مضى أكثر من 69 عاماً من عمر المناسبة الدولية للإحتفاء بإنجازات المرأة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث جعلت الأممالمتحدة يوم الثامن من مارس يوماً عالمياً لهذه المناسبة. ويأتي هذا الاحتفاء ليس لأن المرأة كائن من سلالة أخرى أو طينة مختلفة عنا، بل لأنها كانت وللأسف ما زالت تعتبر الحلقة الأضعف في المجتمع، بل الأكثر اهمالاً وتهميشاً. المرأة في العالم المتقدم تبحث الآن عن تعظيم دورها للمشاركة بفاعلية أكثر في مجتمعها، في حين تقع بلادي ضمن حلقة الدول التي تسعى فيها المرأة إلى البحث عن ما يمكن أن نطلق عليه بالحقوق الحياتية العادية من مأكل ومأوى وتعليم وصحة بل وأمن وأمان، كيف لا ونحن ما زلنا نرى شريحة واسعة من أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وحبيباتنا يعشن تحت تأثير الحروب ونتائجها الكارثية في أماكن عديدة من خريطة السودان المتبقية. المرأة السودانية في دارفور ومناطق النزاعات أول من يسارع القدر نحوها لتدفع فاتورة ثمن تقديراتنا الخاطئة والرعناء في المركز الذي ما زال يبحث عن قاعدة صلبة يستقر عليها، بعد أن حاصرته زلازل الاختلاف والفساد وسوء الإدارة من كل جانب، ليصبح هشاً تذروه الرياح، كما تدفع حياتها ثمناً للحروب التي تفشت هنا وهناك بسبب أو بدونه، بعد أن تفاقمت رقعة الصراع بأشكاله المختلفة. المرأة حينما تندلع الحروب ويعلو صوت البنادق، تلجأ إلى الجبال والسهول والصحاري بحثاً عن مأوى يحميها من نيران الأخوة الأعداء، وهي لا تهرب بجلدها بل بأبنائها وفلذات كبدها والرعب يحيط بها من كل جانب. المرأة السودانية ما زالت تعاني من الإجحاف الذكوري والتسلط الاجتماعي والظلم والقهر بأشكاله النفسية والجسدية، في حين ما زالت القوانين المنتصرة لحقوقها تمثل الحلقة الأضعف، حيث لا تجد مسارات للتطبيق أو التنفيذ مهما علت قيمة الأزمة أو الظلم الذي تقع فيه. المرأة السودانية وبرغم الظروف القاهرة والظالمة لم تستكن أمام جبروت الرجل وتسلطه وتجاهله لحقوقها، بل وفي أحيان كثيرة يتخذ من الهروب علاجاً للتحلل من واجبه، لتخرج هي بمفردها إلى الحياة بحثاً عن لقمة العيش، متخذة من أركان وزوايا الأسواق والعمارات بل والشوارع أماكن لمصدر رزقها من بيع الكسرة والشاي، لتصطدم بجبروت المحليات وأتاوات لا سلطان لها بها، مما يعتبر تحدياً صارخاً وظالماً لأبسط محاولات البحث عن العيش الكريم. الأم والأخت والخالة والعمة والإبنة والزوجة والحبيبة، والتي لا تحلو الحياة إلا بها، تحتاج منا جميعاً إلى نظرة موضوعية لقضاياها، ووقفة متأنية للتبصر في كيفية تعزيز دورها، وقطعاً هذا لن يتأتى ما لم ندرك بل ونعترف أن للمرأة حقوقاً ما زالت مهضومة باعتبارها نصف المجتمع وليست مجرد كومبارس. فاصلة: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى» سورة الطلاق.