بدأت بمحكمة مكافحة الإرهاب «1» بمجمع محاكم جنايات الخرطوم شمال برئاسة مولانا معتصم تاج السر محمد أمس، أولى جلسات محاكمة فاروق أبوعيسى رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني ود. أمين مكي المدني رئيس كونفدرالية المجتمع المدني، وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور كثيف لمنظمات لمجتمع المدني وحقوق الإنسان. وقال مولانا معتصم في فاتحة الجلسة إنه تم تكليفه من الهيية القضائية بالنظر في الدعوى، وتعهد بتوفير سبل العدالة لهيئتي الاتهام والدفاع، مبيناً أن القضية قائمة على مستندات وبيانات، وهي من القضايا التي لا تحتاج لكل تلك الضجة التي صاحبت الإجراءات، قائلاً في حالة ثبوت بينات ضد المتهمين ستتم إدانتهما وفقاً لتلك البينات، وفي حالة عدم ثبوت أي بينات ضدهم سيتم إعلان براءتهما وإطلاق سراحهما. ونبه القاضي الحضور بعدم إبداء أي سلوكيات أو أفعال من شأنها أن تجعل المحكمة تمنع حضور الجمهور لسير المحاكمة وفقاً للضوابط المنصوص عليها في القانون، مبيناً أن القاضي يراعي الله أولاً ثم ضميره ثانياً في توفير العدالة للمتهمين. وتلا المستشار ياسر أحمد محمد خطبة الادعاء الافتتاحية ممثلاً لوزير العدل في الحق العام، وقال إنه بتاريخ 3/2/4102م وقّع المتهمان الماثلان أمام المحكمة فاروق أبوعيسى ود.مكي المدني، وآخران لم يمثلا، هما الصادق المهدي وأركو مناوي رئيس حركة التحرير والعدالة على وثيقة بأديس أبابا نصت بنودها على إشانة سمعة الدولة وتقويض نظامها الدستوري وتصعيد العمليات العسكرية بدارفور. وتشكل بنود الاتفاقية جرائم موجهة ضد الدولة، وتم توقيعها مع أعداء السودان «الجبهة الثورية»، وأشار إلى أن دباجات الوثيقة حملت عبارات غير صحيحة جاء فيها «دمر الاقتصاد خرب البلاد والصحة والتعليم»، وعملت على تغيير مشاعر المواطنين تجاه الدولة لما حوته من معلومات خاطئة، بجانب مخاطبتها المنظمات المعادية للبلاد، وحرضت كذلك المواطنين على التخريب ومقاطعة الانتخابات، في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على محاربة التخريب والإرهاب، وإنها كانت سباقة للحوار مع القوى المعارضة ومن حمل السلاح ضدها. مبيناً أن الوثيقة الموقعة بين المتهمين والجبهة الثورية والتي تحمل اسم «أنا السودان» تعتبر مشروعاً إجرامياً يهدف إلى نقل معلومات كاذبة عن الدولة لإعدائها بغرض إسقاطها، مشيراً إلى أن الجبهة الثورية ما هي إلا قوة عسكرية تحمل السلاح ضد الدولة. وأبان ياسر في خطبته الافتتاحية أن الاتهام التزم بالموضوعية منذ بدء الإجراءات بموجب القانون والدستور الذي أقره رئيس الجمهورية بتطبيق العدالة على الجميع ومنح الحريات وفق الدستور، كاشفاً أنه استعان بعدد من الشهود والمستندات خلال يومية التحري، وذلك لتقديم قضية متماسكة أمام المحكمة. وعقب فراغ الاتهام من تلاوة خطبته تقدم الأستاذ عمر عبد العاطي الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن المتهمين بطلب من المحكمة التمس فيه إطلاق سراح المتهمين باالضمانة أو التعهد الشخصي. وقال عمر إنه على علم تام بأن المواد التي يواجهها المتهمان تصل عقوبتها إلى الإعدام ولا يجوز فيها إطلاق سراحهما، إلا أنه عاد وقال إن المتهمين تجاوزت أعمارهما السبعين عاماً، وهي غير جائزة التطبيق في حقهما، إلى جانب ظروفهما الصحية التي تستدعي الرعاية الخاصة، طالباً من المحكمة ممارسة سلطاتها في حق إطلاق سراح المتهمين بالضمان أو التعهد الشخصي. وتعهد عبد العاطي بإحضارهما في المواعيد المحددة لبدء الجلسات في حال إطلاق سراحهما. ورد المستشار ياسر أحمد محمد على الطلب بالرفض التام قائلاً إن الشرع لم يتناول سن المتهم كمانع لتنفيذ تلك العقوبات الخطيرة إلا بعد الإدانة كما جاء في المادة «84» من القانون الجنائي، وأصر الدفاع على طلبه بالإفراج عن المتهمين، قائلاً إنه في حالة الإدانة لم يحكم ضدهما بالسجن أو الإعدام ولا مغزى من انتظارهما بالحراسة. ومن جهتها رفضت المحكمة طلب الدفاع بالإفراج عن المتهمين، وقالت إن قانون الإجراءات الجنائية حدد حالات الإفراج وإن المادة «601» تنص على أنه لا يجوز الإفراج عن المحكوم عليه بالإعدام، وأشات إلى أن المتهمين تجاوزا سن السبعين عاماً وأن القانون لا يوقع عليهما عقوبتي الإعدام أو السجن، و أن مرحلة الإفراج عنهما سابقة لأوانها ولا يجوز الإفراج إلا بعد تقييم البينات والأدلة. مشاهدات: وسط إجراءات أمنية مشددة طوقت الشرطة وناقلات الجنود مداخل ومخارج المحكمة بكافة جنباتها. تدافعت العشرات من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني نحو مجمع محاكم الخرطوم شمال منذ الصباح الباكر لمتابعة سير إجراءات المحاكمة. حضر المتهمان تقلهما عربة شرطة المحاكم تحت حراسة الشرطة وشرطة المرور. تعالت الهتافات وزغاريد النساء وذوي المتهمين عند مشاهدتهما للمتهمين أثناء دخولهما القاعة، وتجاوب المتهمان مع الهتافات. التأمين داخل القاعة كان يحمل طابعاً مميزاً إذ انتشر أفراد الشرطة داخل القاعة وممراتها وأمام وخلف منصة القاضي وبدأوا أكثر تركيزاً ويقظة. عندما أشارت عقارب الساعة للحادية عشرة دخل القاضي معتصم تاج السر إلى القاعة وجلس على المنصة تحت حماية أفراد الشرطة. على الجهة اليمنى للقاضي جلس ممثلو الاتهام وعددهم «5»، فيما جلس على الجهة اليسرى ممثلو الدفاع الذين بلغ عددهم «211» محامٍ اأعلنوا تضامنهم مع المتهمين. تحدث القاضي عند بدء الجلسة مع المتهم فاروق أبوعيسى بوافر الاحترام والتقدير والتمس منه السماح له بمخاطبته باسم «متهم»، وعلّل ذلك بأنه نهل علم القانون على يد أبوعيسى وأن القانون يتطلب ذلك. طالب أبوعيسى عند نهاية الجلسة بمساءلة الشرطي الذي يقود لهما العربة التي تحملهما من الحراسة إلى المحكمة وتقديمه للمحاكمة، وذلك لقيادته العربة بسرعة زائدة وأنه بذلك يعرض حياتهما للخطر. تجاوزت جلسة المحاكمة الساعة، تدوال خلالها الدفاع والاتهام الطلبات.