ü طال الحديث والجدل والأخذ والرد بين المعنيين وغير المعنيين حول مصير أمن الطيران بالسودان، اتجه رأي إلى أن يكون أمن الطيران جزءاً من قوات الشرطة، حيث يعتقد أصحاب هذا الرأي بأنه الأنسب ليكون تحت مظلة تنظيم حكومي يمثل سلطة الدولة، باعتبار أن أمن الطيران مؤسسة حيوية وإستراتيجية تمثل جزءاً مهماً من الدولة. ü أمن الطيران المدني يضم عناصر من ضباط وأفراد مدربين.. وطيلة سنوات خدمتهم التي امتدت لثلاثة عقود منذ إنشائه في العام 1974، ظلوا عرضة لمواجهات عديدة من مختلف الجهات من القوات النظامية والسلطات الأمنية التي تتمتع بالحماية، وذلك ليس لشيء.. إلا أن طبيعة العمل أمنية، ولابد أن تتمتع عناصره بالحماية والقوة، وبالرغم من إنشاء هذه الإدارة لم يشهد العاملون فيها إنصافاً، ولم تحدد تبعيتهم، وظلوا يؤدون واجباتهم بكل تفانٍ واقتدار.. دافعهم الحب والولاء للوطن والواجب، لكن التطورات التي حدثت خلال العقدين السابقين، حيث زادت حركة الطيران بمطار الخرطوم من الشركات الوطنية والأجنبية، والزيادة المضطردة في عدد الركاب المسافرين والقادمين، وحجم الصادر والوارد من البضائع، زادت من أعبائهم وأثقلت كاهلهم بالمسؤولية، وظلوا أيضاً يبذلون مزيداً من الجهد ونكران الذات وكل جهدهم في النجاح الذي حققته إدارة أمن الطيران المدني، ومُنحت به شهادة «التدقيق الدولي» التي تعتبر شهادة فخر وعرفان لأمن الطيران السوداني في العامين «2005-2007». ü يساند خبراء في مجال أمن الطيران الرأي الذي يوصي بتحويل الإدارة لقوة نظامية، على أن يُدعم عناصره بوسائل الحماية التي تمكنهم من القيام بواجباتهم دون أي تدخل وتعد، أو اعتراض من أي جهة.. وفي هذا الصدد ظلت المحاولات تتكرر منذ الثمانينات من القرن الماضي، وجلها إن لم يكن كلها، تتجه إلى تحويل أمن الطيران لقوة شرطة متخصصة تتبع للقوات النظامية. ü في العامين «2003-2004» استلمت قيادات من الشرطة مسؤولية الإدارة بأمن الطيران لفترة قاربت العامين وشرعت في إجراءات التحويل، إلا أن التجربة والمحاولة بآءت بالفشل وقُتلت في مهدها لأسباب غير معروفة، لكن الظاهر منها إحساس العاملين بأمن الطيران بهاجس كيفية سد بعض الثغرات الخاصة بالتقييم والتسكين الوظيفي والحقوق وتقييم الشهادات والخبرات المتراكمة التي تصنف بعض العاملين كخبراء في مجال أمن الطيران، وكذلك مؤهلاتهم العلمية فالغالبية منهم يحملون دبلوم أمن الطيران التخصصي المجاز من التعليم العالي بالسودان ومدة دراسته ثلاث سنوات، الشهادة التي تميز بها العاملون بأمن الطيران دون سواهم على مستوى العالم، وباعتراف أيضاً من جهات الاختصاص بالمنظمات الدولية والإقليمية.. وما زالت عملية التأهيل مستمرة وتتمثل في التدريب للدورات القصيرة داخلياً، وكذلك دورات التدريب المتواصل والمستمر المتنوعة خارج السودان، بالإضافة إلى الدورات الحتمية والتخصصية لأفراد أمن الطيران، فالبعض نال شهادات تقديرية من مؤسسات عالمية تخصصية. ü ومرة أخرى ومنذ أكثر من عام برز اتجاه يقضي بضرورة تحويل أمن الطيران إلى قوة شرطية متخصصة بعد الوقوف ميدانياً على تجارب بعض الدول العربية، ووصلت المقترحات إلى المؤسسة الرئاسية ولمجلس الوزراء الموقر، حيث وجد هذا الاتجاه مباركة واهتمام المؤسسة الرئاسية.. واستبشر العاملون بأمن الطيران خيراً بهذا الاتجاه، وظلوا مترقبين ومنتظرين لقرار رئاسي بتحويل ضباط وأفراد أمن الطيران المدني للقوات النظامية لتخضع لقانون يحميهم ويدرء المخاطر عنهم، خاصة وأحياناً يتعرضون أثناء تأدية واجبهم في المطارات لمواقف تتطلب حماية المهابط والممتلكات والطائرات والمعدات وحماية الركاب المسافرين والقادمين من أي طارئ، كما أن هذا التوجه وجد القبول والرضا من القيادات الشرطية على أعلى مستوياتها. ü ويؤكد العاملون ببواطن الأمور أن من أهم مميزات انضمام أمن الطيران إلى القوات النظامية ضمانه لتأكيد فاعلية أمن الطيران كجهة متخصصة.. وبهذا التحويل يتم قفل ثغرة ظلت تؤرق مضاجع العاملين، ويزول عنهم هاجس الخوف من المستقبل ويتحقق هدف كان منشوداً، وينشأ في السودان تنظيمٌ متخصص لإدارة أمن الطيران تحت قانون نظامي يضمن لعناصره الصلاحية والحماية، بل يعتبر «ضمانة» قوية تشارك في ترسيخ هيبة السلطة ودعماً للأمن القومي بحكم أن أمن الطيران جزء مهم من أمن الدولة..! السؤال المهم هنا كيف تُدار مؤسسة حيوية وإستراتيجية بواسطة شركة أمنية مهما كان نوعها لا تخضع لقانون يستمد قوته من السيادة، علماً بأن الأجواء الجوية السودانية تمثل السيادة، وأن أمن الطيران السوداني من أولى واجباته حماية الأجواء السودانية من أي معتد أثيم؟.