الإنقلاب الذي حدث في مجتمعنا السوداني يتطلّب وقفة حقيقية من ذوي الإختصاص خاصة في ثقافة (ما نأكل وما نلبس). فثمّة تحوُّلات خطيرة صاحبت هذا التغيير، ولا نريد أن نورد كل ما حدث ولكن في طعامنا تغيير كبير وثقافة (الرغيف) صارت تسيطِّر على (وجبة) الأسرة أيّاً كانت ميسورة الحال أو دون ذلك، وغابت (الكسرة) عن (صينيتنا) ولم تعد بالإقبال الذي كانت تلقاه في ماضينا .. نتتبع عزوف (حرف الرهيفة) عن معانقة (أم رقيقة) بثومها و(شمارها). أجرت (الأهرام اليوم) استبياناً عشوائياً من داخل ميدان جاكسون بالخرطوم فجاءت النتيجة بأن الرجال يحبونها والنساء يتهربن منها. ٭ مكلفة العامل آدم زين الله قال من الصعوبة بمكان تحديد أن تكون (الكسرة) خبزاً يومياً في جدول (الأسرة) لأن تكاليفها مرتفعة وتحتاج لتجهيز كامل عكس (الرغيف) فهو سهل التناول وفي متناول اليد. وأشار إلى أن الرغيف رغم أنه مُنهك لو جاءك (ضيف) إلا أن أولادي يفضلونه عن (الكسرة). ٭ شبع ولكن خديجة عثمان ربة منزل قالت عكس ما قاله آدم فأوضحت أن (الكسرة) فيها الرحمة ووجبة مُشبعة بخلاف (الرغيف) فإن الواحد يمكنه أن يتناولها بشهية عالية ولايحس بالجوع طوال اليوم. وأضافت نعم الرغيف أقل تكلفة ولكن به مُحسِّنات من بدرة وخلافه، ربما تكون ضارة بصحة من يتناولونه، ولكن الكسرة غنية بموادها الغذائية الطبيعية. ٭ زمن مافي من جانبها قالت سوزان رحمة (موظفة) نسبة لأن وقتي في العمل يمتد من الثامنة وحتى الرابعة، وأدخل المنزل الساعة الخامسة أكون منهكه. لذلك عائلتي من العوائل التي تعتمد على (الرغيف) بشكل كبير. مُضيفة كما أنني لا أُحبِّذ (الكسرة) وأيضاً أفراد أسرتي. ويرى عبدالله الزين (ميكانيكي) أن وجود (الكسرة) في (صينية) الوجبة من أهم الأشياء عندي سواءً كانت (رهيفة) أو (عصيدة). ففي بيتنا الحمدلله لا نتعامل مع (الرغيف) إلا نادراً ولا أتناوله إلا هنا في مكان العمل مع وجبة الفول. وإذا كانت هذه الوجبة بالكسرة فهذا هو المراد. ٭ أم تكشو على ذات الإطار تحدث زكريا إبراهيم قائلاً: لا فرق عندي إذا كانت الوجبة فيها (رغيف) أو (كسرة) المهم وجبة (والسلام). رغم أن هناك من يقول أن أصحاب المخابز يضعون فيه (البدرة) إلا أنه خفيف وأقل تكلفة. وأضاف أن المائدة السودانية تقبل الرغيف والكسرة معاً في أي (ملاح) حتى ولو (أم تكشو). وتقول نصرة ناصر أنا من أنصار (الكسرة) ولا أعتقد أن (الرغيف) له فائدة مثلما للكسرة .. وقالت (الكسرة) (بالموية)لا بتغلِّط عليك ولا بتوسِّخ أديك زي مابقولوا، خاصة ونحن في الصيف. وتؤكد نصرة أن الكسرة مفيدة ليست (كالرغيف) فصاحبه يجوع بسرعة غير أن إعدادها صعب. ٭ مستوردة أما حاتم خميس (أعمال حرة) فيقول ليس هناك مشكلة في أن تكون (الكسرة) هي ملكة المائدة فهي وجبة شعبية ولابد من الحفاظ عليها، وقد كنت في (المهجر) ورغم ما يُعرض من طعام مُغري إلا أننا نفضِّل الوجبة الشعبية السودانية. فنذهب إلى المطعم السوداني من أجل كسرة بملاح ويكة أوتقلية لنكسر موضوع (الرغيف دا) مضيفاً اليوم الذي لا أتناول فيه (الكسرة) يكون يوماً مشوّشاً لذلك أفضِّل في الفطور أن تكون (الكسرة) بديلاً للفول التقليدي. ٭ الرغيف أحلى وتخالفه الرأي رزينة مصطفى بقولها (الرغيف أحلى) وأفضِّله على (الكسرة) لأنه اقتصادي ومتوفر في أي مكان ولا أعاني لكي أجده. أما الكسرة فهي مُكلفة و(دايره شُغل) وكلام (كتير) وحتى لا أدخل في (غلاط) مع الذين يحبون الكسرة (ليهم كسرتهم ولنا رغيفنا). ٭ وجبة مفيدة من جانبها تحدثت لنا إختصاصية الأغذية لمياء خليفة قائلة إن (الكسرة) هي الوجبة الشعبية ذائعة الصيت بالنسبة للسودانيين ولايمكن الاستغناء عنها ونحن في الأغذية نرى أن تناولها مفيد رغم أنها من ناحية اقتصادية مكلِّفة لكنها تحتوي على النشا كما أنها خفيفة في المعدة ونسبة الإضافات التي تحدث ل(الرغيف) تحتِّم أن يتناول الفرد (الكسرة) لأنها لا تدخل فيها أي مادة كيميائية وبالطبع أن الأفراد الذي يتناولون الكسرة غذاؤهم خالٍ من أي مادة كيميائية. ومن هذا المنبر أنادي بالرجوع للكسرة لأنها وجبتنا المفضّلة ونعتز بها عن سائر شعوب العالم رغم أن الحبش لهم كسرتهم فلنا كسرتنا.