تفاجأ د. متولي عبد المجيد اختصاصي الأطفال الشهير بأم درمان، وهو يأتي فرحاً الى إدارة كهرباء ولاية الخرطوم بإنشاء عيادة خاصة به بعد 40 عاماً من العمل المتواصل في العيادات المستأجرة والانتقال من موقع الى آخر بسبب معاناة المؤجرين من المستأجرين، تفاجأ بالموظف يطلب منه أن يدفع 40 مليون جنيه لإدخال وتوصيل التيار الكهربائي من الشارع الى عيادته التي ليست في منطقة بعيدة عن مسار التيار الكهربائي، بل في قلب أم درمان، وفي منطقة التيار المستقر جوار سجن أم درمان، ولم تنتهِ مفاجأة البروفيسور متولي هنا، فقد تفاجأ بعد أيام بإخطار من إدارة الكهرباء يقول إن المبلغ المطلوب ليس 40 مليوناً التي كان قد أُبلغ بها عند تقدمه لطلبه، بل هو 90 مليوناً بالتمام والكمال حتى تصل الكهرباء من الشارع الى عيادته، ليضرب كفاً بكف، ويعض بنان الندم على التفكير في إنشاء عيادة في بلادنا التي لا تقدر الطبيب، والتي تجبر حكوماتها الأطباء الى التحول الى جزارين بدلاً من ملائكة رحمة.. فالاختصاصي أي اختصاصي.. عندما يدفع الملايين للبناء والتصاديق وملايين للكهرباء و.. و.. و.. و... من رسوم لا تنتهي، يجد نفسه مضطراً اذا ما فعل ذلك عن طريق الاستدانة، الى رفع فاتورة مقابلته للمرضى، وعملياته على حساب المواطن المسكين الذي صار يتحمل كل شيء، ولا يبشره وزير المالية والاقتصاد الوطني إلا بمزيد من المعاناة.. وبروف متولي الذي أعرفه، يدفع من جيبه لمعالجة كثير من حالات أمراض الدم للأطفال في مستشفى البلك بأم درمان، ربما يفكر في تحويل العيادة الجديدة الى بقالة، فالبقالات رسوم الكهرباء لها أقل من العيادات، المهم بدوري عندما علمت بمشكلة دكتور متولي اتصلت بمدير هيئة مياه ولاية الخرطوم الشاب الخلوق والنشط المهندس خالد حسن إبراهيم ليتوسط للبروف أمام مدير هيئة كهرباء الخرطوم، وقد فعل المهندس خالد مشكوراً مأجوراً.. ووافق مدير الكهرباء بالاستماع لمشكلة البروف والذي اتصل به بالفعل وأبلغه بكل شيء، ووعده المدير بالمعالجة لتنتهي المكالمة ولا معالجة ولا مكالمة ثانية، ولا ترتيب للمعالجة، لتبقى عيادة د. متولي هيكلاً قائماً يحكي عن تخلف سياسات لا تقدم الأعمال الإنسانية على سواها، ولا تنحاز للمواطن، بل تعمل على الضغط عليه من بوابات أخرى هي بوابات العلاج التي لا يملك إلا أن يدفع لها مهما كلفه الأمر، ولأن القضية مهمة نرفعها للسيد والي الخرطوم الذي عرف بانحيازه لقضايا الجماهير، فما رأيك عزيزي الوالي؟ أظنك تتفق معي في أن تخفيف المعاناة عن المواطن بواباته مختلفة، من ضمنها تقليل تكلفة العلاج والتي تبدأ بخفض أسعار مقابلات وعمليات الأطباء عن طريق خفض الرسوم التي تفرضونها عليهم، والتي من بينها رسوم توصيل الكهرباء للعيادات.