صفة تستهوى النفوس.. ومن لم يحس به وينفعل معه فهو ذوطبع فاسد. ولو أراد الله أن لاتعشق الشئ المليح كان إذ سواك سواك بلا قلب وروح والخالق جل جلاله صاحب ريشه لاتطاولها ريشة فهذا العالم بغض النظر عن مدلولاته الأخرى يعد لوحه أبدع الصانع رسمها أيما إبداع. فهذا الموكب الذي نعيش عليه أرض رخوه وأخرى صلبه وثالثة جبلية ورابعه رملية في شكل تلال وأخرى في شكل كثبان ويحوى جداول وأنهاراً عذابا وبركاً ومستنقعات ووديانا وهضابا وهذا ماء وذاك سراب وتلك بحار تلك شجيرات وهذى غابات وأشجار فيها من صنوف الحيوان ماتهوى وتكرة فيها الظبي والأسد والافعى والضب فيها المانجو والعنب وفيها الخمط والأسل . في بحارها التمساح والأسماك واللؤلؤ والاصداف. ويا أخي هل اغلتك عيس من حديد وطارت بك في الأفق البعيد ، يرغب بونها كبد الجليد تمخر بك عباب الأثير علي الساحل الجنوبي للبحر الأبيض متجهة غرباً حتى جبال الأطلس لترى جمال الجبال حمر خضر وغرابين سود عالية مرة ومتدنية أخرى وبين الحين والآخر نرى بها الشعاب تغطيها غيمة من ضباب وترى الأشجار والأعشاب مزينة جنياتها بالخضرة فتلك جنة بربوة أصابها وابل فاتت أكلها ضعفين فن لم يصبها وابل فطل عندها لا تملك إلا أن تسبح الله الخالق المبدع فتقول. الله الخلاق الله الخلاق الله الخلاق حتى إذااتجهت بك الرعادة جنوبا تقرب البعيد وتبعد القريب لتمر بك علي صحاري وكثبان عالية امواج من الرمل إذا نظرت اليها إن ترى ذرات الرمال مصبوغة باللون الفضي الناصع اللامع مع أشعة الشمس الصحوة ، فهذة الأشكال إن هي إلا زخارف جميلة كسى بها الله الأرض حسناً وجمالاً وبينما أنت منشغل بما ترى من الوان الحسن والجمال اذ تعرض لك قطعة من الأرض بها خضرة وماء وحياة فهذه واحة وهبها الله لبعض خلقه كي تستقيم بها حياتهم . حتى أذا تجاوزت مرافئ الصحراء ووصلت الي المدار رأيت الشجيرات ثم الاشجار ثم الغابات وهي تنبت في شكل همجي ، لا بل هي منسقة ولا يرى حسنها الا من أطل عليها من اعلي فيراها باسقه ومشتولة في نظام. وتمضي تلك الطائرة تمسح مناطق خط الاستواء لترى جمالا عجبا علي قمة جبل كلمنجارو وقبلها علي مياه بحيرة فكتوريا وأرجو أن تطل علي مياهها وسيقربك الكانتن الي مياهها وسترى الأسماك وأفراس البحر والتماسيح تتعايش فيها بين كر وفر ومجاهدة للعيش فوق السطح وفي عمق البحر. وبينما نحن كذلك إذ نفذ الي قلبي عبر سمعي صوت رقيق يغني لحنا بديعاً يحكي قصه الغرام الرائع بالكلمة الرقيقه التى نفذت الي قلبي الولهان فاحسست فيها كمال العبارة وجمالها.ثم عايشت لحنا آخر فيه من الجزاله مافيه ومن القوة مايشبه طبول الحرب ودوى المدفع ومتفجرات الدانات فكان انعكاسا لغضب الثائرين فصادف هوى في نفس أعايش به بني فلسطين واهلي في العراق فالجمال إذن لا يصدق بتصور واحد. أو متقارب فكان ذا من حلو الكلام وجميلة ويدخل في النفس المسرة وكان ذاك ايضاً من حلو الكلام وجميله ويدخل في النفس المسرة . وتجد أيضاً مما يصدف فيه قولك هو آية للجمال مايكون وصفاً صادقاً لما هو غاية في القبح كقولة تعالى في أجمل الكلام (القرآن) واصفا شجرة الزقوم التى هي طعام الأثيم (شجرة تنبت في أصل الجحيم طلعها كانه رؤوس الشياطين) فانظر معى الي هذا المشهد القبيح الذي جاء حسنه من صدق ورقه وصفه بهذه الصورة الخيالية المروعة فخيالنا لن يجد أقبح من صورة رأس الشيطان الله اكبر فهذه هي عبارات القرآن الأخاذه. قيل جاء شيخ عابر بلغ منه الصلاح مبلغاً اقول جاء عابراً وتبعه تلميذه وكان يحاكيه فيما يصنع فمر الشيخ علي غادة حسناء صغيرة فقبلها وفعل التلميذما فعل شيخه وسارا في طريقها فعرضت لهما أفعي في الطريق ، حية رقطاء رأى فيها الشيخ ما رأى في الفتاة حسنا وجمالاً وكمالاً ريشة الخالق فمال اليها الشيخ وقبلها وحاول ذلك التلميذ الفتى ولكنه عجز لخوفه من الحية معاتبه شيخه وقال: لماذا لم تقبل هذه فنحن نقبلها لنفس المعنى والاحساس والشعور الذي قبلنا به الفتاة لقد رأى الشيخ في الحية حسناً وجمالاً ولم يرى الفتى في الحيه حسناً وجمالاً بل رأى سما زحافاً وموتاً سريعاً. ثم إن هناك لوناً آخر من الجمال هو جمال الطيب فالطيب حسن وجميل وما ليس طيباً لا يحسن. الطيب في القول والفعل والشكل. قيل: دع الأيام تفعل ماتشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء وهذا من القول الحسن الجميل ومنه أيضاً والحسن يظهر في شيقين رونقه بيت من الشعر أو بيت من الشعر تجمع بين حاستي السمع والبصر فكان كما ترى حسناً وجمالاً قطاب في النفس وطابت به النفس. ثم انظر معى الي هذه الأقصوصه الشعرية التى تحكى مشهداً درامياً غاية في الحسن والجمال . (أقبلت خادمها تهمس لي هذه الوردة من سيدتي ثم دست يدها في صدرها فدمي سكران في أوردتي أخرجت راحتها فاندلفت حلقات الطيب في صدمتي ... وردة سيدة الورد ألا قبلي عن يدى ملهتي في إناء الورد لن أجعلها انتي غارسها في رئتي فان تلك قد أعجبت بهذا المشهد وانبهرت نفسك به وطاب الحديث لطيب المعنى ولطفه ولطف العبارة وجمالها رقة وجرساً يناسب المعنى والشعور والاحساس فما ذاك إلا لطيب نفسك إذ الطيب لا يقبل إلا طيباً. وصاحبة الوردة هذه ، آية من آيات الله إذ لولم تكن كذلك ماجاء هذا الشعر علي هذا النحو من الرقة والحسن والجمال. فهي قطعاً بدرية المحيا حوراء العينين لعثاء الشفتين مخصرة الحشا مكتثرة الأرداف عالية الصدر خرساء السوار ريا المخلخل ذات فرع علي طوله ونعومته أسود فاحم كقلوب الحاسدين. وصاحبنا الذي أهديت له هذه الوردة لا يقبل روعة عن محبوبته فهو طيب النفس والمقال والشكل إذ لولم يكن كذلك ما أهدته الحسناء ورداً ولا تعلقت به ويا أحباب أنه الحديث عن الهوى والجمال لا ينقطع معينه ولا ينضب واليراع يسيل لعابه عسلاً مصفى وهنيئاً لمن رشف منه كوباً.