أن تأتي متاخراً أفضل من ألاَّ تأتي.. هكذا أكتب متأخراً وهذا أفضل ألف.. ألف مرة من ألا أكتب عن السيمفونية الحزينة والبكائية المأزومة التي سطرها قلم العزيز الغالي مؤمن الغالي على مزهريات عروستنا الفاتنة (آخر لحظة) الأوسع إنتشاراً وذلك في زاويته الراتبة المقروءة جداً (شمس المشارق) بعنوان : (أنا صحفي من الدرجة العاشرة) استهل العزيز مؤمن الغالي زاويته المعنية بكلمات تنضح رقة وروعة وبلون وعطر البنفسج تجاه أحبائه القراء الذين أدمنوا معانقة (شمس المشارق) فكتب العزيز الغالي مؤمن الغالي: أحبتي وأحبائي أحباب (شمس المشارق) ازيكم يا أحبه المافي زيكم.. وأشواقي لكم لم تفتر لحروفكم الغالية لحظة التواصل لأناقة حروفكم المدهشة حين تصافحها عيوني.. وحتى سهامكم وهي تخرق فؤادي وتشق كبدي لحظة غضبكم عندما تغضبكم كلماتي. العزيز الغالي مؤمن الغالي.. كلماتك هذه تؤكد أنك ملياردير أبجدية فخمة وضخمة وشاهقة، وأن لك رصيداً هائلاً في بنك القراء.. إذاً كيف تقول:«أنا صحفي من الدرجة العاشرة».. حاشاك أيها العزيز الغالي مؤمن الغالي من هذه الدرجة، فأنت غالي وصحفي من الدرجة الأولى وتعمل مع القمم العوالي.. أنت مع مصطفى صاحب القلم الماغنسيوم الذي يضئ ولايحرق في (بعد ومسافة).. أنت مع عبدالعظيم (خارج الصورة) وخارج المألوف، حيث أن قلمه يشرب من حليب القمر فيضئ الدنيا حولنا، ومع طه النعمان صاحب (الاضاءات) التي يفوح منها عبق الاقحوان وعطر شقائق النعمان، ومع عبدالله الشيخ الذي تعانق أبجديته الأنيقة مشاتل المساء عند (خط الاستواء) ومع محمد عبدالماجد ذاك الفتى الأسمر الوشاح الذي يفتح الله عليه دوماً بكلمة الحق حتى لو ارتبط ذلك بحتمية (القراية أم دق). العزيز الغالي مؤمن الغالي.. أنت مع هؤلاء لاخوف عليك لأنك تدور في فلك هؤلاء العباقرة الذين يدمنون عشق (سراميك) صاحبة الجلالة ولا أقول (بلاط صاحبة الجلالة) فقد عفى الزمن عن التسمية السابقة. العزيز الغالي مؤمن الغالي قلت: انتشى بفرح طفولي لحظة أن أكتب لكم .. دعوني اليوم أناجيكم وأقسم معكم تلالاً من الحزن وجبالاً من الأسى .. كنت أود أن أناجيكم كما ذاك الذي كان يكتب على قشر البرتقال وبعصير الزهر.. يا بدوري في الظلام والظلام يحجب لي دربك.. أنها الرائعة التي تغنى بها فنان افريقيا الأول محمد وردي الذي اسبغ عليها عبقريته الفذة، والذي أصبحت بعده الساحة الفنية السودانية أرملة وبلده الشمالية ثكلى، ويامؤمن قبلها قلت اليوم أبثكم حزني وغضبي وفجيعتي، ويا لفداحة الجرح عندما تتذوق مرارة الذل والهوان وتغرق في بحور الدونية، وتعوم في بحور الدونية وقلة القيمة وشرقة المهانة وقلة القدرة. العزيز الغالي مؤمن الغالي.. لماذا كل هذا الحزن وتلك المرارة التي (تفقع المرارة)؟ أيكون كل ذلك لأن الإنقاذ حسب قولك قد جردتك من شرف المواطنة، وكيف ينظر الأحبة في المؤتمر الوطني للصحفيين من موقع الذي معنا، وذاك الذي ضدنا أشكو لكم كيف أني في نظر هولاء صحفي من الدرجة العاشرة.. إهمالاً وازدراءً وتصغيراً.. لا وألف ألف لا أيها العزيز الغالي مؤمن الغالي أنت لست صحفي من الدرجة العاشرة.. أنت صحفي من الدرجة الأولى وإذا كان هناك سقف يعلو فوق الدرجة الأولى لكنت أنت يا مؤمن هذا السقف، وهذا الوصف لك لا أرميه على عواهنه فإن كتاباتك المقروءة يا مؤمن هي التي صنعت لك هذه الدرجة الأولى وهذا المجد، وهذا العطاء الدافق لوطنك الذي منحك شرف المواطنة.. هذا الشرف الذي لا تستطيع الإنقاذ بكل هيلمانها أن تجردك منه، فالإنقاذ وهي في حضرة الوطن لا تمتلك أحقية منح شرف المواطنة لأي من الناس، فالوطن فوق الكل وهو الجهة الوحيدة المخول لها منح شرف المواطنة لأن الوطن هو الباقي وماعداه الى زوال وأمامك القول المأثور (حضارات سادت ثم بادت)، وإذا كانت الحضارات وهي الأعظم والأكبر والأقوى من الأنظمة الحاكمة معرضة، لأن تسود وتموت مهما طال عمرها اذاً من الطبيعي أن تتعرض الأنظمة الحاكمة مهما طال عمرها للزوال. تقول أيضاً أيها العزيز الغالي مؤمن الغالي: أنا يا أحبة من الذين يتحرقون شوقاً لأكون حضوراً في اي منشط للإنقاذ بل أسعد كثيراً أن أكون هناك على ضفاف الانجاز.. لأني أسعد لأي طوبة أو شتلة أو دفقة ماء تساهم في بناء وطني. العزيز الغالي مؤمن الغالي.. أنت صحفي من الدرجة الأولى ومواطن من الدرجة الأولى، وفضلاً عن هذا وذاك فأنت (صحفي كاتب) وهذا يختلف عن الكاتب الصحفي فالصحفي الكاتب يختلف عن التصنيف الثاني إذ أنه صحفي في المقام الأول، ويلم بكل فنيات التحرير الصحفي بكافة أشكاله.. أما الكاتب الصحفي فإنه يكتب ويجيد الكتابة في الصحف لا أكثر ولا أقل من ذلك. العزيز الغالي مؤمن الغالي.. أخلص الى أنك صحفي من الدرجة الأولى بل صحفي فنان وتجيد الكتابة المطعمة بالأدب والثقافة والمفردة والجملة المدهشة، حيث أنك تكتب على طريقة كبار الصحفيين المصريين والعرب، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر .. مفيد فوزي.. موسى صبري.. انيس منصور.. مصطفى محمود.. وفتحي غانم.. ومن الصحفيين العرب الراحل سليم اللوزي، وغسان كنفاني، وطريقة هؤلاء الصحفيين الكتاب قلما نجدها عندنا في السودان إلا أنت أيها العزيز الغالي مؤمن الغالي.