لشاعر مصطفى ود المامور يختط لذاته الأدبية في إطار منتوجه الشعري إسلوباً طالما ما مس بواطن القضايا الحياتيه اليوميه بدراما تلقائيه للواقع النفسي المحيط بعواطف الشخصية الإنسانية، والتي هي في الأصل تجنح دائماً نحو البساطه والتلقائية في تبرير إنتماءاتها عبر خطاب شفيف و مقتضب في نفس الوقت ..إستضافته قناة الخرطوم الفضائيه الإسبوع الماضي في برنامج خاص تحدث فيه عن تجربته الشعرية ببساطته المعهودة و حيائه الجَم و تواضعه المتناهي .. ما يميِّز ود المامور في سنوات خبرته الإبداعيه المديدة في الأعوام القليلة الماضيه تبنيه لمشروع ضخم يندرج تحت شعار (حماية الذوق الغنائي العام لأجيال المستقبل القادمة) ... هو مشروع لو لم أكن أعرف أن الشاعر مصطفى ود المامور هو في حد ذاته مؤسسة ضخمه تسعى على قدمين لحكمت على من تدعي إنجازه من جماعات ومؤسسات بالفشل، لا لأنه مشروع خيالي كما أطلق عليه البعض، بل لأنه مشروع ضخم يحتاج إلى كثير من التضحيات والبذل و أول قائمة صعوباته التمويل المالي والفني أوالتقني لمشاريع العمل الموسيقي الغنائي، بالإضافة إلى حالة التدهور العامه في وسط شركات ومؤسسات الإنتاج الإعلامي التي يحتاجها العمل الإبداعي ( بعد الإنتهاء من عنت الإنتاج) ... للوصول إلى الهدف الأساسي من صناعة الفنون على عمومها وهو هدف (البث والإنتشار) ... إذ أن مجال النشر و البث الموسيقي الفني وبعد تربع الشبكة العنكبوتية بشتى قطاعاتها المعروفة على عرش البث والإنتشار لكثير من المنتجات الأدبيه والفنيه ..إنحصرت دائرة تبنيها في ثُلة القنوات الفضائيه المحلية والإذاعات المتوفرة الآن ...هذه المؤسسات الإعلاميه تعاني أيضاً الكثير من العوائق والصعوبات معظمها متعلق بالصعوبات الماليه جراء الأزمه الإقتصاديه الداخلية والعالمية مما يضطرها إلى تقليص تكاليف الإنتاج بالقدر الذ ينعكس سلباً على (شكل) المنتوج الفني ... ثم لا يبقى بعد ذلك إلا المضمون ... وههنا يراهن شاعرنا الكبير ود المامور على مقارعة الأغنية الهابطة التي كادت أن تسود بحجة المفردة الراقيه الخلوقه والفكرة الشعرية المدهشة والعفيفة والإيقاع الرصين الرشيد الذي يتناسب ووقار إتجاهات المستمع السوداني وذوقه الرفيع، من ناحية أخرى لم يعتبر ود المامور غناء الفنانين الكبار لأغانيه قارباً سريعاً يوصله إلى الإنتشار و لكنه راهن على (طوف) الفنانين الشباب الموهوبين والمحتاجين إلى معاضدة الكبار وأصحاب الخبرات أمثال ود المامور و من شابهه في نهج التواضع الفني مثل الملحن الموسيقار أحمد المك والملحن الفذ بلال عبد الله كانت حلقة مميزه، ثبت فيها نجاح التجربة وإنسيابها عبر خطوات ليست بطيئة ولكنها متئدة وصبوره ... إبدع فيها الفنانين الشباب ..أبوعلامه وعفراء عبد الرضي وإنصاف فتحي وأديب الإمام، وغنوا بآمال الكبار و لغة الذوق الرفيع ... علهم يخلفوا موروثاً نقياً واطعاً وجاذباً يعبر عن جيل اليوم لأجيال الغد.