نعم نحن شعب كريم ومضياف.. وبلدنا هي بلد للجميع.. هي المأوى لمن لا مأوى له، والظل لمن أحرقه الهجير، والأمان لكل خائف، والحنان لكل محروم.. لذلك كان من الطبيعي أن تكون وجهة للجميع، وطبيعي أن نشاهد جيوش الأجانب التي غزت العاصمة والمدن الكبرى على امتداد البلاد وعرضها وبالأخص من دول الجوار.. طبيعي كل ذلك.. ومن الطبيعي أيضاً أن تتبادر للأذهان جملة تساؤلات وعلامات إستفهام حائرة. هل كل الأجانب الموجودين ببلادنا يقيمون بالصورة القانونية.. وهل نتعامل معهم كما تتعامل كل الدول.. بداية من طريقة الدخول وحتى الإقامة والعمل؟ هي أسئلة قد تبدو من غير معنى أو مناسبة.. وقد تكون في نظر البعض غير ذات أهمية.. ولكن بنظرة فاحصة لحال الكثير من الأجانب في بلادنا يدرك أنها أسئلة من الأهمية بمكان.. فجرائم الأجانب أصبحت ظاهرة خطيرة.. ومن يعملون في المهن الهامشية أخطر.. ومنظر نسائهم وفتياتهم في الشارع العام لا يسر.. وهي كلها أسباب جوهرية تجعلنا نتساءل.. ونلفت النظر لقضية مهمة.. فالصورة تحمل الكثير الذي يجب أن نلتفت إليه.. فالكثير من أحياء العاصمة أصبحت دوائر مقفولة لهؤلاء الأجانب.. والكثير من المنازل تجلس أمامها بائعات الشاي.. وما وراء الجدار والستار كان أعظم.. وما يدور بالداخل (أدهى وأمر).. هذا غير الأسواق في المدن الأخرى والأرياف التي أصبحت حكراً لهن.. ولا نظن أن الأمر يتوقف عند بيع الشاي.. فالجواب باين من (عنوانو).. وتكفي نظرة لحال الشباب الضائع الذي يلتف حول (الكفتيرة) وصاحبتها.. لا يأبه بآذان أو صلاة أو أي عمل آخر فيه الفائدة والنفع. لا نريد أن نحمل الموضوع أكثر مما يجب.. ولا نطالب بطرد كل الأجانب لأن فيهم من يقدم لبلادنا وفيهم من يستحق أن نكرمه.. ولسنا نطالب بالتخلي عن شيمنا وموروثاتنا التي تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل.. ولسنا بمعزل عن العالم حتى نقفل أبواب بلادنا في وجه الوافدين.. ولكن يجب أن نتعامل مع الأجانب كما يتعامل العالم.. وأن نبعد فوراً كل من يفتقد أهلية الإقامة أو لا تتوفر شروط منحها عنده.. والمسألة ليست بجديدة ولا تنقص من قدرنا شيئاً.. وما (الكشات) التي تطال السودانيين وغيرهم في كثير من الدول ببعيدة عن السمع.. فهل يا ترى كل هؤلاء الأجانب بالسودان يقيمون بصورة قانونية.. بالطبع ذلك غير معقول ولا منطقي.. لأن المنطق يقول إنه لا قانون يسمح بمزاولة ما يمارسون من مهن.. ولا ممارسات أخرى.. والمنطق يقول إن السلطات تعلم بهذه الممارسات ولكنها تغض الطرف.. ربما لأسباب سياسية أو أخرى لا نعلمها.. ولكن الشيء الذي نعلمه هو أن هؤلاء الأجانب لم يضيفوا لنا شيئاً، وإنما لهم الدور الأكبر في الكثير من الظواهر السالبة التي ضربت المجتمع السوداني في مقتل.. بدءاً من مظاهر التبرج الذي نعلم مخاطره وحتى السرقة والدعارة.. هذا غير أشياء أخرى يعرفها أهل الاقتصاد.. ولا ينبغي للسياسة أن تكون سبباً في هزيمة قيمنا السمحة.. ولا يحق للسياسيين أن يسمحوا بكل ما من شأنه أن يمثل حرباً على الدين.. فما نشاهده هو حرب ظاهرة على ديننا الإسلامي الحنيف وعلى قيمه السمحة.. والنار تبدأ من مستصغر الشرر.. والكرم والشهامة لا تعنيان التساهل.