قال لي ما هو سر أزمة الغاز الحالية؟.. قلت له سرها الحلقة المفقودة في عملية التوزيع.. وهناك حلقة مهمة تتمثل في تحوله من خدمة إلى تجارة. لماذا هذا العدد الكبير من «الوكلاء» الذين يأكلون «عرق الوزارة» و«جهد» الشركة و«حق» المواطن. الغاز خدمة يجب أن تذهب مباشرة للمواطن بدون وكلاء أو سماسرة.. أكره في حياتي مصاصي الدماء ومصاصي الجيوب!! حكى لي صديق أن الغاز يباع في دولة آسيوية داخل البقالات مثل علبة «البف باف» تشتري «باكتة» فيها «12» علبة غاز.. تمشي البيت تركب طوالي في البوتجاز لا «أنبوبة».. لا «خرطوش».. لا «منظم» ولا يحزنون!! وحتى نصل لهذا المستوى يجب أن يختفي الوكلاء من الأنظار خلال شهور مثل ما حدث لسماسرة السكر زمان. وزارة النفط ما مقصرة!!.. المصفاة تعمل بطاقتها القصوى وتوفر نصف حاجة الاستهلاك والنصف الثاني تقوم باستيراده بتكلفة «09» جنيهاً للأسطوانة ويباع مدعوماً للشركة ب «22» وللوكيل ب «32» ليصل ليد المواطن ب «52» جنيهاً.. فما هو السبب الذي يجعله يرتفع فجأة ليربح أي واحد من هؤلاء الوكلاء الذين لا «ناقة» لهم ولا «جمل» في عملية إنتاجه واستيراده وتوزيعه.. في ظرف يومين ترتفع الأسعار وأكثر من «07» مليوناً «تجي باردة»!! مشكلة السودان دائماً في تجار الأزمات.. على الشركات تغيير عملية توزيعها وتعمل «ديليت» للوكيل ليمشي «يفتش ليه شغلة» حقيقية ومنتجة.. تقوم الشركة بتوزيع الغاز مباشرة إما للطلمبات أو الميادين أو مستودعات الولاية بنظام عربات البيبسي زمان.. تنزل «المليان» وترفع «الفاضي».. لكن المشكلة أن الشركات قامت في بداية «النهضة الغازية» بتمليك أنابيبها للوكلاء.. ووصلت عمليات التمليك للمواطنين ومن ثم تحولت الأنابيب الفارغة نفسها إلى تجارة رابحة. قد يقول قائل وهل السبب «الوكلاء» وحدهم؟.. الإجابة طبعاً لا.. فاستهلاك غاز الطبخ لم يقتصر على البيوت وحدها.. فقد دخل منافسون جدد في عملية الاستهلاك ابتداءً من ستات الشاي والكسرة ومروراً ب «قدرة الفول» في الدكاكين.. والمخابز وانتهاء ببعض المصانع والتي بدأ يتهرب لها غاز الطبخ بدلاً من الفيرنس.. فسعره أعلى خمسة أضعاف الغاز.. ولا ننسَ دول الجوار.. فالأنبوبة السودانية هي الأرخص في حدود «2» دولار.. والدول التي حولنا تبيع الأنبوبة ابتداءً من «7» دولارات.. صعوداً إلى «01» دولارات. إذن الحل العاجل إبعاد الوكلاء وأن تتولى الشركات عملية التوزيع بنظام «الفاضي» و«المليان».. وأن تكون هناك علامات وألوان تميز أسطوانة كل ولاية من الولايات وهذا هو المفروض كما يقول محجوب فضل بدري.