السبت الثاني من أكتوبر الجاري كان هو بداية الرحلة إلى «مسقط» حاضرة سلطنة عمان الفتية، عن طريق مملكة البحرين التي توجهنا لها من «الخرطوم» عن طريق طيران الخليج عند الثالثة والربع لنصل مطار البحرين عند السادسة والنصف، ونغيِّر الطائرة بأخرى ونغادرها حوالي الثامنة إلا الربع مساءً، ولا فارق في التوقيت بين الخرطوم والبحرين إلا أن جنس الزمان يختلف لأنه لحظة وصولنا كانت الشمس قد غابت تماماً وحل الظلام إلا من بهرج الضوء الكثيف الذي يحيط بنا داخل المطار أو خارجه، وقد علمنا أن فارق التوقيت بين السودان والبحرين وبين سلطنة عمان هو ساعة أخرى، إذ عليك لحظة وصولك إلى مطار مسقط الدولي أن تقدم ساعتك ساعة أخرى. الطائرة التي أقلتنا من البحرين إلى مسقط ضمت مجموعة من كبار الصحفيين، رؤساء تحرير صحف مصرية وكتاب، إلى جانب ممثلين للصحافة اللندنية العربية والصحافة الباكستانية التي سعدتُ بالتعرف خلالها على السيِّد مالك رئيس تحرير إحدى أكبر الصحف الباكستانية والدكتور هيثم الزبيدي رئيس تحرير صحيفة ميدل إيست أونلاين الالكترونية اللندنية، وبالأستاذ محمد أحمد الهوني رئيس تحرير جريدة العرب الدولية التي تصدر في لندن، وهو نجل مؤسسها الراحل الحاج الأستاذ أحمد الصالحين الهوني الذي توفي قبل أشهر قليلة، وكان رحمه الله آخر وزير إعلام في ليبيا قبل الثورة التي قادها في الفاتح من سبتمبر عام 1969م، الأخ القائد العقيد معمر القذافي. قضينا ليلة واحدة في مسقط، كنا أكثر من مائة صحفي من مختلف أنحاء المعمورة بفندق «كونتينيتال» العالمي، وخرجنا قبل العاشرة لنلحق بالطائرة التي أقلتنا إلى «صلالة»، وهي طائرة خاصة استغرقت رحلتها أكثر من ساعة وربع، ولفت أنظارنا اللون الأبيض الذي تتوشح به مباني العاصمة مسقط والخضرة التي تكاد تغطي كل المدينة. من صلالة انطلقت بنا الحافلات الضخمة جنوباً لأكثر من ساعة لنكون ضيوفاً رسميين على حكومة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، ووزارة الإعلام العمانية في فندق ماريوت، ونلبي مساءً دعوة كريمة من السيد حمد بن محمد الراشدي وزير الإعلام لتبدأ صبيحة اليوم التالي (اليوم) مراسم انعقاد مجلس عمان 2010م الذي يخاطبه جلالة السلطان قابوس. سلطنة عمان أجمل بكثير مما توقعت أن تكون.. ولم يكن السودان غائباً عن المشهد إذ أن كثيراً من الصحفيين كانوا يريدون معرفة ما يجري في بلادنا، وليس في كل هذه المجموعة من صحفي سوداني واحد سوى كاتب هذه الزاوية. أول من سألني كان الأستاذ محمد أحمد الهوني، لكن سؤاله الأول كان عن الدكتور الباقر أحمد عبد الله رئيس مجلس إدارة صحيفة «الخرطوم» الغراء وعن الأستاذ السماني الوسيلة وزير الدولة بوزارة تنمية الموارد البشرية، فقد تعرف عليهما خلال وجودهما في لندن عندما كانا ضمن القوى السياسية المعارضة هناك، لكن سؤاله الثاني مباشرة والذي شاركه فيه العشرات، كان عن الوضع السياسي واستفتاء تقرير المصير لجنوب السودان.. وقد أجبت بكل وضوح وصراحة بأن الشعب في شمال السودان يوطن نفسه للانفصال الذي تريده بعض القوى ذات الحناجر العالية والأيدي الباطشة التي تطالب بالانفصال، ومضى أثرها على رئيس الحركة الشعبية نفسه السيد سلفاكير الذي قال إنه سيصوت للانفصال.