عيسى جديد : الشاهد على ولاية غرب كردفان تاريخياً أنها كانت جزءاً من مديرية كردفان، وتدار من مفتش ريفي غرب كردفان وعاصمتها النهود، وفي العام 1949 تم إنشاء مجلس ريفي دار المسيرية وعاصمته الفولة، وعُين مايكل كبس كأول مفتش لهذا المجلس وفي العام 1950 ضمت جبال النوبة لمنطقة لقاوة الى هذا المجلس ليصبح مجلس ريفي دار المسيرية شاملاً لكافة مكونات القطاع الغربي الحالية منطقة (الفولة وبابنوسة والمجلد بما فيها أبيي ولقاوة بما فيها الجبال التابعة لها )، ولتنوع مكونات هذا المجلس فقد أسس نظام حكم راشد يتكون من مفتش للمركز وضباط تنفيذيين لمجالس فرعية (الفولة والمجلد ولقاوة)، ومكاتب إدارية لكل مجلس فرعي، إضافة الى مجلس شعبي لدار المسيرية يضم كل أعيان المنطقة والنظار والسلاطين والمكوك والعمد وبعض الشيوخ.. الأمر الذي فرض هيبة الدولة وسيادة القانون، واستمر هذا الوضع الإداري حتى ثورة اكتوبر 1964م ومن ثم تغير في فترة مايو، وتغير مرة أخرى فى فترة الإنقاذ بداية التعثر ومشاكل الولاية.. ومن حينها دخلت الولاية في العديد من المشاكل والصراعات القبلية، وتعرضت لعدم الاستقرار منذ أن تم تغيير النظام الإداري فيها منذ مايو وحلت الإدارة الأهلية، وجاءت فترة الديمقراطية الثالثة، وانفرط عقد القانون مع بدايات الحرب مع الجنوب، وكان ذلك في بدايات حكم الإنقاذ، ولما كانت الولاية حدودية مع الجنوب زادت حالة عدم الاستقرار، وأصبحت منطقة عمليات مباشرة وتأثرت التنمية ومشروعاتها- على قلتها- إذ تعتبر الولاية البوابة الجنوبية الغربية التي تصدى مواطنوها لمحاولات الاختراق من قبل جيش الحركة الشعبية بكل بسالة، وحينها إنفاذاً لسياسة الانقاذ في تقسيم البلاد الى ولايات ونظام حكم لا مركزي تم انشاء ولاية غرب كردفان وعاصمتها الفولة، لتشمل مجلس ريفي دار المسيرية، ومجلس ريفي دار حمر، وعوضاً عن المفتش الإداري أصبح الوالي هو الحاكم بحسب التقسيم الإداري الجديد للإنقاذ وله وزراؤه ومجلسه التشريعي... اتفاقية السلام الشامل وتذويب الولاية وبموجب اتفاقية السلام الشامل، دخلت ولاية غرب كردفان مرحلة جديدة لها في النظام الإداري، حيث تم تذويبها في ولاية جنوب كردفان مهراً للسلام بعد أن شكلت منطقة أبيي قضية تنازعية مابين السودان وجنوب السودان، وأفرد لها برتوكولً لمعالجة قضية النزاع فيه مثل منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق لتشهد الولاية المذوبة من حينها مزيداً من التعثر وعدم الاستقرار والحروبات والتفلتات وعدم التسمية لتثقل بهمومها، ورغم تكفل الحكومة المركزية بتعويض أهل ولاية غرب كردفان بصندوق تنمية غرب كردفان، ولكن لضعف إدارة الصندوق لم ينجح في تغيير حال الولاية، مما زاد تعميق أزمة التنمية فيها.. ومن ناحية أخرى أدى هذا الاخفاق الى عدم استيعاب أبناء المنطقة الذين انخرط معظمهم في الدفاع الشعبي، وعند توقيع الاتفاقية تم تسريحهم، مما أدى الى عودتهم للعطالة، وعدم تأهيلهم لمقابلة الحياة العملية، وفي ظل غياب الإدارة الأهلية أدت كل هذه الظروف الى انفراط عقدهم، وأصبحوا مهدداً أمنياً للمنطقة رغم الرجوع اليهم كمقاتلين حين عودة الأحداث الى أبيي وهلجيج، لكن الإهمال ظل في مكانه وتفاقمت المشكلة الأمنية بعد دخول قوات من حركات دارفور المنطقة، وانخراط بعض أبناء الولاية معهم. ولادة متعسرة: على الرغم من أن حالة المواطنين بالقطاع الغربي لم تتحسن بعد تذويب الولاية وتكوين صندوق للتمنية وتخصيص نسبة 2%من البترول، إلا أن الوضع يتغير كثيراً من ناحية الاستقرار والتنمية للقرى والريف، ولا ننسى تأثير حرب الجنوب على الولاية، وكان من المأمول أن يكون انتاج البترول بالمنطقة نعمة على مواطني الولاية، إلا أنه أصبح نقمة إذ أنه استقطع جزءاً كبيراً من المراعي ومسارات ترحالهم دون أن يضع اي حساب لاحتياجاتهم الإنسانية والخدمية الضرورية، ومابين الانتظار والترقب لمواطني القطاع الغربي بعودة الولاية صدر قرار رئيس الجمهورية في يناير 2013م بعودتها مجدداً وولادتها من خاصرة ولاية جنوب كردفان، وفي يوليو من ذات العام تم تعيين اللواء أحمد خميس بخيت والياً لولاية غرب كردفان ليكون الوالي الثالث في عهد الانقاذ بعد عمر سليمان ومولانا أحمد هارون، غير أن ذات المشاكل مازالت تقيد عملية التنمية في الولاية التي ظلت تعاني من الصراعات القبلية والتفلتات الأمنية وجمود مشاريع التنمية.. مما جعل الوضع في الولاية غير مستقر وأعين المواطنين تترقب الحلول وتتساءل متى تخرج الولاية من عثراتها ومشاكلها وتلحق بركب الولايات الأخرى وهي ولاية ذات امكانات اقتصادية هائلة، ابتداءً من الثروة الحيوانية الى البترول الى الزراعة... خاصة وأن المؤتمر الوطني مقبل الآن على تغيرات وإحلال وإبدال ووقعت كثير من المشاكل في الفترة الأخيرة مما جلب السخط على الوالي.. فمن يكون الوالي الجديد بحسب تقديرات الحزب الحاكم؟!!.