سيدي النائب الأول لرئيس الجمهورية سلاماً وتوقيراً واحتراماً.. واليوم أمر وغداً أيضاً أمر.. وها هي مركبنا في أعالي البحار.. وها نحن نبحر فوق الغريق.. وأمواج هائلة تضرب الأشرعة في عنف وعنفوان.. وعيوننا مشدودة في فزع ولكن في ثبات وجلد إلى المتوحش من الحيتان.. دعني اليوم أن أكون «مارلون براندو» الذي قاوم الفساد وبعض الظلم في فيلم «تمرد على السفينة بونتي» واليوم نقف بين يديك وأنت تتحدث عن الفساد.. ولأنه حقل مزروع كما الأناناس في الاستوائية بالألغام.. دعنا نقول في ثقة لا يزعزعها ظن ويقين لا يخلخلها شك في إن الفساد هو أجل خطراً وأشد خطورة على الإنقاذ من المعارضة والطابورالخامس وكل الحريات الثورية، بل وحتى من «الناتو» نفسه وما أخطر على أي نظام إذا توهطت وتثبتت في قلوب ونفوس الشعب إن الفساد قد فرط مظلته القاتمة فوق أرض الوطن.. هنا يفقد الشعب كلياً ثقته في القائمين على أمر الرعية.. ولا عجب إن كانت- الآن- كل ونساتنا ونقاشاتنا في «صيوانات العزاء وفي كل تجمعاتنا وخلال وقوفنا في «محطات الحافلات» وحتى داخل الحافلات» عن فساد هذا وفساد ذاك.. وعمارات فلان ومزارع زيد، كان ذلك بالحق أو الباطل.. كان ذاك صدقاً و حقيقة أو بهتاناً وكذباً وافتراء.. أنا نفسي لا ابريء نفسي من «يضل خشمي» في تلك الونسات فأنا أحد العوام وفرد أصيل في قبيلة «الحرافيش». سيدي ها أنت تدخل ساعة الوغى.. ساحة الفساد.. شاهراً سيفك وليته كان وحده.. ولكنك تحمل باليد الأخرى «الميزان» ميزان العدالة.. وذلك عندما قلت وكررت في حوار «أحمد منصور» من له بينة عن فساد عليه أن يقدمها.. وهنا يا فخامة النائب الأول.. نود أن نهديك قصة من قلب سيرة السلف الصالح وتحديداً في عهد أعدل من مشى على الأرض بعد النبي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.. مع الأخذ في الاعتبار أن الحكم الآن يقوم كما ظللتم تؤكدون على ركائز ودعائم شرع الله المطهر.. والقصة تقول: «كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يسير في طرقات المدينة وسط رهط من أصحابه رأى ابن الخطاب داراً تنشأ من الحجر والحصى.. سأل أمير المؤمنين عن صاحب هذه الدار.. أجابوه بأنها لعاملك في البحرين.. هنا قال أمير المؤمنين أبت الدراهم إلا أن تطل بأعناقها ثم عزل العامل والذي هو والي البحرين».. ومن هذه النافذة نقول لك سيدي النائب الأول.. ومن أين لنا نحن «الحرافيش» الأدلة والبراهين.. ومن نحن لنرصد في عيون صقر أي ولوغ في المال العام.. أو أي اختلاس ونهب في أموال المسلمين.. أو أي رشوة عينية أو مادية.. أو أي استغلال نفوذ يقود فاعله إلى الحياة الثرية المترفة.. ومن هو «الحرامي» الغشيم الذي يسرق أو يختلس أو يفسد في ضوء النهار وتحت بؤر الأضواء وأمام عيون الناس.. سيدي النائب الأول.. بما أننا مواطنون صالحون يهمنا أمر هذا الوطن ويفزعنا الفساد ويحز في نفوسنا نهب المال العام.. دعنا لا نكتفي فقط بالتوصيف بل دعنا نصحب عرض الحالة بالعلاج.. والعلاج سيدي الموقر هو تفعيل- وفي صرامة وحديدية- قانون من أين لك هذا.. إن من أين لك هذا سؤال مزلزل.. نأمل أن يطال كل مسؤول «ظهرت» عليه النعمة وتطاول في البنيان وأثرى بعد فقر.. وارتاح بعد رهق.. إما إجابة مقنعة ومنطقية و«حساب» يخضع لقوانين الأرقام والمنطق، وإما طرد من الوظيفة واسترداد المال أو العقار.. نعم هناك شرفاء طالتهم الاتهامات الباطلة الكاذبة، ولكن هناك مفسدون يختبئون خلف عبارات ماكرة فلا تنخدعوا بترديدهم (إن الله يرزق بغير حساب).. قولوا لهم ونعم بالله ولكن أيضاً من أين لكم هذا؟ لك الود والتحايا.