كنت قد ذكرت اني ساستعرض ما ورد في ختام مقالي السابق بأن المخرج الآمن يتم عبر بوابتي المصالحة السياسية الشاملة والمصالحة الاقتصادية الكاملة كما يلي: المصالحة السودانية الشاملة: أولاً: تبدأ المصالحة السياسية الشاملة بالإعتراف بأن السودان اليوم وصل (الميس) وعلى حافة الهاوية، وبالإعتراف هذا تتأكد مصداقية الطرح الذي سيقدمه المؤتمر الوطني كبرنامج وخريطة طريق تخرج الوطن (مما هو فيه الآن) كما قال الأخ الفاضل حاج سليمان رئيس اللجنة العدلية في البرلمان، والذي أضاف في صدق عميق مؤثر قائلاً: لماذا نتصارع على وطن مريض؟ وتزامن هذا الحديث مع حديث آخر شجاع من الأخ العزيز بروفيسور غندور الرجل الخلوق المهذب قال غندور: نعترف بأن هناك أزمة اقتصادية وندرة وغلاء أسعار لا نكابر ولا نغالط بل نعترف بها ونعمل على حلها ونتحمل مسؤولية حدوثها. هذا خطاب جيد وجديد من قيادات المؤتمر الوطني يحقق أرضية جيدة للطرح الذي سيقدم قريباً للنهوض بالوطن من أزماته الحالية في كل الجبهات. ثانياً: وقف الحروب في جنوب كردفان والنيل الأزرق حتى نوقف نزيف المال والدماء، وهذا الأمر يمكن الوصول اليه ببساطة شديدة عبر تنفيذ بنود القرار الأممي 2046، والذي من أهم بنوده تنفيذ الاتفاقية الإطارية الموقعة بين د. نافع وأستاذ عقار في 28/6/2011 والتي بها الوقف الفوري لإطلاق النار في المنطقتين- تسريح الفرقتين 9 و10 ودمجهما واسلحتهما في القوات النظامية السودانية، إذ تؤكد الاتفاقية الاطارية أن بالسودان جيشاً واحداً قومياً، وتتضمن الاتفاقية الاطارية بنداً مهماً بالسماح للحركة الشعبية قطاع الشمال تكوين حزب سياسي وفق القوانين السائدة والمنظمة للأحزاب في جمهورية السودان، ولعل هذا البند كان وما يزال عند البعض العقبة التي تحطمت بها الإطارية بعد ساعات من التوقيع عليها، وقبيل ساعات من الوقف الفوري لإطلاق النار والمحدد فيها بالساعة الثانية عشرة من ليل يوم 30/6/2011، وكان يصادف يوم خميس والإتفاقية تم وأدها في صلاة الجمعة يوم 1/7/2011 بمسجد النور- كافوري، واستمرت الحروب واطلاق النار منذ ذلك اليوم وحتى هذه اللحظة- أي 31 شهراً دون توقف تم خلالها إهدار مليارات الدولارات وآلاف الأرواح. على ذلك وحتى تتأكد المصداقية والرغبة الصادقة في الحل عبر التفاوض، نرى وبالضرورة اختيار عناصر مفاوضة جديدة تجلس برؤى متحررة من قيود التنظيمات الآيدلوجية الملزمة لأعضائها، والتي لا تسمح لها بالتفاوض غير المشروط مع قيادات قطاع الشمال المعروفة بميولها وانتمائها الى آيدلوجيات على طرفي نقيض من آيدلوجيات المفاوضين السابقين، وهم تحديداً الأساتذة ياسر عرمان ومالك عقار وعبد العزيز الحلو وهم معروفون بميولهم اليسارية، ودعوتهم غير المستترة الى العلمانية. المفاوض المتحرر من قيود الآيدلوجيات وثوابت التنظيمات العقائدية (يحسبها) كما يلي: -اذا في مقدور حزب قطاع الشمال الجديد والمسجل رسمياً وفق ضوابط قوانين ولوائح تكوين الأحزاب اقناع الأغلبية من الشعب السوداني بأفكارهم وبرامجهم، وحصولهم على الأغلبية في انتخابات رئاسة الجمهورية والبرلمان، فلماذا الخوف من ذلك وهم سودانيون يحق لهم حكم البلاد بالعملية الديمقراطية السليمة؟ ألم يكن السودان محكوماً حكماً علمانياً منذ الاستقلال وحتى سبتمبر 1983؟ (28) عاماً في حكومات وطنية مسلمة، بل بواسطة أحزاب طائفية دينية، هي الاتحادي والأمة وقادتها زعماء دينيون في المقام الأول، والذين بدأوا في فترة حكمهم الأخيرة وعند التفكير في الدستور الدائم الدعوة الى دستور إسلامي، يحكم بالشريعة بتفويض من الشعب السوداني المنتمي الى أحزابهم، في عملية ديمقراطية تحترم فيها الأقلية رغبة الأغلبية . -نشأة حزب يساري علماني جديد وقوي يتيح فرصة تاريخية لتوحد كل الأحزاب الأخرى غير العلمانية، مثل المؤتمر الوطني- الاتحادي الديمقراطي- الأمة القومي- المؤتمر الشعبي وبقية الأحزاب والطوائف الدينية المسلمة- أي بمعنى آخر (فرز للكيمان) مهم ومطلوب في المرحلة القادمة، والتي سوف تنادي بخلق قوتين في اليمين واليسار تحققان التوازن الديمقراطي المثالي بحكم بلد متنوع مثل السودان. -المؤتمر الوطني في نسخته الجديدة والتي بدأت معالمها تظهر منذ أكثر من شهر سوف يحافظ على أغلبية مقدرة من عضويته، ويزيد عليها ببعض ممن يجلسون على الرصيف في حياد ايجابي. -94% من الشعب السوداني مسلمون بالفطرة موزعون بين الطوائف الدينية- الطرق الصوفية والمشايخ الدينية- 3% حركة اسلامية و3% غير مسلمين بهذه الرؤية الرباعية المذكورة سالفاً يجلس المفاوض الجديد المتحرر من القيود المعوقة للوصول الى اتفاق حاسم مستدام، يجلس وهو مطمئن على أن رغبة الأغلبية من الشعب السوداني سوف تسود وتنتصر في نهاية المطاف، دون أن يتوجس جالساً في طرف كرسي المفاوضات متمترساً في ثوابت لا تحتاج الى انفعال، و(قومة نفس) وفض اجتماعات، فهي ثوابت مدعومة بأغلبية ساحقة عفوية ومنظمة. ثالثاً: العمل على استقرار دارفور، والتي تشير فيها كل تقارير الأممالمتحدة الأخيرة وقبل يومين فقط، أن الأوضاع في دارفور تسير الى أسوأ، وإن الأوضاع تتدهور وأن سلام الدوحة في طريقه الى سلام أبوجا الذي فاقم الأزمة حتى وصلت الى محطة سلام الدوحة، والذي لم يأت بفائدة على أرض الواقع، بل أن أخبار الجمعة 24/1/2014 طالعتنا بخروج آخر الداخلين الى سلام الدوحة بقيادة الأخ بخيت دبجو، والذي اشتكى في بيان رسمي من قصور واضح في تطبيق الاتفاق، وختم بيانه بأن كل الخيارات مفتوحة أمام حركة العدل والمساواة- جناح السلام. -محمد شمباس رئيس بعثة الأممالمتحدة في دارفور قال: إن عام 2013 كان أسوأ عام في تاريخ حروب دارفور عليه يجب العمل على وقف الحروب الممتدة لأكثر من عشرة أعوام وذلك بإعادة كل التفاوض السابق مع أفرع الحركات وضم أصول الحركات الى مفاوضات عقب الاعلان الجرئ بإعادة هيكلة حكم السودان بأعمال حكم فدرالي حقيقي أشبه بحكم جنوب السودان في الفترة من 2005 الى 2011، وذلك في ثمانية أقاليم كبرى هي دارفور- كردفان-جنوب كردفان- الأوسط- الشمالي- الشرقي- النيل الأزرق والخرطوم يكون في كل إقليم حاكم عسكري انتقالي- مجلس تشريعي معين بتوازن عادل في كل اقليم وحكومة خدمات ولفترة انتقالية لا تتجاوز ثلاث سنوات- كل الولايات الحالية تحول الى محافظات، والمحليات الى مجالس بلدية وريفية وتدار المحافظات والمجالس بمحافظين وضباط مجالس من الكوادر الإدارية الحكومية غير السيادية، وفي هذا الأمر خفض غير عادي في مصروفات إدارة الدولة، نسبة لا تقل عن 60% من المصاريف الحالية نحن في أمس الحاجة اليها الآن في ترقية الخدمات خاصة الصحية.رابعاً: بسط الحريات- حرية التعبير- حرية التنظيم وحرية الحراك السياسي والنشاط الحزبي والإجتماعي والوفاق الوطني حول دستور دائم ترتضيه كل الأطراف تجري على أساسه انتخابات حرة بعد ثلاث سنوات. خامساً: حسم مسألة الهوية واعتماد المواطنة فقط أساساً للحقوق والواجبات. سادساً: خلق تنمية وخدمات متوازنة في الأقاليم الجديدة ووضع برامج عاجلة وآجلة للحد من الفقر لخفض نسبة المواطنين تحت خط الفقر الحالية 46% الى 20% خلال الثلاث سنوات الانتقالية. والله الموفق.