تمر الذكرى السنوية لانتفاضة 21 أكتوبر التي أطاحت بالرئيس عبود وتحتفل وسائط الإعلام بالذكرى وينسون صاحب الذكرى المنسية (عبود) والذي في عهده الانقلابي (القصير) شهد ت البلاد حراكا صناعيا وعلاقات دبلوماسية (متينة) مع الدول والهيئات الدولية ، وكلما أطلت هذه الذكري نسي الناس عبود ولا ينبغي أن ينسى مثله لان عهده رغم شموليته وعسكرته ومع ذلك لم يترك مرارات سياسية (متدحرجة ) الي ما لا نهاية ، هذه المقدمة ذكرناها لان انقلاب نميري كمدخل تاريخي يتذكره الناس في العام أكثر من مرة (بمرارة ) ففي يناير يبكي فيه الجمهوريون بحرقة وفي مارس وابريل تغني الأحزاب السياسية (انا في انتظارك يوم تعود) وفي مايو يدندن الناس (أبعاج حليل زمنك) ، وفي يوليو الدموع (بعيون حمراء ) وهو شهر الكوارث والدماء وفيه سنت الأحزاب سنة الاستعانة بالأجنبي ، وسبتمبر معركة (الدين والشريعة) والعدالة الناجزة ، قوانين سبتمبر مسميات، وهكذا كتب التاريخ على نميري وثورته أن تكون حاضرة بذكراها ما بين الدموع والدماء والشهد ،أما الرئيس عبود فكانت سنواته بلا دموع ودماء إلا ليلة (الجامعة) والغريب في أمر السياسة السودانية أن الصيت الإعلامي والاحتفالية بأكتوبر أكبر من ابريل !! ويستدير الزمان ويعيد دورته وتتغير وتنقلب أنظمة الحكم ومازال(الاكتوبريون) يتصارعون منذ 1964 على جسد الوطن ويحلمون بالكرسي رغم أن (الزهايمر) جلس علي عقولهم وهم الآن يتناجون بالسقوط والتغيير ويدندنون (عود لينا يا ليل الفرح)، واستدارة الزمان بذات الوجوه القديمة القابعة في سوق السياسة السودانية الذي تغيرت مفاهيم العمل والانتماء وأدوات الصراع والاستعانة بالخارج وتدويل قضايا الداخل ومابين أكتوبر 1964 وأكتوبر 2013 تقلبات في الفكر والانتماء والتحالفات الداخلية والخارجية وتحولا ت جغرافية في خارطة الوطن وحالة احتقان سياسي أصاب الأحزاب السودانية فتشققت وتبرعمت وتقزمت وصار بعضها تتحدث (بالبندق) ، ومن أشهر قادة أكتوبر الترابي الذي حرك السكون وحماس الطلاب في الجامعة وبعد عقود يكون ذات الترابي عراب لانقلاب عسكري مثيل للذي ثار عليه وتدور عجلة الزمن نحو المفاصلة الشهيرة داخل الحركة الإسلامية السودانية عبر (مذكرة العشرة ) ويجعل القدر (صنديد دار الهاتف ) من العشرة الذين وضعوا مسارين لقطار الإنقاذ (المنشية والقصر) وبينهما فئة اعتزلت واعتذرت وآخرون حملوا سلاحهم وتوجهوا صوب (وادي هور) وفي أكتوبر 2013 وبعد الأحداث الاخيرة تطل مذكرة الاصلاحيين داخل الموتمر الوطني أشهرهم ذات (صنديد دار الهاتف ) يطالبون فيها رئيس حزبهم بخطوات سياسية تتعلق بإدارة أمور الدولة ، ويشكل الحزب لجنة محاسبة والتي تقرر تجميد عضويتهم وبعضهم يهدد بتكوين منبر جديد ، وأغلب الإسلامين يعشقون المنابر عند الخلاف ، فبعد اتفاقية نيفاشا خرج الطيب مصطفي بمنبر السلام العادل واغلبه غاضبون خرجوا من الموتمر الوطني وصبوا الزيت علي نار النعرات واسهم منبرهم في صراع الهويات والتنوع والتحرك في مساحات (الوهن الاجتماعي) والغريب في الأمر أن منبر السلام أنقلب علي عرابه الطيب مصطفى (ففقعوا مرارته) بسحبه من مجلس إدارة الانتباهة وربما (يفيقونه) من (غفلته ) و(ينتبه ) ،فانتبهوا أيها السادة الرمال تسير تحت الأقدام ، أن ما حدث ويحدث وسوف يحدث في الحركة الإسلامية السودانية وامتداداتها (المنابر والموتمر الوطني ) غالبه من فعل أيدي القيادات رغم جراحات الوطن اكبر من الحركة الإسلامية . هنالك علاقة قوية بين ثورة أكتوبر وما تعرضنا له من سيرة تحولات الحركة الإسلامية منذ 21 أكتوبر 64 وحتى تجميد عضوية غازي وآخرون في أكتوبر 2013، وهي (الأمنية) في تكرار أكتوبر من جديد وترقب معارضو الموتمر الوطني ما تفعله الأيام بغازي وإخوته ثم يزيدون عليها بالدعاء( بالكيد في النحور) وهو موقف مختلف عن مشهد ذكرته في هذه المساحة من قبل ولكن أعيده بمناسبة أكتوبر والحركة الإسلامية ، وهي ندوة في يوم 21 أكتوبر 1999م تحدث فيها الأستاذ محمد طه محمد احمد عليه رحمة الله ، الدكتور عبد اللطيف البوني والأستاذ الحاج وراق وكانت داخل قاعة الشهيد الزبير بتنظيم من المركز القومي للإنتاج الإعلامي وكانت الخلافات بين البشير والترابي بدأت تطل للعلن تحدث الحاج وراق عن الحركة الإسلامية أن أي انشقاق أو محاولة انتزاع السلطة منها بالقوة يقود الي تفتيت الوطن لأسباب ذكرها تتعلق بسيطرة الحركة على مفاصل حيوية في الدولة وبعد قو هذا بشهرٍ ويزيد انفجر الوضع داخل الحركة الإسلامية وأسست مذكرة العشرة للمفاصلة وألقت بظلالها على الدولة السودانية وهددت الامن القومي السوداني (مشكلة دارفور / انفصال الجنوب) وغيرها . حافر وصهيل لماذا ترتفع الحناجر عند ما تهل علينا ذكرى أكتوبر المجيد ولا تخفت تلك الأصوات في ذكرى ابريل؟ لماذا تغنينا لأكتوبر ولم نغن لابريل؟ وهل الرئيس عبود (ديكتاتور) وشمولي؟ أليس من الأفضل إنصافه باعتبار عهده المساوي لعمر الديمقراطيات في السودان شهد تطورات في المجال الصناعي ؟ تساؤلات ربما تنصف الرئيس عبود خلاف نميري الذي شاركته كل الأحزاب السودانية في حكمه وبذات القدر أنزل عليها سياط العذاب فهم ما بين الحياء من المشاركة في حكمه والثأر على أيام العذاب.