رغم إنني متابع جيد لبرامج الطبخ في الفضائيات ، غير أن العبد لله لا يعرف حتى مجرد سلق البيض ، بالمناسبة الطبخ موهبة ، والرجال في جميع أرجاء العالم موهوبون أكثر من النساء في طبخ المحمر والمشمر والذي منه ، والدليل على ذلك أن أكبر الطهاة وأشهرهم في العالم رجال بشنبات ومن دون شنبات . وأذكر في أيام العزوبية كنا جماعة من أبناء الأهل نقيم في منزل في حي العمارية في جدة أحد أشهر الأحياء القديمة في عروس البحر الاحمر ، وكان جماعتنا من الأهل درجوا على تسليم مفاتيح البيت من جيل لآخر طيلة نحو 60 عاما أو تزيد ، لدرجة انهم أصبحوا من الوجوه المعروفة في ذلك الحي . وما زلت أتذكر أن برنامج إعداد وجبات العشاء كان يدور على الجميع من ساكني البيت بدون إستثناء ، حتى صاحبكم العبد لله رغم غبائه في إعداد أتعس وجبه كان مكلفا بإعداد وجبة العشاء ليلة الخميس من كل إسبوع ، ومن لؤمي كنت في اليوم المخصص لتجهيز وجبة العشاء اضطر مرغما إلى شراء العشاء للجماعة من بقالة أبو هادي ومن مطعم القرموشي وبذلك أخرج من مسألة الحرج لأن محسوبكم العبد لله كما إعترف بعضمة لسانه ميح في الطبخ والذي منه ، وربما يكون من أفشل الطباخين في العالم أجمع ، لكن في المقابل كان أحد أبناء الأهل عنيداً لدرجة أنه كان مثلي فاشلا في الطبخ ورغم ذلك كان يصر على أن يؤدي واجبه في إعداد وجبة العشاء والتي لا تكاد تنزل من الحلق . الشيء المضحك جدا والذي كلما تذكرته أكركر من الضحك ، أن عشاء قريبنا كان يطلق عليه عشاء «وتر وسمر» ، وحكاية وتر وسمر هذه لها مغزي ، والقصة وما فيها أنه قبل ظهور الفضائيات كان هناك برنامج بعنوان « وتر وسمر « في القناة الأولى في التلفزيون السعودي ، وهو من البرامج الشعبية المحببة التي يستضيف فيها الفنان والموسيقار الكبير جميل محمود جوقات من الفنانين الشعبيين لأداء مختلف ألوان الغناء الشعبي ، وكان هذا البرنامج لا يحظي بأي شعبية من قبل سكان البيت ، لذا فقد أطلق رفقة السكن على عشاء صاحبنا لقب وتر وسمر بجدارة . تذكرت يا حلوين حكاية عشاء وتر وسمر ودار سؤال عنيف ولئيم في دماغي الخربان جدا ، فيما إذا كان أحد الطباخين المهرة من الجنوب أو الشمال يمكنه إعداد وجبة ما تخرش المية لإصلاح الفتق الدامي بين السودان ودولة جنوب السودان ، أسال مين يا رب يقدر يطبخ وجبة تعيد التوازن بين البلدين اللدودين ، إنه سؤال بطعم الحنظل ، واحد طبق شطه وصلحوا .