تقرير أممي: 2,041 انتهاكاً جسيماً ضد الأطفال في النزاعات المسلحة بالسودان    خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافته في حال اغتياله    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على الناشطة الشهيرة "ماما كوكي": (كنتي خادمة وبتجي تشيلي الحلاوة لأمي)    الحركة الشعبية تقصف مدينة الدلنج بالمدفعية الثقيلة    مجلس المريخ يعبر عن تقديره لمصالحة ود اليأس وفتحي    الهروب الكبير.. وشماعة "الترزي"!    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفتح النار على الناشطة الشهيرة "ماما كوكي": (كنتي خادمة وبتجي تشيلي الحلاوة لأمي)    اكتشاف فلكي مذهل.. كواكب جديدة فى مرحلة التكوين    سَامِر الحَي الذي يطْرِب    التلاعب الجيني.. متى يحق للعلماء إبادة كائن ضار؟    شاهد بالفيديو.. أشهر مصنع سوداني يستأنف العمل بالخرطوم في حضور صاحبه    شاهد بالصورة.. وسط ضجة إسفيرية واسعة افتتاح محل "بلبن" بمدينة ود مدني بالسودان    مواعيد مباريات كأس العالم الأندية اليوم السبت 21 يونيو 2025    العدل والمساواة: المشتركة قدمت أرتال من الشهداء والجرحى والمصابين    يا د. كامل إدريس: ليست هذه مهمتك، وما هكذا تُبنى حكومات الإنقاذ الوطني    عضو المجلس السيادي د.نوارة أبو محمد محمد طاهر تلتقي رئيس الوزراء    السودان.. وفد يصل استاد الهلال في أمدرمان    "وثائقي" صادم يكشف تورط الجيش في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين (فيديو)    الجيش السوداني يعلّق على الهجوم الكبير    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    السودان والحرب    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحد الأدنى للإجور: «الطشاش في بلد العِمِي شوف»!
نشر في آخر لحظة يوم 02 - 04 - 2014

ü الاحد الماضي خرجت علينا صحف الخرطوم ببشرى «كبيرة» حملتها عناوينها الحمراء والملونة تقول: تطبق زيادة الأجور للقطاع الخاص اعتباراً من مارس.
ü فإتحاد عمال السودان «الموقر» وقِّع مع اتحاد أصحاب العمل «المحترم» على اتفاقية (جماعية) لزيادة الأجور في القطاع الخاص استناداً إلى المادة (105) من قانون العمل لسنة 1997، وتطبيق الزيادة اعتباراً من أول مارس 2014.
ü إلى هنا، كل شيء عادي- اتحاد عمال وأصحاب عمل يتفقون على رفع حدٍ أدنى للأجور.. لكن فجأة ينهض السؤال «كم؟» ليحمل في طياته سحائب الدهشة والمفارقات المذهلة.
ü قرأت الخبر أكثر من مرة، وفي كل مرة أقف مُحدّقاً ومتردداً، هل هذا رقم صحيح أم أن هناك خطأ مطبعي «أطاح بأحد الأصفار على اليمين أو برقم أحادي على الشمال.. وحتى أصدق عيني أخذتُ أطالع الخبر في كل رزمة صحف اليوم المرصوصة أمامي.. فتأكد عند جميع «الجُهينات الصحفية» الخبر اليقين.
ü فالإتفاق بين الطرفين هو أن «ترتفع»- ورب رافعة خافضة، كما يقولون- أن يرتفع الحد الأدنى لأجر العامل في القطاع الخاص إلى (300ج).. نعم ثلاثمائة جنيه (فقط لا غير)، وأن يصلح بشوية «حرابيش» تصل إلى (125ج) مائة وخمسة وعشرين جنيهاً، على أن لا تدخل هذه الحرابيش ضمن مكونات الحد الأدنى للأجور، وكأنها «إكرامية» ولن تدخل بالتالي في حساب المكافأة أو المعاش أو أي من فوائد نهاية الخدمة، فالمرتب الأساس هو (300) جنيه (فقط لا غير).
ü خبر الاتفاق يفيدنا أيضاً أن الثلاثمائة جنيه هذه جاءت عبر إضافة المنحة البالغ قدرها (100) جنيه والتي بدأ تطبيقها مسبقاً ابتداءً من شهر مارس عام 2011. وبهذا يصبح «المال المأخوذ للدار» من قبل العامل في الحد الأدنى للأجور أو ما يسميه الخواجات (Taken Home Money) هو 425 جنيه.. لكن حتى لا نظلم فهناك «فتافيت» أخرى تمت زيادتها كبدل لغلاء معيشة (60) جنيهاً وبدل سكن (50) جنيهاً وبدل ترحيل (55) جنيهاً، يعني كلها (165) جنيهاً للغلاء والسكن والترحيل كلها لا تكفي لايجار غرفة واحدة- بدون مستراح لا مؤاخذة- في «زقلونة»!!
ü دعونا أولاً نعقد مقارنة بسيطة ومدهشة ومحزنة في آن معاً، بالحد الأدنى للأجور في مصر «القريبة دي»- للحكومة وليس القطاع الخاص بجلالة قدره- فبعد الثورة المصرية وتحديداً بعد الثورة الثانية في 30 يونيو 2013، قررت الحكومة هناك، والتي يعمل لديها أكثر من (7 ملايين) موظف وعامل، رفع الحد الأدنى للإجور من 700 جنيه إلى (1200) جنيه دفعة واحدة، في بلد عدد سكانه 90 مليون مواطن، ويعيش حالة اضطراب وعدم استقرار عطّلْ الصناعة والسياحة ومعظم مصادر الدخل الرئيسية.. فضع ال(425) جنيه أو على الأصح ال«300 جنيه» الأصلية والثابتة في مقابل (1200) جنيه، غير العلاوات والبدلات، التي غالباً تكون في مصر كما فهمنا أكبر من المرتب الأساسي..!! فما هذا الذي يحدث لعمال بلادنا، خصوصاً عندما نتذكر مستوى غلاء المعيشة في السودان مقارنة بمصر، حيث تكون المقارنة في صالح الأخيرة وبفارق كبير أيضاً؟!
ü لكن دعونا نحسبها ونتأملها (محلياً) انطلاقاً من الحد الثابت للأجور كما جاء في اتفاق اتحاد العمال مع اتحاد أصحاب العمل؛ كم تساوي 300 جنيه بالدولار، كما هو مطروح في السوق الموازي: (300 على 85.8 = 89.33)، يعني أجر العامل في الحد الأدنى يساوي أقل من 34 دولار في الشهر، وبحسب الإضافة أو (الإكرامية) التي لا تحتسب في نهاية الخدمة ليصبح 425 جنيه، (425 على 85.8= 48) أي أن كل ما سيقبضه ويأخذه لداره هو 48 دولار..
ü وبذلك يصبح الحد الأدنى للأجر الثابت في اليوم بالدولار «دولاراً واحداً وبعض السنتات» وبزيادة ال(125) جنيه (الإكرامية) «دولاراً ونصف الدولار وبعض السنتات»!!!
ü هل يمكن تصور أن شيئاً كهذا يحدث في مكان ما غير السودان.. لا أظن.. لسبب بسيط هو أنه في البلاد المتقدمة، والمتخلفة كما هو حالنا، فإن الدولار أو حتى الدولار ونصف لا يكفي لشراء «ساندوتش» واحد ناهيك عن وجبة متكاملة لأي عدد من أفراد الأسرة، التي يكون في الغالب متوسطها خمسة أفراد، لو اقتصر يومها على وجبة واحدة!
ü أما إذا حسبناها بأسعار اللحوم- العجالي أو البقري- وليس الضاني طبعاً، فسوف نجد أن ال(300 جنيه) على (50 جنيهاً) سعر كيلو اللحم تعني (6 كيلو غرامات) موزعة على (30 يوماً) فسيصبح نصيب الأسرة- بجميع أفرادها- 200 غرام.. فمن أين الرغيف أو الكسرة ومن أين الخضار ومن أين الزيت، ومن أين الفحم أو الغاز، ومن أين الإضاءة كهرباء أو كورسين.. وكيف الفطور وكيف العشاء وكيف مصاريف المدارس ورسوم العلاج (حتى لو كان مجاني).. من أين وكيف كل ذلك؟!!
ü يحسن بنا أن نتوقف، حتى لا يصاب القاريء بالدوار.. شخصياً قد أوشكت.. ولكني تذكرت، الآن، عند المقارنة بيننا وبين مصر الفقيرة والمضطربة مثلاً يقول: «الطشاش في بلد العِمِي شوفْ» وهو ليس بحاجة لشرح، لأنه كما كان يقول عميدنا عبد الله الطيب- طيب الله ثراه-: كثرة الشرح تفسد المعنى.. كل ما في الأمر أن الذين جلسوا يتفاوضون حول الحد الأدنى للأجور خرجوا ب«طشاش» حسبوه «شوف»، ويبدو أن هؤلاء أحوج ما يكونون للسيدة «زرقاء اليمامة» صاحبة «الشوف الكاشف والبعيد» حتى تنبؤهم بما وصل إليه حال العمال في بلادهم.. و«الشجر الذي يسير» صوب هذا «الطشاش الشامل»!
{ تنويه:
وقع خطأ طباعي في عنوان إضاءة الأمس حيث ورد اسم المحامي والكاتب المصري ثروت الخرباوي بالعنوان (بين الجرباوي والهضيبي) والصحيح هو (بين الخِرباوي والهضيبي) مع الاعتذار للقاريء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.