ليس هناك صحيفة مملوكة لفرد أو جماعة أو مؤسسة، لكنها مملوكة لقرائها الذين يحرصون عليها وعلى مطالعتها كل صباح، يتابعون دقائق مسيرة المجتمع وتحولاته اليومية من خلال رصد يبذل فيه العاملون بالصحف جهداً جباراً وخارقاً حتى يكون صاحب العمل أو أصحابه- القراء- على إلمام كامل بما يدور في مجتمعهم وبلادهم. عمل الصحافة مرهق، خاصة في بلاد مثل بلادنا التي تعاني تنازع الساسة ومناوشة الخصوم والأعداء، وهو ما يمكن أن نسميه ب ( الحراك السلبي)، الذي يجر الوطن إلى الخلف في حين يظن الواهمون أنه يسير إلى الأمام. رحم الله أستاذنا الكبير الراحل حسن ساتي، فقد كان أول من أطلق على قراء الصحيفة اسم (أصحاب العمل)، وهو محق في ذلك.. في المؤسسات العامة والخاصة والحكومية لن تمنح ترقية أو علاوة إلا وفق تقارير الأداء النزيهة، ولن تستمتع بحقك في إجازة عارضة أو سنوية أو أخيرة بنهاية العمل إلا بموافقة إدارة الجهة التي يعمل بها أو موافقة أصحاب العمل، وهذا يتطلب إجراءات روتينية أولها تقديم طلب الإجازة وآخرها الموافقة عليه. بالأمس كنت أتحدث مع أخي وصديقي الدكتور هاشم الجاز الخبير الإعلامي والأستاذ الجامعي والكاتب الصحفي المعروف، وكان يستأذن في حجب زاويته المقروءة يوم الجمعة من كل أسبوع، وقد ذكرت له إنني رئيس التحرير، لكنني لست صاحب العمل، إذ إن القارئ هو الذي يقرر ذلك.. عليه ومن خلال التداخل التفاعلي للقراء مع زاويته الرصينة (قبل هذا وذاك) فإن قراره يتطلب المراجعة، واقترحت عليه أن يخصص زاوية الجمعة للتعقيبات والردود والمراسلات، مذكراً بضرورة التواصل اليومي مع القارئ الذي يرتبط بالصحيفة من خلال عمود أو زاوية تكون هي مدخله لكل الصحيفة. إنهزم منطق الإجازة عن الكتابة لدى الدكتور هاشم الجاز، ورأى أن يخصص مادة الجمعة للمادة الخفيفة البعيدة عن لغة مفردات ساس يسوس- كما نقول- أو لغة ومفردات (عاس يعوس) كما أقول. المفارقة جاءت من أنني نفسي شعرت بحاجة شديدة للإجازة، إجازة طويلة، احتاج فيها إلى ترتيب بعض الأوضاع الخاصة والتفرغ لها تماماً، على أن أدفع بمادة مكتوبة للنشر إذا دعت ضرورة لذلك، وهناك قطعاً (مشغوليات) قد تغطى على غيرها، وربما أثرت على مستوى الأداء إن ظلت عالقة بالعقل والقلب، لذلك يأتي دور العطلة في جلاء القلوب وتنقية النفوس والخواطر، وقد جاء في الأثر النبوي الكريم عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال:( روحوا عن قلوبكم ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا ملت كلت).. أستأذن اليوم أصحاب العمل في غياب أسأل الله إلا يطول.. مع كامل ودي وتقديري واحترامي للجميع. وجمعة مباركة