؤثر على مجمل دول العالم بنسب متفاوتة وإن الدول العربية المصدرة للنفط والغاز سوف تتأثر إذا ما انخفضت أسعار النفط والغاز بسبب إحجام المستهلك الأمريكي عن استهلاك هاتين السلعتين وبالتالي سوف تتأثر هذه الميزانيات في هذه الدول التي يمثل العائد من البترول ومشتقاته النسبة الأكبر فيها، مؤكداً أن الأزمة أثرها في السودان سيكون ضئيلاً، لافتاً الآن لا نقوم بتصدير البترول بكميات كبيرة عكس ما كان عليه الأمر في الأعوام (2006 - 2007 - 2008م)، حيث كانت صادراتنا من البترول هي المورد الأهم، واستدرك قائلاً ربما يكون هنالك أثر على المعونات التي تقدم عبر المعونة الأمريكية والمنظمات الأمريكية في مناطق دارفور وأجزاء أخرى من السودان، لأن المتوقع انخفاض حجم هذه المعونات بسبب أزمة الميزانية الأمريكية، وأضاف عموماً اندماج الاقتصاد السودان في الاقتصاد العالمي هو الأقل مما كان عليه قبل خمس سنوات، لهذا فإن آثار الأزمات الدولية والعالمية من المحتمل أن تكون أقل على الاقتصاد السوداني مما كانت عليه سابقاً، أما فيما يتعلق بسيادة عملة الدولار رغم الأزمة أبان أن عملة الدولار تعتبر عملة أساسية في التجارة الدولية والذي استقر لأكثر من 50 عاماً وأن تغييره بأي عملة أخرى ليس من السهولة ولا يمكن تطبيقه بصورة مباشرة أو فورية خصوصاً أن العملات الأخرى التي يمكن أن تحل محله مثل اليورو الأوربي والين الياباني هي نفسها الآن في أوضاع غير مستقرة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية واستمرار العجز في معظم الدول الأوربية. ولم يذهب الخبير الاقتصادي د. محمد الناير بعيداً عن حديث د. عبدالعزيز حيث أشار إلى أن المشهد قد أصبح في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر تعقيداً بسبب الديون السيادية فيها التي بلغت 17 تريليون دولار فاقت الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا وأن هنالك مخاطر في استمرار عجز الموازنة وأن الإجراءات التي يجب أن تتبع صعبة، ويمضي أن في الكونغرس الجمهوريين لا يريدون المساس بالطبقة الفنية أو فرض ضرائب جديدة عليها، أما الديمقراطيون يحافظون على الرعاية الأولية والاجتماعية الأمر الذي أدى لوجود تعقيد في الموازنة الأمريكية التي لم تجز حتى الآن وظهور صعوبات قللت من قدرة أمريكا على الوفاء بالديون السيادية وأن هذه الخطوة تؤثر على العديد من الدول خاصة التي لديها سندات مالية بأمريكا وكذلك الدول العربية التي تعتبر أوربا الملاذ الآمن في الاستثمارات وعلى أسواق المال، وتنعكس أيضاً على البورصات العالمية وطالب الخبير الناير الدول العربية بعدم الاستثمار في الغرب، كاشفاً بالنسبة للسودان أن الأثر لن يكون بحجم تأثير الدول العربية الخليجية التي لها سندات مالية ضخمة في خزانات أمريكا، مؤكداً أن الأثر بالنسبة للسودان سيكون أقل لعدم تعامله مع أمريكا خاصة بسبب الحظر الاقتصادي الذي قد يكون سبباً في نجاة السودان من التأثير المباشر بالأزمة الأمريكية والتي قد تكون موجبة، متوقعاً علو أسواق الدولار وقد لا يصبح عملة قياس عالمية والتي يقاس عليها معدن الذهب والنفط، وقال إن المرحلة القادمة قد تطالب الدول النامية ومجموعة البركس بشدة بأن لا يصبح الدولار عملة عالمية يقاس عليها، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار عملة قياس عالمية جديدة، وفي ذات الإطار أكد د. أحمد محمد الجاك الخبير الاقتصادي ومستشار تربية الدواجن أن الأزمة الاقتصادية سوف تتأثر بها الدول التي لها ارتباط عضوي وسياسي واقتصادي مباشر بالأحوال الاقتصادية الأمريكية أو الدول التي عندها تبادل تجاري واسع مع الولاياتالمتحدة، مشيراً إلى أن التأثير الأقوى سيكون على أمريكا والثاني مع الدول المرتبطة بها وأن التأثير الأقل سيكون على الدول غير المرتبطة بالولاياتالمتحدةالأمريكية سياسياً أو اقتصادياً، مبيناً بما أن السودان بعلاقاته السياسية والاقتصادية ليس لديه البعد الإستراتيجي العميق لذلك الأزمة الموجودة في أمريكا لن يكون لها التأثير البالغ على الأوضاع الاقتصادية في السودان نسبة لعدم وجود تبادل تجاري مع أمريكا فيما يتعلق بالإنتاج الحيواني أو الزراعي إلا السلع المنتقاة مثل الصمغ العربي لذلك اعتقد الجاك أن تداعيات الاقتصاد الأمريكي لن يكون لها تأثير مباشر على السودان. وحذر صندوق النقد الدولي في تقريره من تراجع النمو الاقتصادي لجنوب أفريقيا واعتبر أن النمو الاقتصادي الضعيف لجنوب أفريقيا لا يعود إلى الوضع العالمي لأن القضايا المحلية مثل نزاعات العمل وحالة الشك السياسي هي التي تحد من النمو والاستثمار، وقال إن جنوب أفريقيا تواجه نمواً ضعيفاً وبطالة واسعة واعتماداً كبيراً على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية وإن المتطمور الاقتصادي العالمي الضعيف ليس عاملاً مساعداً لكن البلاد بحاجة في نهاية الأمر لانتهاج إصلاحات هيكلية للدفع بالنمو واستحداث فرص العمل، وتوقعت المؤسسة المالية العالمية تراجع معدل النمو 4% العام الجاري قبل ارتفاعه بشكل طفيف ليصل إلى نسبة تتراوح من 3 إلى 3.5% خلال السنوات القليلة القادمة، ولاحظ التقرير أن تنفيذ الخطة الوطنية للتنمية من قبل الحكومة ومقترحات الاتفاق المكثف على البنى التحتية من شأنه الدفع بالنمو الاقتصادي، ورأى أن صندوق النقد الدولي يمكنه استحداث المزيد من فرص العمل إذا أصبح النمو الاقتصادي أقوى وسوق العمل أكثر مرونة.