في آحدى السنوات تعبت من (الحوامة) لي بيوت الحجاج، فكل يوم تصل مجموعة، في الآخر وصلت بت خالتي من الحج وتجمع أهلي للذهاب اليها، وبعد أن وصل بي التعب لمراحل بعيدة فكرت في أن أبحث عن سبب يمكنني من عدم الذهاب أو حتى تأجيله لفترة فقلت لهم أنا ما ماشة هسي، هي جات باركت لي صلاتي ولا صومي!! فقالوا لي دا دخلو بي دا شنو؟ فقلت كلها من أركان الإسلام فإذا هي لم تبارك لي أولا لماذا أذهب لها ضحكوا.. ورغم ذلك ذهبت معهم وهذا ما حدث في هذا العام، فقد بدأت رحلتنا معهم من (المتعجلين) وحتى كتابة هذه السطور، وقد لاحظت أولاً أنهم مبسوطين من حج هذا العام، ولم يشتكوا مثل السنين الماضية، إلا أن سودانير (كفت العين) فقد قصرت في التعامل مع الحجيج من السعودية الى السودان، فبدلاً من أن تتعامل مع أمراء الحج أو المسؤولين في تأجيل التفويج تجاهلت ذلك، وتراكم الحجاج بصورة كبيرة ولم يفوج أحد في الموعد المحدد له- كل حسب مروته (البقعد والبرقد والصغار يصرخون والكبار يتعبون- حالة تستدعي الرثاء وتوجب الوقوف عندها وحلها بطريقة تزيح الخوف عن المسافرين بسودانير، أما الشيء الأكثر رهقاً لغير الحجاج هي هدية الحجاج- لا اقصد السبحة التي يهديها- ولكن الهدية التي تصل الحجاج بعد العودة، فهي تبدأ بالخروف وتنتهي بالبارد والحلوى وبينهما أشياء كثيرة و(البجيب خروف) يضطر أهل الحاج لعمل عزومة تفوق تكلفتها سعر الخروف، وقد ضحكت عندما سمعت أن فلانة بت علانة في زول جاب ليها خروف بى تبعاتو وطباخو، فقلت في نفسي هذه القضية متطورة وتحتاج لآلية عاجلة لحلها خاصة بعد الحزمة الاقتصادية الأخيرة الشهيرة برفع الدعم عن المحروقات.. فهناك درجة عالية من (السودنة) تمارس في هذه المناسبات التي أصبح الحج فيها في (عضمو) مكلف ولا يستحمل صرفاً إضافياً وظني أننا لابد أن نتدبر في سلوكنا الاستهلاكي ونمطه الذي تغير، خاصة وأن أزمة الاقتصاد عالمية، ولن نقف عند ما هي عليه الآن ولا يسعنا إلا أن نقول في هذه المناسبة حجا مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً وسودانير مستورة.. آمين.