كانت مساحات في التعبير عن الرأي اغتنمها الصديق كمال عمر المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الشعبي حينما أتيحت له الفرصة عبر برنامج (حتى تكتمل الصورة) الذي يقدمه على الهواء مباشرة الزميل العزيز الطاهر حسن التوم الذي استضاف البروف إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية مساء الاثنين الماضي في حوار جرئ وشامل لكل قضايا الراهن السياسي ازداد حراكاً وتشويقاً بمداخلة كمال عمر التي اتسمت بالتشدد والانفصال، وهو يصف المؤتمر الوطني بالحزب الفاشل وأن الحكومة الجديدة لا يرجى منها شيئاً، وما هي إلا تغيير في الشخوص لتستمر كل السياسات الخاطئة والتي كانت جديرة بالتغيير الكامل وذهب الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي لابعد من ذلك، بل تجاوز كل الخطوط الحمراء وعلى الهواء مباشرة حينما طالب باسقاط النظام القائم، مؤكداً بأنهم يعملون ليل نهار من أجل تعبئة الشارع السوداني للثورة الشعبية التي يجب أن تطيح بحكم حزب المؤتمر الوطني ، الذي فشل- على حد قوله- وفي الجانب الآخر كان بروفيسور غندور هادئاً ومتحملاً لكل مفردات كمال عمر القاسية دون أن يقاطعه كما جرت العادة في مثل تلك الحوارات المباشرة، والتي في كثير من الأحيان كانت تقطع لأسباب فنية أو ردود محرجة للمتداخل الذي يتجاوز حدود الموضوعية في تناوله للشأن السياسي، ولكن بروفيسور غندور كان حاضراً بقوة وموضوعية في كل إفاداته وأطروحاته التي أراها جديدة ومقبولة لدى كافة قطاعات الشعب السوداني، حيث أكد مساعد رئيس الجمهورية أهمية الحوار الشفاف بين كل القوى السياسية وصولاً إلى وفاق وإجماع وطني يدعم الإستقرار واستدامة السلام في كل ربوع الوطن، وحينما طالب كمال عمر بقيام حكومة انتقالية عريضة تشارك فيها كل الأحزاب لم تجد تلك الرغبة رفضاً قاطعاً من البروف الذي ذكر بأن ذلك الحديث مقبول ولكنه في غير أوانه وسابق لخطوات سياسية وترتيبات تتعلق بالحوار وصولاً إلى توافق بين كل مكونات الشعب السوداني وبعد إجراء الانتخابات القادمة وعموماً كانت المناقشات حيوية وفي الهواء الطلق، وكانت حريات العهد الجديد الذي بشرنا به رئيس الجمهورية حاضرة، وانطلق كمال عمر يعبر عن رأي حزبه في القنوات الفضائية الرسمية بعد أن كان يصيح في تلك المساحات الضيقة، وبالتالي فإني أرى بأن رياح التغيير في السياسات الحكومية قد هبت وأن طريق الإصلاح يبدأ بالحريات وقبول الآخر، وأن ما وجده كمال عمر في ذلك اليوم يؤكد بأن الطريق قد صار سالكاً في اتجاه الدولة السودانية الجديدة التي تكفل للجميع حرية التعبير التي لا تفسد للود قضية، وكذلك استبشرنا خيراً بأريحية البروف وسعة صدره وتفاؤله وصبره على تحمل الرأي الآخر وبردوده المقنعة تماماً لكل الذي تابع إفاداته المنطقية والموضوعية التي خلصت إلى أهمية الإجماع الوطني للنهوض بالسودان نحو مستقبل واعد، وأقول لصديقي كمال عمر أن هامش الحريات الذي مارسته في ذلك اليوم قل ما تجده في كثير من دول العالم وأنت تطالب بإسقاط النظام.