فالشيخ عمر في اريتريا لا يمثل إلا نفسه ومجموعته القبلية ليس معه فرد واحد من أهل الساحل والهندندوة.. أما موسى وأبو علي وايلا وضرار والأمين ومختار وبالعيت الذي اخطأت الحكومة في تقييمهم فقبضت الريح، فإن كنتم تخافون من انفصال الشرق فاطمئنوا فأهل الشرق محبون لوطنهم السودان، ولا ولن يؤثر فيهم أحد.. فللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق.. فنحن نرى الموت في شأن الفدائي حياة وليسمح لي الرئيس في اضحوكة تجرعت من جرعاتها العبر، فقد كنت رئيساً لمؤتمر البجا عام 1964م بطوكر وكنت إبانها مفتشاً للصحة بريفي طوكر، لقد كنت في طراوة الشباب وعنفوانه مؤمناً بالشعارات البراقة، برفع كاهل الظلم عن أرض البجا من الظلم الاجتماعي والصحي والاقتصادي، والمنطقة يومها وحتى أشجارها ختمية 99.1% فبدأت أول خطوة في تأسيس مؤتمر البجا معتمداً على الله في 0.9 فلقد كنت خطيباً مفوهاً امتلك الجرأة في مواجهة الصعاب، ولم أكن أسعى لمنصب أو مغنم بل تحقيق غاية سامية وهي تطوير منطقة الساحل تعليمياً وصحياً واجتماعياً واقتصادياً، فبدأ في تكوين المكتب فوجدت قلة لا تتعدى العشرة فاستجارت داراً وطليته بالجير، وأثاثاً متواضعاً وأقمت ندوات في النادي الأهلي بطوكر، وبعد مضي أشهر أعلنت الترشيحات لمقاعد المجلس النيابي وبحسبان أنني لا أريد من ذلك مغنماً لنفسي، فكان أول مشوار حياتي السياسية أن أبحث عن مرشح من أبناء طوكر ليتم ترشيحه باسم مؤتمر البجا، فوقع اختيار المجموعة على رجل من قبيلة الاشراف بخور بركة رحمه الله، وهو صاحب مقهى فامتطيت عربتي وذهبت اليه في مقهاه وعرضت عليه الأمر فضحك رحمة الله عليه، وباللغة البجاوية اوضح لي بأنه لا يمانع، ولكنه لا يضمن اثنين من المثنين ولا يمتلك عشرين جنيهاً رسوم الترشح، ولا يملك ملابس تليق بالذهاب الى المجلس ووعدته بتوفير ذلك، وبمن بعدها قمت بزيارة لأشقائه الثلاثة موضحاً لهم اختيار شقيقهم الأكبر وطلبت منهم اثنين لترشيحه فاعتذروا لعبث الفكرة والمنطلقة ختمية 100% ، من بعدها أقنعت اثنين من عمال الصحة للتثنية ووافقوا وبدأت اجراءات الترشح، فبعد صرف مرتبي 42 جنيهاً ذهبت الى عمنا أنور في المقهى، وذهبت به الى منزلي وارتدى لبستي البجاوية وذهبنا الى المجلس، فدفعت 20 جنيهاً والمثنيان وتم الاعتماد، فقد كنت فرحاً ومبتهجاً عندما قرأت اسم مترشح مؤتمر البجا في أول القائمة، ومن ثم بعدها تجولت في القرى المجاورة والفرقان لنصرة مرشحي، فلا أجد صدى ولا ترحاباً من البعض واتهامي بالجهالة، وكان علي أن أسعى وليس علي إدراك النجاح وما بين غمضة وانتباهتها يغير الله من حال الى حال، فأعلن حزب الشعب الديمقراطي (حزب الختمية) مقاطعته للانتخابات ووجه مريديه ومؤيديه بالمقاطعة فتبقى لنا أنصار .9% فخضنا حرباً ضروساً مع القلة ومع انتهاء فترة الاقتراع توجهت الى جنوبطوكر في حملة الرش للناموس، واستقر بي المقام في قرورة حتى اعلان نتائج الانتخابات، وفوز مرشح مؤتمر البجا 166 صوتاً فلم أجد من يشاركني الفرحة في الحدود الاثيوبية الاريترية حالياً، فوجهت العمالة بتكثيف الحملة حتى نتمكن من العودة لطوكر في بواكير الصبا، فكنت أمني نفسي بالاستقبال من قيادات مؤتمر البجا في الشرق، وتحركت من قرورة ووصلت طوكر وبعد وصولي طوكر مع الغروب وقبل أن اتوجه لمنزلي توجهت فوراً للدار التي أنشئ فيها مؤتمر البجا، فدخلتها وياليتني لم ادخلها وجدت في سبورة الاعلانات لجنة جديدة مكونة من 65 عضواً ليس فيها شخصي المؤسس، ووجدت الدار مكتظة بقيادات مؤتمر البجا المجلس الأعلى بقيادة الناظر محمد الأمين ترك، يتقبلون التهاني، فلم يعيرونني التفاتة، ووجدت أشقاء المرشح الذين بالأمس رفضوا التثنية سكرتارية الاستقبال يوزعون الحلوى وعلمت بأن السيد المرشح الفائز قد ذهب الى خور بركة لم استلم مبلغ الانتخابات ولم يخطرني، وعلمت وأنا واقف بين تلك الحشود التي تحمل على اكتافها سيوفاً، وفي خاصرتها سكاكين، وفي أيديهم عصي غليظة، وفي خصلات شعرهم (الودك) أيقنت يومها بلا غضب ولا حسرة بأنني Bigzero ومغفل كبير جهز الطبخة الشهية لساسة يجيدون الالتهام، كما يجيدون مضغ الكلام، وأن مؤتمر البجا أكبر أكذوبة في الشرق والأكذوبة الأكبر الانفصال الذي يروجون له اليوم ويهددون به، ويحذرون من وقوعه.. فنحن نقول للأخوة السودانيين والسادة السياسيين أن أكذوبة الانفصال ما هي إلا تجارة خاسرة لبعض النفعيين، ونكرر أن أهل الشرق وفي ساحل البحر الأحمر وحدوديون محبون للسودان وأهله، وإن كان من يرى غير ذلك فهو كذاب أشر وصاحب فرية، فناظر الامرأر وقبيلته كلهم وحدويون، والبشاريون في تخوم مصر وحدويون، والكميلاب والارتيقة والأشراف والبني عامر والحباب وحتى قلة الهدندوة في المحطات الثلاث وحدويون، إلا من بعض دعاة الزعامات الجوفاء ترفرف في مخيلتهم خيالات الأماني ويغردون خارج السرب، وأخونا اسحق فضل الله يحسب أن السراب ماء فنحن نحمد الله ستة آلاف سنة كاملة لم يؤثر فينا العرب والاتراك والانجليز، فاحتفظنا بلغتنا الغنية الثرة، وتقاليدنا السمحة، فنحن للسودان فداء فزيارات الحكومة الى اسمرا تنتهي مع التهام الزغني ورقصات الابزي، يا اسحق والوفد مكون من مجموعة 45 ليس بينهم إلا نتف من أهل الساحل الطبالين.