الطيب أكوج هذه هو اسمه حينما كان السودان والجنوب دولة واحدة عاش سنواته بشمال السودان وكان احد اعضاء محلية ربك ..هو شاب مسلم كان يعمل بشركة سكر عسلاية ولم يحلم يوماً بالعودة إلى جنوب السودان خلق علاقات واسعة مع الجميع بالنيل الابيض بطيبته وحسن معشره وعندما حل اجل الاستفتاء كان من الذين صوتوا للوحدة،وبقى في الشمال ،ولم يدر بخلده انه سوف يكابد ويعاني ..تعرض للخطف من عسلاية بواسطة عربتان حملتاه الى جنوب السودان بعد أن اتهم بانه استخبارات لدكتور لام اكول؛ اطل علينا الطيب في المكتب بعد ان كدنا ننساه وهو يسير بجسم متثاقل ونحيف،حاصرناه ما بين الشوق والدهشة ليروى لنا قصة ما لاقاه.. *** اسمي الطيب اوكوج دينق من مواليد كاكا التجارية عام 1981م جئت الى الشمال في العام 1987م مع بدايات ثورة الانقاذ وبقيت في الشمال مثلي مثل أي مواطن سوداني وسكنت بعسلاية بحكم عمل والدتي ودرست بعسلاية مرحلة الاساس الهجاليج المدرسة والثانوية بربك القديمة ودخلت العمل العام وكنت احد اعضاء محلية الجبلين الكبرى2004-2006 ومحلية ربك ايضاً من 2006- 2010م وكنت ناشطاً سياساً اعمل من اجل مصلحة السودان الموحد . وكنت مواليا لدكتور لام اكول الذي اعتبرته الحركة الشعبية انه موالي لنظام الحكم في السودان وباعتباره معارضا لها ومع الانقسامات التي حدثت في صفوف الحركة الشعبية من جيمس قاي وانشقاق الثوار اضحى الامر متاحاً الكل يحاول ان يستقطب مجموعة حوله في ظل الفوضى .الضاربة في جنوب السودان وحول رحلة الاختطاف من عسلاية يحدثنا الطيب قائلاً :- حضر شخص للمنزل سال عني وعندما علم باني في مكان العمل انتظر هو ومن معه وعندما عدت دخلوا علي في المنزل ليشهروا على اسلحتهم ويطلبوا مني مرافقتهم للعربة بعد ان اخبروني بانهم يعلمون باني اتبع لمجموعة لام اكول وكانت برفقتهم عربتان لاندكروزر مظللة وعربة تاتشر وتم نقلي الى كوستي التي بقيت فيها محبوساً حتى منتصف الليل لنخرج بعدها من كوستي الى ابو جبيهة التي وصلناها منتصف النهاراليوم التالي ونزلنا في منزل احد المواطنيين الذي تم اعتقاله ايضاً ومن ثم تحركنا الى جبال النوبة منطقة الجبال الشرقية ووضعنا في سجن داخل معسكر لابناء النوبة الذين يتبعون لقطاع الشمالوهو معسكر عبارة عن قطاطي،ليتم حبسي ولمدة شهرين من من الثامن من أبريل الى السادس والعشرين من يونيو 2013م.. وتم ترحيلي بعدها الى الجنوب وبالمناسبة العديد من المعتقلين انضموا عنوة الى الحركة الشعبية .. ويواصل أكوج روايته للقصة قائلاً: في اعالي النيل وضعت في سجن (كنسية لول) وبعدها جاء افراج عام من الرئيس سلفاكير لكل المعتقلين،ورغم ذلك لم يتم الافراج عني لاني اتبع لدكتور لام اكول حسب تصورهم ،وكان شرطهم الوحيد ان اعلن انضمامي الى الحركةإذا أردت الخروج من المعتقل..! وبقيت 25 يوماً وبعدها جاء احد الضباط الذي كان قائداً بالنيل الازرق ليتحدث معي بأن أعلن إنضمامي للحركة -عندما علمه باني متزوج ووالدتي وابنائي في شمال السودان - حتى يتم الافراج عني وتم فعلا الإفراج ليتم تدريبنا لمدة شهرين على جميع انواع الاسلحة ويواصل الطيب ..عندما نشبت المشاكل والصراعات الأخيرة بين رياك مشار وسلفاكير كنت في معتقل كنسية لول بكدك وعندها تم توزيع الجميع الى ماموريات بمختلف المواقع للمشاركة في إخماد الثورة وكان نصيبي أن أذهب لمنطقة (واو شلك) التابعة لملكال وهناك كان الانشقاق حيث البعض وقف مع رياك واخرون فضلوا البقاء مع سلفاكير ولكن قائدنا فرض علينا ضرورة الانضمام للحركة ورغم هذا ظل الجنود يهربون في الليل وعند سقوط ملكال بقيت بها وكنت ارتدي الزي العسكري الذي استبدلته مع احد المواطنيين بزي (ملكي) حتى لا تتم تصفيتي..! عندها بقيت في ملكال حتى سقوطها وحضور رياك واعلانه لوال جديد عليها وبقيت فيها من الثالث من يناير وحتى الخامس عشر منه .. وخلال هذه الفترة شهدت عددا كبيرا من الناس يقتلون في الكنيسة والمستشفى وواخرين دخلوا الى معسكر للاحتماء ب(الينمويس) تعرضوا أيضا لاطلاق النار قتلت على أثره مجموعة كبيرة من الجنود وحتى المواطنين كانت تتم تصفيتهم ،لتحدث عمليات نهب وسرقة للمخازن ومكاتب منظمة الدعوة الاسلامية والمتاجر وحتى البنوك تم حرقها البنك الكيني وبنك ايفوري .. وأذكر - لازال الحديث يتواصل من أكوج - عند دخول القوات اليوغندية أنني خرجت مع عدد ابناء النوير والشلك ممن كانوا يعرفون الطرق لنصل لمنطقة كدوك ومنها الى ملوط التي تبعد 110كليو ووجدت بها احد قادة ابناء النوير ويحمل رتبة عميد ويدعى (توت) وكان يسمى بقائد برقت وهو مثل اللواء العسكري ومعه قواته التي بلغ عددها 600 ،وكان معهم نساء واطفال وعدد من أبناء الشلك ونزلنا في قسم للشرطة وكان يوجد به قائد يحمل رتبة رقيب ووهو أيضا قد تم تهريبه ليلاً لان قائد المنطقة قرر تصفيته وكانت اقرب منطقة امنة هي ملوط التي تبعد مسيرة اربعة ايام ووصلناها ولم نجد أي مواطنين بالمنطقة ..وفي الطريق كنا نتناول النبق واللالوب والصمغ العربي لنصل بعدها الى جزيرة ..بقينا مختبئن فيها ليومين ووجدنا بها بعض المواطنين يحملون اطفالهم ومنهم من فقد افراد اسرته بسبب الحرب،ومنها وصلت الى ملوط وكان برفقتي ابناء من غرب السودان وتعرضنا للتفتيش وتم اخذ مبالغ ممن كانوا برفقتي،وكنت احتفظ بنقودي داخل حذائي ؛ووصلنابعد التفتيش الى (خور مشك) ونزلنا فيه ليتم ترحيلنا الى الرنك حيث تم تفتيش العربة ..والغريب أنه لم يتم تفتيش الجنوبيينممن كانوا معنا وبعد وصولي للرنك تحركت منها ل(جودة) التي توجهت منها نحو الشمال لأصل الى ابنائي سالماً وانا غير مصدق باني عدت حياً . ووجه الطيب أكوج رسالة للمسؤولين بمعبر جودة بضرورة تسهيل دخول المواطنين عبره لانه مثل معبري النيل الازرق وابو جبيهه ..ويقول أكوج بإن الانفصال لم يكن باختيار هؤلاء المواطنين البسطاء لانهم لا يملكون جوازات سفر وليس لهم المقدرة على الحركة خارج البلاد .. وهناك بالمناسبة قوات بمنطقة (أم جلالة) تحتاج الى تحرك قوات الحكومة لإستعادة عدد من العربات المنهوبة .. وعن عودته للشمال سألناه عن إمكانية عودته مرة أخرى للجنوب..؟! فأقسم أكوج بالله انه لن يفكر في العودة ثانية.. وسوف يعمل على توفيق اوضاعه للاقامة بصورة نهائية ومشروعة في الشمال الذي لم يجد فيه غير طيب معشر وحسن تعامل ..ويواصل الطيب الحديثبأنه يكفي ما شاهده من احداث ومامر به من مصاعب كادت أن تؤدي بحياته.. وختم حديثه بأن عاد للسودان من جديد مقدما دعوته لكل من تسنح له الفرصة بان يعود للشمال ..فهي تعني الامن والسلام الحقيقي..