ü فرحنا «قليلاً» رغم أن مساحات الفرح أضحت «ضيقة» في هذا البلد!! فرحنا وانتشينا طرباً بالحركة الدؤوبة التي تنتظم عطبرة هذه الأيامب الأنباء المتلاحقة بقرب تشغيل قطارات ركاب حديثه على خط الخرطومعطبرة كمقدمة لعودة الروح للسكة حديد التي «شيعت» إهمالاً مقصوداً ومتعمداً في السنوات والعقود الأخيرة!! ü السكة حديد قصة حزينة مؤلمة تجذرت في وجدان الشعب السوداني وهو يرى محطاتها وقد آلت إلى خراب ينعق في شقوقها البوم.. ü سقد كانت ذات يوم حركة دؤوبة ونشطة تنقل المسافرين والبضاعة وتنقل الحياة ومعاني الوحدة والسلام والتعايش بين مكونات السودان المختلفة!! ü لقد بكى الناس حال السكة الحديد وتساءلت الأجيال المتعاقبة من قتل الناقل الوطني؟ ومن هو «صاحب» المصلحة الحقيقية في هذه «الجريمة» البشعة النكراء.. لقد ارتبط ميلاد السكة الحديد بالاستعمار وأدخلها كهدف رئيسي لتوطيد أركان حكمه ولكنه سخرها من بعد للتنمية ولنقل الصادرات والواردات.. ولكنها لم تتوقف عند هذا الدور بل إنها حققت أهدافاً أضافية لم تكن تخطر على البال فقد ارتبط قيامها بنهضة كثير من المدن السودانية كعطبرة وبابنوسة ونيالا وواو وهيا وجبيت.. بل إنها مدت المناطق التي تقع على «خطها» بمياه الشرب العذبة وتوصيل الإمداد الكهربائي من مولداتها الضخمة المنتشرة نحو العديد من المناطق النائية. ü قامت على «ضفاف» نهر السكة حديد الأندية الثقافية والرياضية ونشأت المدارس والمراكز الصحية و الصيدليات.. وحفظت لوقت قريب التوازن المطلوب بين المدينة والقرية ü كانت واحدة من دعامات الوحدة والأمن والاستقرار!! كل هذا تم «شطبه» بجرة قلم وبفعل فاعل «خفي» ومستتر لن يجد للأسف من يحاسبه ويقتص منه «حق » أبناء السودان في هذه الخسارة الفادحة!! ü لقد تناول الناس الكثير من قصص الإهمال الشنيع والتردي الذي لحق بالسكة حديد.. ولعلنا نذكر قصة القطار التي وقعت قبل سنتين شمال الخرطوم بحري لقد انقلب قطار البضاعة القادم من عطبرة وتجمع المارة حول عربات القطار المبعثرة على الأرض فأمامها لم توجد قضبان حديدية تسير عليها.. فقد كان المنظر كما لخصه الزميل «أسامة عوض الله» في مجلة «الأهرام العربي» يمثل مشهد شخص عملاق فارع طويل الساقين كان يسير في طريق وفجأة انقطع الطريق وهو لا يدري فوقع في هاوية لا قرار لها وسقط مغشياً عليه وهو ممدد الطول.. متقطع الأوصال.. مهدود الحيل.. خائر القوى.. لقد سرق اللصوص القضبان وبعد ذلك وجدت الشرطة القضبان معروضة للبيع بالكيلو في أحد الأسواق!! ü مثل هذه القصص كثيرة فلقد حكمت إحدى محاكم ولاية نهر النيل على لصوص سرقوا خطوطاً مماثلة بالإعدام!! لقد أهملت الحكومات السكة حديد فتهالكت البنية التحتية للقضبان والوابورات الساحبة والعربات وتدهورت الورش حتى صارت لا تقوى على الصيانة والتأهيل لما أفسده الدهر!! ü لقد وقفت بنفسي على هذه الحالة ولم أصدق أن هذه ورش عطبرة التي كانت ملء ا لسمع والبصر!! ü نعم فرحنا ونحن نرى خطوات يقوم بها وزير النقل الدكتور أحمد بابكر نهار ومدير السكة حديد المهندس مكاوي محمد عوض.. وهما يعلنان ضربة البداية في مشوار الألف ميل بعودة قطارات الركاب السريعة والمكندشة. ü نعم فرحنا بالمولود الجديد ولكننا نخشى عليه من كيد المتآمرين ومن «مافيا المصالح» الدفينة الذين يرون في عودة السكة حديد تهديداً لمصالحهم!! وهي مصالح للأسف الشديد اغتالت الشعب السوداني أكثر من مرة!! ü لا يكفي ما يقوم به نهار ومكاوي من مجهود الأمر في حاجة لإعلان سياسي واضح من الدولة بإعادة تأهيل السكة حديد وحمايتها من «التآمر» التاريخي المعروف!! ü قال طارق جويلي إنه شعر بفرح طاغي عندما وجد إحدى جدران مدينة عطبرة تتزين بمقطع من أغنية عطبرة لفرقة عقد الجلاد يقول (إنتي محطة الوطن الكبير)!!