الأستاذة آمنة السيدح تحية طيبة قرأت بالأمس ما جاء بتاريخ22/يناير2014م بجريدة آخر لحظة بعمودك(تنظير) تحت عنوان(خنجر اسمه القمح) وبعد أن تجولت بين سطوره رجعت بي الذاكرة الى حوار بين إبنتنا الشرعية(الكسرة).. وإبنتنا بالتبني الفاسد (الرغيفة) نشر بإحدى الصحف اليومية عام 1993، وقد كلفتني الكسرة أن أقوم بالدفاع عنها فالى الحوار: الرغيفة: تنظر الى الكسرة بترفع وازدراء، وتقول أنا خريجة المخابز الآلية والتقليدية وأخرى حرارية، ولي زملاء آخرون يتخرجون من منازلهم ألا ترين كيف علا مقداري وارتفعت أسعاري..! وكان الناس في فترة ما يقفون في الصفوف أمام المخابز منذ الفجر للحصول عليَّ بالبطاقة التموينية وأحياناً من سوق عشوائية. الكسرة: ولكنك لم تتحدثي عن العصر الذهبي الذي كنت فيه أنا سيدة الموقف، وسلطانة المائدة، وملكة الدار. الرغيفة: مهلاً حقيقة لقد كنت في وقت هيمنتك وسلطانك كنت أنا في غاية التعب أملأ الأكياس والطبالي واتجول بعجلات الأفران، وعربات الكارو، في كل الأزقة متشردة أحوم في كل الطرقات، استعطف المارة ليلقوا عليَّ نظرة عطف وحنان ليلتقطوني.. قبل أن أجد طريقي الى براميل البلدية.. أو بطون الحيوانات الضالة.. وهذا جزء قبيح من تاريخي لا أنكره.. وما كنت أود ذكره لولا خوفي منك، ومن لسانك السليط يا كسرة يا مُضِّرة يا متعبة. الكسرة: أنا الرهيفة والنظيفة الظريفة.. وبنت البلد الأصيلة وما دخيلة.. والى الآن عندما أتربع على المائدة ومعي الزملاء ملاح الويكة بالشرموط أو الورق بالشمار فان كل الأيادي تمتد اليَّ في شوق! وتسعد بي، وتقبلني الأفواه!! وأنت لا تجدين من يمد يده اليك. الرغيفة: انا أعترف بأنني أجنبية أماً وأباً، وولدت على ثراكم، وبعد الاستقلال تركني اهلي في حضانتكم ورجعوا الى بلدهم، وذلك جزء من سيرتي الذاتية، يمكن أن يحدثك عنه السادة العلماء بمعهد الأبحاث الغذائية بشمبات لتتعرفي على عراقتي وأصلي وفصلي.. وفي أيام طفولتي بينكم كانت تأخذني قلة من الناس الى منازلهم كنوع من الفاكهة..! وهناك داخل المنازل كنت أجدك كإبنة شرعية لهم يحيطونك بالعناية والحب وتنامين على طبق من السعف مغطى بطبق آخر ملون وجميل.. وكانوا يضعونني بين حناياك كي لا يصيبني الجفاف ولأحتفظ بنداوتي الى اليوم التالي ليتناولوني مع شاي الصباح «باللبن) ولما بلغت سن الرشد سافرت الى بعض مناطق الريف لأقف على ما فيه من عادات وتقاليد، وذهبت الى غرب بلدكم فوجدتهم هناك يستعملون العصيدة الدخنية ويحبونها حباً بالغاً، ولا يرغبون في بديل لها فشددت الرحال الى أرض الشمال فألفيتهم في ود عميق، وحب جارف مع (قراصة القمح).. فعدت الى العاصمة، والتحقت بأفرانها التقليدية، وتمسكنت حتى تمكنت..! ففتحت لي المخابز الآلية والحرارية.. وكلما فتح مخبز ينكسر جبروتك.. ولم يتم كل هذا عن طريق الصدفة، وانما هو أمر مخطط ومدبر قصدت به القضاء التام عليك يا منافستي يا كسرة يا مضرة، وقصدت أيضاً ان أبعد أهلك عن طعامهم الأصيل بتغيير عاداتهم الاستهلاكية.. وقد اوصاني أهلي بذلك منذ طفولتي.. ولكي ألعب هذا الدور بذكاء مستغلة جهل اهلك بأصول اللعبة.. إن اهلي رغم بعد المسافات يمدونني بأسباب بقائي بينكم من خميرة وعجانات ولفافات وأفران ولا انسى عزيزي وحبيبي القمح العامل الرئيسي في حياتي، والذي يستخدمه أهلي في كل بلاد الدنيا كأداة لسلب الشعوب حقها في اتخاذ قراراتها الوطنية، وربما يضربون به الحصار الاقتصادي، ويوم أعلنتم انكم ستمزقون فاتورة القمح، وانكم (ستأكلون مما تزرعون) بلغ بي الحزن حدًا ظننت انه سيودي بحياتي!! وكان أكبر خوفي أن أجد الاهمال وتجدين العناية، ولكن الحمد لله فان الأطباء في المستشفى الاقتصادي قاموا بعملية نقل دم لقمح سوداني اعاد لي عافيتي وهيبتي وسيطرت على الموقف مرة أخرى. الكسرة: هل وصلت بك الجرأة وسوء الأدب ان تلحقي بي الاساءة وتصفيني بالمضرة..! والله سوف أوصي حكومة الانقاذ بأن تصدر فورًا أمرًا بلا تردد بإغلاق جميع المخابز على أن تستثني عشرة مخابز لتقوم بتغطية حاجة السفارات والأجانب والفنادق من الرغيف وبلاش من استيراد دقيق وقمح ومعدات ولتكن البداية أن أي أسرة يجب أن تصنع حاجتها من الكسرة ومن الرغيف داخل المنازل، وكيف تسمي الأسرة منتجة اذا كانت عاجزة عن توفير عدة طرقات من الكسرة، وكمية قليلة من الرغيف لعدد محدود من الأسرة. الرغيفة: تمد لسانها للكسرة وتسألها أين يذهب أصحاب الأفران(الكسرة) الخالق رازق.. ربنا ما شق حنكاً ضيعو يشوفوا ليهم عمل تاني.. ويتركوا الدقيق والعجين للنسوان اصلهن بريدن(اللت والعجن). حاشية: الغريب والمدهش ان أرضنا الطيبة تعطينا بسخاء كل هذه الأنواع من الذرة أدناه «فتريتة بلدية، فتريتة عريانة- فتريتة ود يابس- قدم حمام-هجين- مايو- نقد- صفراء- طابت دبر- فكي مستحي- وسمي بذلك لأنه يحمل الكثير من الحبوب لتقل حمولته ويعطي على استحياء أفبعد كل هذا نأكل من قمح أمريكا؟.. عجبي!!! محمد عبد الرحيم رحمة- أم درمان سكرتير اتحاد أصحاب المخابز سابقا