وسلام ووداع يا أحبة.. وكنا في الجبهة التقدمية وبعد أن آلت لنا البلاد من نخلات حلفا للغابات وراء تركاكا.. طبعاً بعد إعادة وحدة السودان.. كنا قد قررنا أن نعود بالسودان إلى ذاك التاريخ الضارب في بطن التاريخ.. يوم 1/1/1956م.. و«الخليل» كان يقول شدواً.. «يا نزلانا أمرقو الذمة كيف بنطاق هوان الأمة» ونحن نقول يا نزلانا ومواطنينا.. وجماهيرنا.. ومعارضة وأحزاب وحتى «إنقاذ» بالله عليكم «أمرقوا الذمة» وأيهما أبهى وأنضر وأكمل وأجمل.. السودان الآن أو ذاك الذي كان في 1/1/1956.. سياسياً واقتصادياً.. واجتماعياً وفنياً.. ومجتمعياً.. وحتى غناء وابتهاجاً وليال مضيئة.. وصباحات مشرقة.. سنعيد ذاك السودان.. سنعيد «مصلحة النقل الميكانيكي».. تلك التي كانت ستوقف تلك الفوضى العارمة الضاربة والتي اجتاحت الوطن.. لن تدخل عربة إلا بعد إذن النقل الميكانيكي.. لن تذهب عربة حكومية واحدة للصيانة في «ورشة» أو مظلة أو «ضل شجرة» من «صناعية القطاع الخاص» لن يضع مسؤول واحد أو وزير واحد «قدمه» في عربة مشتراة من «الكرين» أو دلالة العربات أو عبر سماسرة السيارات.. وبالمناسبة هل سمعتم أو صافحت عيونكم يوماً واحداً إعلاناً عبر الصحف أو الإذاعة يعلن عن رغبة وزارة أو مصلحة في شراء سيارة لوزير أو وكيل عبر عطاءات تختم بالشمع الأحمر؟!.. أيضاً سنعيد السكة الحديد سيرتها الأولى.. تعود كاملة غير منقوصة إلى حضن القطاع العام.. تعود عطبرة مرة أخرى.. ترجمة وتحقيقاً لغنائنا السعيد «يا ورش يا السكة الحديد.. يا مصانع نارا بتقيد».. نعيد مرة أخرى «المخازن والمهمات» تلك التي كانت هي مخزن ومصنع الشعب قاطبة والمخزون الإستراتيجي.. للقوات المسلحة والشرطة.. معدات وملابس و«كابات».. وحتى «اظبلايط».. تعود مرة أخرى المخازن والمهمات.. وهي المسؤول الأول عن «أدراج التلاميذ» وإجلاس التلاميذ.. تعود سواعد آلاف العمال وتعود «صفارة» السادسة صباحاً لتشق فضاء الخرطوم بتنغيمها المدوي عند كل صبح جديد.. يعود مشروع الجزيرة.. تخضر ملايين الأفدنة.. تعود «انحناءة» المزارع القدسية على الأرض التي يشقها ويطعمها بالبذور.. تعود ملايين «البالات» من القطن.. تعود المحالج وصخبها المثمر الرهيب.. يعود دوران المعاصر وهي تسحق تلال البذرة ليتدفق «الزيت» شلالاً روياً.. تعود «التلفونات» التي تربط «التفاتيش» في شبكة محكمة الخيوط.. تعود «التيكو» أو «الأتوس» احلالاً وبديلاً ل«المورس» العتيق.. تعود الخدمة المدنية.. تلك التي كانت أشد دقة من الساعة السويسرية.. لن نمكن أحداً من جماهيرنا جماهير «الجبهة التقدمية» إلا إذا كان مؤهلاً ونظيفاً وأميناً وقوياً.. وكل ذلك عبر «امتحان» ومنافسة و«انترفيو» بلا واسطة غير واسطة شهاداته الموثقة والأصلية.. ولن نغفل الإنسان.. مرة أخرى نبذل جهداً سخياً لصياغة وجدانه السليم.. عبر «المسرح» المسؤول.. عبر الكلمة والحرف البديع.. نعطي كل «العجين» لكل خباز ولن ندعه يأكل حتى «فتفوتة» منه.. أيها الأحبة.. بالله عليكم جربونا لمدة عامين ولن تندموا أبداً.. واعلموا أن كثيراً منا لا مانع لديه بأن يعمل براتب الحد الأدنى من الأجور وكثيراً منا لا يرغب مطلقاً في «سيارة الوزير» وكثيراً منا لن يتنازل عن متعة التنقل بالمواصلات فقد أدمنا الحافلات..