مررت غرب جامع الخرطوم الكبير وذكريات الستينيات وشطر البيت «هل عرفت الدار بعد توهم» تذكرت عندما كنا نرتاد جريدة الميثاق التي كان يقوم بتحريرها المرحوم يس عمر الامام وعبد الرحيم حمدي وزين العابدين الركابي والشاب عبد الرحمن الزومة. كنا نرى الركابي يتزاحم مع الركاب ليركب الباصات الشعبية الى ميدان السجانة الذي ستقام فيه ليلة سياسية شيوعية بقيادة عبد الخالق والشفيع وعابدين وفاروق كان جيل الانقاذ الاول يركبون المواصلات الشعبية مع عامة الشعب من جيوبهم الخاصة ويذهبون لكي يفندوا في مقالاتهم غداً في جريدة الميثاق سموم المتحدثين من الشيوعيين. وفي نفس الوقت كانت الاخت سعاد الفاتح في منبر معهد المعلمين العالي تفند وتفضح عقيدة الشيوعيين الالحادية ونظرتهم الإباحية في الشرف التي لم يسلم من قولهم حتى آل البيت. في ذلك الزمن كان الاخوان المسلمون في أوج قوتهم «الترابطية والتضحية والفدائية» كما اني لا أخفي في ذلك الزمن ما تنبأ به «محمود محمد طه- صاحب الحزب الجمهوري» عندما قال.. «الاخوان المسلمون سوف ينتهون عندما يستلمون حكم البلاد!» وكأن نبوءة ذلك المتنبيء تكاد ان تتحقق اليوم. ومما يحزن له القلب! ويدمي له الفؤاد ان نرى أفراداً داخل المؤتمر الوطني وهم اخوة لنا في طريق تحكيم كتاب الله في الأرض. ما لنا نرى بعضهم يسيرون في طريق التفرقة التي تؤدي الى الضعف والزوال. وبعضهم استطاب لهم التمكين فلا ينظرون إلا من الاستعلائية والانفراد بكل شيء فهم بذلك يربون الضغائن والحقد الذي يؤدي الى التفرقة والضعف والزوال. اخوتي أين أنتم من جيل الستينيات..؟ الذين كانوا يركبون المواصلات الشعبية مع عامة الشعب! لأنهم تربوا بأدب الاسر المدرسية وبكتب معالم في الطريق وجاهلية القرن العشرين ووصايا حسن البنا. كانوا اخوة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وكانوا حزمة واحدة معصومة من التفرقة بفضل التربية الاخوانية الرشيدة التي من دعائمها «التضحية والترابط والطاعة للجماعة» مالي أراكم تتفرقون كما تفرقت أيادي سبأ عندما انهار سد مأرب العظيم. اما قولنا عن المذكرة الاصلاحية التي رفعها اخوة لنا في المؤتمر الوطني لرئيس الجمهورية. اننا نحمل اصحاب المذكرة التفرقة لأن مذكرتهم تسير بنا في طريق التفرقة، وايضاً نحمل أصحاب القرار النافذ في المؤتمر الوطني التفرقة لأن استعلاءهم وعدم الحوار مع زملائهم ايضاً يؤدي الى التفرقة. إذن كل منهما له يد في التفرقة وكلاهما له أخطاء جمة واليكم اخطاءهم.. اخطاء اصحاب المذكرة الاصلاحية: 1/ انها رفعت في حالة عدم استقرار امني مع توقيت المظاهرات التخريبية، وهي بلا شك دفعة قوية في صالح المعارضة والجبهة الثورية والحاقدين، وهذا ما لا نقره أبداً ونستنكره. 2/ هذه المذكرة مكسب وقوة للمعارضة لانها تؤيد حجتهم بفساد حكم المؤتمر الوطني وحجتهم «وشهد شاهد من أهلها» انتم أصحاب المذكرة. 3/ أصحاب المذكرة يقولون إن مذكرتهم اصلاحية ولكنها في حقيقة امر تقديمها هي أقرب للدعوة للتظاهرات واسقاط الحكم منها للإصلاح. 4/ أن خروجهم وعدم اتباع المسير حسب السلسلة الادارية ووفق أطر قواعد المؤسسية الحزبية تكون مثل الخمر ضررها أكثر من نفعها. 5/ نشم في مذكرتهم تبني حراك اليسار والمعارضة والجبهة الثورية واضحاً في مذكرتهم- مثل اطلاق الحريات ومحاسبة المتورطين في الأحداث الأخيرة، وهي اشارة غير مباشرة لحكومة المؤتمر الوطني بأنها متورطة. 6/ تصريح الناطق باسمهم د. أسامة توفيق «نرغب التنسيق مع المهدي والترابي» وهو يدل على رغبتهم في الانتماء الى تجمع المعارضة العلمانية التي يرأسها الشيوعي فاروق أبو عيسى، وهذه ردة ورجوع عن تحكيم كتاب الله. 7/ ان طرح آرائهم على أجهزة الاعلام الصحفية والاسفيرية تدل على أنهم لا يحكمون عقولهم بل يحكمون العواطف الحمقاء التي تزيد الثوب فتقاً. وليس هذا من الحكمة ولا من السياسة الرشيدة. 8/ والقشة التي قصمت ظهر البعير هو اعلان غازي بتكوين حزب جديد لهم. أين أنتم من اخوان الأمس الذين صقلتهم تربية الأسر ووصايا حسن البنا التي قوامها التضحية والترابط والطاعة للجماعة واحسرتاه..! تفرقت ايادي سبأ. اما أخطاء المؤتمر الوطني فهي: 1/ الذين قدموا المذكرة لا نشك بأنهم اخوة لنا في المؤتمر الوطني، ويجب علينا مناقشة مذكرتهم بحكمة لأن لهم تاريخ وأيادي على المؤتمر الوطني، من أعمال وتضحيات ظاهرة كان على الحزب أن ينظر اليها بعين الإعتبار وسالف تضحياتهم. 2/ لا نشك ان دعوتهم كانت للإصلاح، ولكنها كانت بطريقة عرجاء كما ذكرنا آنفاً. وسبحان من لا يخطيء ورب العزة تجاوز عن سيئات من عمل عملاً صالحاً وآخر سيئاً. فنحن البشر يجب ان نتجاوز عن سيئات اخوتنا. 3/ أما قول الحزب في الذين تم توقيفهم «من أراد منهم ان يعود الى الحزب لابد ان يعتذر!» وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الاستعلاء في اسمى معانيه.. وايضاً يدل على أن الحزب عزم على طلاقهم( طلاق بينونة كبرى) لا رجعة فيها وهذا ما يزيد من التفرقة والحقد وليس من الحكم الرشيد. 4/ أرى أن المؤتمر يسير على نبوة «محمود محمد طه صاحب الحزب الجمهوري» التي قال فيها «ان الاخوان المسلمون سوف ينتهون عندما يتسلمون حكم البلاد» والدليل على ذلك وقفة الرابع من رمضان التي أدت الى تقسيم المؤتمر الوطني الى نصفين «مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي». 5/ وايضاً مذكرة السائحين التي مرت بسلام ولكن رغم ذلك تحمل في داخلها مرارات التهميش لتضحياتهم الجسام وانهم عوملوا معاملة الشيوعيين «مغفل نافع». 6/ ثم قاصمة الظهر مذكرة غازي واصحابه التصحيحية أرى ان كل هذه المذكرات دوافعها الخفية «التهميش التهميش» للذين جاهدوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل المؤتمر الوطني. أرى من الانصاف ان يكونوا في الصورة بل من الحق أن يكونوا شركاء. 7/ كما يجب علينا ان ننظر لمذكرتهم بالظن الحسن بأنهم كانوا مشفقين على حكومة حزبهم من عواقب الجراحة الاقتصادية القاسية التي ربما تؤدي الى موارد التهلكة ولهذا يجب ألا نلومهم على النصح ولكن نلومهم على توقيتها الخطأ. 8/ فليعلم إخوتنا أصحاب القرار النافذ في المؤتمر الوطني لولا ستر الله علينا الذي وقانا من السقوط بسبب هذه الجراحة القاسية لكنا في خبر كان. ولتعلموا أن السبب الرئيسي في نجاح الجراحة القاسية ليس قبضة الدولة الحديدية بل ان السبب الرئيسي الذي جعل الشعب الواعي لا يتفاعل مع المظاهرات هو أنهم يدركون جيداً ان البديل لحكم البشير ليس حزب الأمة ولا حزب الوطني الاتحادي ولا الحزب الشيوعي بل سيكون البديل لا محالة هو الجبهة الثورية بقيادة جبريل ومناوي والحلو وعرمان الذين يحملون أحقاداً عنصرية، وتصفيات جسدية معدة وجلاء لكل عنصر عربي مسلم في السودان.وأخيراً اخوتي جميعاً في المؤتمر الوطني.. ان حراك التفرقة داخل المؤتمر الوطني التي يديرها ابناؤه تجعلني أكاد أصدق نبوة المتنبيء محمود محمد طه في الاخوان المسلمين السالفة الذكر. كما تذكرني برؤية الشوم التي قال قائلها.. نوره شافت في رؤاها.. طيره تأكل في جناها وحيطة تتمطى وتفلع.. في قفا الزول البناها واعلموا أنكم كغصنًّي شجرة أيهما كسر أوحش صاحبه. والسيف لا يُصان إلا بغمده. ورامي العشيرة يصيبه سهمه سهمه.اقول لمن شال رأسه على كفيه واتى بالمؤتمر الوطني حاكماً وقدم اخوة له اعزاء قرباناً لهذا الحكم. ان الامانة وامر وحدة هذا الحزب في عنقك وليس في لجان المؤتمر الوطني المنتخبة فقد صارت جميعاً شللية «أدرك سعد فقد هلك سعيد». واسأل الله ان يكون عضدك في وحدة صف المؤتمر الوطني قدامي شيوخ المؤتمر الوطني جيل الستينيات والسبعينيات فهم البطانة الصالحة. ü معلم بالمعاش