أبدت قيادات من داخل حركة التحرير والعدالة تضجرها من دور الحركة بعد توقيع السلام، بل وقالت إن السلطة الإقليمية أسهمت في إعاقة تنفيذ الاتفاق بصمتها المفرط وتجاهلها لشأن دارفور وقضاياها، وأقر رئيس مكتب الحركة بالجنينة إبراهيم سليمان بأن الحركة لم تعد موجودة إلا على أجهزة الإعلام في إشارة على ما يبدو لانحصار دورها في مهام مظهرية وشكلية ضاربة بقضية دارفور- ومن المفترض أنها قضيتها الأولى- عرض الحائط، وكأنما حملت البندقية ذات يوم لأجل أن تظهر على وسائل الإعلام. انتقاد ربما دنا من عمق إحاطة الحركة بأهدافها الأساسية، وهاهو أحد قادتها يصفها بعدم تقديم أية تنمية ملموسة لأهل دارفور، كاشفا عن أوضاع مأساوية يعيشها النازحون وازدياد حالات التشرد والفاقد التربوي والأمراض والجهل والفقر، وحذر إبراهيم في رسالة واضحة لمن يهمهم الأمر أن دارفور تضربها حرب قريبة بسبب الجوع، رافضاً بشدة انتقال المساعدات الإنسانية من المنظمات إلى يد الحكومة، وقال إن الحكومة تسعى لطمس معالم الأزمة، مستنجداً بالأحزاب والقوى السياسية لتبني قضية دارفور. وزير الصحة بالولاية القيادي بالحركة أسامة آدم أبكر لم ينكر إحباط المواطنين من الحركة بسبب عدم وجود بوادر للتنمية منذ تولي الحركة ولايتها ولكنه حمّل حكومة المركز ذلك التقصير، مدافعاً بشدة عن الوالي حيدر جاكوما أتيم وقال إنه صادق ولكن يده مغلولة ولا يستطيع تسيير القرارات المالية التي تخص الولاية، مبيناً أن 60%من أهلها نازحون، وأضاف أن ثقة المانحين في حكومة السودان ضعيفة، لذا يتشددون في منح الأموال. مواطنون قالوا إن الوالي لم يقدم لهم شيئاً منذ دخوله دار الولاة ونسي قضية أهله ومعاناتهم، وإنه لم يتفقد المواطنين سيما القابعين منهم في داخل المعسكرات. أسامة طالب الحكومة صراحة لدى لقائه بمكتبه بالجنينة رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ عبد الرحمن ونائبه الفاتح عمر السيد تحمل مسؤولياتهما كاملة تجاه العلاقة التي ارتضياها مع دولة تشاد حسب تعبيره، وأن لا تحملهما للولاية التي وصفها بشحيحة الموارد سيما بعد مناصفتها عقب فصل الولايتين، مشيراً لتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين والمرضى من تشاد إلى الجنينة بغرض المأوى والاستشفاء مما ضرب الجانب الصحي بالولاية بعجز كبير. الشيخ تعهد لأهل دارفور بتبني قضيتهم بعد أن أتى بشخصه ورأى ما رأى من مآسٍ ودمار وقال إنه سيقتلع لهم حقوقهم من الحكومة، ذاكراً أن الحكومة قد خذلت كل من جنح للسلم، معتبراً أن بعض الجماعات المسلحة اخطأت عندما استجابت لنداء الحكومة وفاقمت بذلك من الأزمة ولم تفككها، ولكنه قال في ذات الوقت إن السلاح لن يحل القضية، لأن البندقية تأذى منها كل السودان، وقال إن الحكومة تستمتع بإذلال وإهانة مواطنيها وإنه سيقدم تنويراً لكل الأحزاب المعارضة فور عودته للخرطوم عما يجري في دارفور، سيما بعد أن طالب بعض أهلها الأحزاب بتقديم مبادرة تنهي معاناتهم، معلنين ترحابهم بكل من يأتي إليهم بالأفكار والحل. الشيخ عاد واتهم الحكومة أيضاً بمنعهم من دخول دارفور أو تناول قضيتها وقال أخذت عليهم تعهدات مكتوبة بعدم الاقتراب من هذا الملف، ولكنه أكد التزامهم بما تعهد به للحكومة وأنه سيوقظ قضية دارفور ولن يدعها تنام كما تريد الحكومة وحملها ما أسماه مسؤولية فتحها الباب للجماعات الإرهابية والمهووسة والقاعدة لدخول البلاد مما أدى لتوسيع الهوة بين أبنائها، بجانب أخذها ميزانيات ولايات ومنحها لولايات أخرى مما أدخل الغبن في النفوس. دكتور الفاتح عمر السيد نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني قال إنهم أتوا لدارفور معرفين وليسوا محرضين، مؤكداً أنهم لن يسمحوا بضياع دارفور في جدال بين الحكومة والمعارضة، ذاكراً أن أبناء دارفور بالحكومة لم يعد قلبهم عليها وعلى أهلها، معلناً دعمهم للولاية بكوادر طبية وأدوية وإنشاء مستشفيات ومجمعات طبية وعلاجية وتسيير قوافل صحية لغرب دارفور. أما الأمين السياسي للحزب مستور أحمد محمد قال ها نحن أتينا لدارفور التي منعنا من دخولها بالأمس ولا تستحي الحكومة لأنها باتت أضعف من أن تخشى، وحذر الأمين الإعلامي أبو بكر يوسف من انهيار شامل للدولة السودانية عبر بروز مداخل عرب عرقية، مطالباً بتحديد قيادات جادة لمعالجة أزمات البلاد بعد تشخيصها بالاتجاه الصحيح، وقال إن الحكومة تكرر ذات السيناريو الذي خرج به الجنوب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.