خبر محزن تناولته الصحافة السودانية حول إنتقال الأستاذة المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم إلى دار العجزة والمسنين بالعاصمة البريطانية لندن ولو أنني لا أرى في ذلك عيباً حيث تتوفر في تلك الدور العناية الطبية الكاملة وكل وسائل الراحة والخدمات الفندقية التي تيسر الحياة بالنسبة لكبار السن وفق برنامج فيه تكريم ووفاء وعرفان بالجميل لكل الذين اسهموا في الحياة الاجتماعية في شبابهم وبما أننا لا نفهم كثيراً في سلوكيات وثقافة الغرب والذي كان فاطمة أحمد إبراهيم لها غير مقبول حسب مفاهيمنا وثقافتنا السودانية التي تتحمل وجود الكبار كجزء اساسي وهام في الأسرة بعد تقاعدهم عن العمل وحتى لو أصيبوا بمرض «الزهايمر» الذي يؤثر على الذاكرة ومن هذا المنطلق أشارت معظم الصحف الورقية والالكترونية إلى خبر انتقال الاستاذة الجليلة إلى بيوت العجزة في لندن فقد عرفت فاطمة أحمد إبراهيم عن قرب في سنوات التجمع الوطني الديمقراطي بالقاهرة والعاصمة الارترية «أسمرا» وكنا في غاية السعادة والفرح بوجودها بيننا في تلك الظروف غير الطبيعية ونحن نعارض نظام الحكم في السودان، والاستاذة الفاضلة رد الله غربتها هي إمرأة قوية وشجاعة في قول الحق ولها تاريخ نفخر به كثيراً توجته بالدخول إلى المعتقلات والسجون في مواجهة الانظمة العسكرية بدءاً من الحكم العسكري الأول في عام 1958م والنظام المايوي الذي قتل زوجها النقابي الفذ الشفيع أحمد الشيخ بجانب تصفية قادة الحزب الشيوعي السوداني في عام 1971م وعلى رأسهم الاستاذ عبد الخالق محجوب والمعروف أن الاستاذة فاطمة أحمد إبراهيم هي رائدة العمل النسوي في بلادنا والمؤسسة الأولى للاتحاد النسائي وكانت أول نائبة برلمانية في نظام ديمقراطي في أفريقيا بعد ثورة أكتوبر 1964م وأول إمرأة نالت شرف رئاسة تحرير صحيفة (صوت المرأة) وقد كنت حضوراً في «جنيف» حينما كرمتها الأم المتحدة عام 1999م كقيمة افريقية سياسية ورائدة في مجالات حقوق المرأة والكفاح من أجل الحرية وحقوق الانسان ولقد حزنت كثيراً لخبر لجوئها إلى بيوت العجزة وكبار السن ببريطانيا فهي انسانة غالية علينا وقيمة وطنية وانسانية يتفاخر بنضالاتها كل العالم حتى أصبحت في بلادنا ليست حكراً على الحزب الشيوعي الذي تنتمي إليه، بل هي فخر واعتزاز واحترام ساكن في وجدان كل الشعب السوداني كرائدة شجاعة منحازة لقضايا الفقراء والمظلومين، ونصيرة لحقوق المرأة التي لولاها لما نالت حقوقها كاملة حتى أصبحت وزيرة وطبيبة ومهندسة وعضوة في البرلمان مما يستوجب تكريمها في يوم المرأة العالمي داخل هذا الوطن بعدالتخطيط لعودتها لبلادها معززة مرفوعة الرأس فالقيّم التاريخية اضاءات خالدة خاصة إن كان من بينها الاستاذة فاطمة أحمد إبراهيم والحمد الله الأسرة نفت ذلك الخبر.