ظلت أزمات شح الغاز تتكرر في الآونة الأخيرة ربما لزيادة الاستهلاك ولكن الجهات المسؤولة عنه تتبادل الاتهامات حول من المسؤول عن الأزمة وإدارتها في ظل غياب التنسيق، فمن المسؤول عن الغاز بالولاية؟.. هل للمحليات دور في توزيع الغاز أم يوزع بواسطة الأمن الاقتصادي وكم تبلغ حصة ولاية الخرطوم، كثير من الأسئلة تدور ولا تجد إجابات شافية وللوقوف على ما يدور داخل هذا القطاع التقينا رئيس اتحاد وكلاء الغاز.. والاتحاد تنظيم نقابي وهو أحد مكونات الغرفة التجارية لديه سبع شعب في محليات ولاية الخرطوم، السبع لديها من العضوية 3 آلاف عضو يمتلكون 6 آلاف موقع بالولاية الخرطوم بالإضافة إلى 2 مليون أسطوانة متداولة الآن و600 شاحنة لترحيل وتوزيع الغاز.. التقينا رئيس الاتحاد الصادق الطيب وخرجنا بهذه الحصيلة: ٭ حدثنا عن أزمة الغاز الأخيرة، هل كانت المعالجات كافية لاحتواء الأزمة؟ - عند بداية الإنتاج المحلي للغاز في عام 2000 كان الاستهلاك 150 طناً في اليوم، بينما الإنتاج من مصفاة الخرطوم 350 طناً، هناك فائض 200 طن يومياً، لكن بعد التوسع في استخدام الغاز وزيادة الاستهلاك منه في ال 10 سنوات الأخيرة بلغ حجم الاستهلاك اليومي 1500 طن ينتج منها محلياً 50%و50% يتم استيرادها من الخارج، وتعدد الاستخدامات جعل الطلب على سلعة الغاز كبيراً ما جعل الفجوة تتكرر أكثر من مرة في العام، والآن هناك مغالطات بين المؤسسة السودانية للنفط التي تدعي أنها تطرح الكميات الكافية وبين الولاية التي ترى أن الكمية لا تصل إلى المستهلكين ويعاني الوكلاء من نقص هذه الكميات، فخلال فترة امتدت لأكثر من أربعة أشهر تكاد تخلو المحلات من هذه السلعة المهمة مما يؤكد أن الغاز المطروح في المحلات لا يكفي حاجة المواطنين وقد عقدت عدة اجتماعات تنسيقية مع السلطات في ولاية الخرطوم لإدارة وإيجاد حلول عملية بدلاً عن سياسات المؤسسة السودانية للنفط التي وجهت الشركات لبيع الغاز بالميادين ومحطات الخدمة مما أدى إلى تسرب كميات كبيرة إلى خارج الولاية بسبب ضعف الرقابة وأخرجها من مسارها الرئيسي في محلات بيع الغاز بالأحياء وأصبح المواطنون يبحثون عن السلعة في محطات الخدمة ولا يدرون وقت إحضار الكميات أو الشركات التي تقوم بالتوزيع، مما فاقم الأزمة وأضاف أعباء على المواطنين بسبب الترحيل وأدى إلى انفلات في الأسعار لدخول تجار جدد وسماسرة ووسطاء. ٭ من هو المسؤول الأول في هذا الإطار؟ - المؤسسة السودانية للنفط هي المسؤول الوحيد عن الغاز ولذلك سنطعن في كل القرارات الإدارية التي أضرت ضرراً بالغاً وأجحفت بحق عضويتنا. ٭ لماذا تجربة بيع الغاز في الميادين؟ - من واقع التجربة التي استمرت أكثر من 50 عاماً في السودان والنظام العالمي وقانون الشركات والتجارة العالمية تنص على أن توزع الشركات إنتاجها عبر وكلائها وللوكلاء الحق في مقاضاة أي جهة تقوم ببيع سلعة نالوا فيها توكيلاً وصرفوا عليها مبالغ طائلة. كان السبب الرئيسي للتوزيع عبر الميادين ومحطات الخدمة تثبيت السعر وهذا أكبر دليل على أن التسعيرة التي صدرت من المؤسسة السودانية للنفط غير مجزية، حيث جعلت هامش الربح للوكيل جنيهين بينما يطالب ببيع الغاز بسعر 25 جنيهاً مع أنه يصله في موقعه بسعر 25 جنيهاً للأسطوانة، بهذا تكون المؤسسة السودانية للنفط قد تجاهلت الحلقة الأهم التي لم تجعل لها هامش ربح يغطي تكلفة التشغيل لذلك يذهب المواطن إلى الميدان أو محطة الخدمة ويجده ب 25 جنيهاً ولكن في الحقيقة أنه يصرف عليه 45 جنيهاً، وأشير إلى أننا وقعنا اتفاقاً مع ولاية الخرطوم أن يباع الغاز بسعر 27,5 جنيه إلا أن المؤسسة السودانية للنفط أصدرت بياناً واعترضت على هذه التسعيرة فلم يتم الالتزام بها وقد كان البيع بالتراضي بين المواطنين الذين يفضلون الحصول على الغاز من أقرب محل وفي نفس الوقت يدفعون لصاحب المحل السعر المناسب. ٭ لماذا تصر المؤسسة السودانية على عدم التعامل مع الوكلاء؟ - المؤسسة لديها قناعة بأن العقد الموقع بينها وبين الشركة لكن الواقع أن الشركة لا تملك إلا المستودع وفي السابق كانت وزارة النفط تعترف بالوكيل وتشركه في اللجان التي تقدر حجم الاستهلاك وتستشيره في كل أمر، بل إن مسجل تنظمات العمل أأصدر توجيهاً للشركات المختصة ان يشرك الوكيل في كل شأن الغاز. ٭ إذن ماذا حدث خلال الأزمة الأخيرة؟ - أما خلال هذه الأزمة فإن توزيع الغاز في الميادين لم يكن بغرض تثبيت السعر إنما لإضفاء ظاهرة إعلامية بأن الغاز متوفر رغم عدم قناعتنا بعدم كفايته، فكان الغرض إعلامياً أكثر منه للتنظيم. ٭ هل تعتقد أن ما تم اتخاذه من إجراءات ساهم في حل الأزمة؟ - لا زالت محلات الغاز خالية وأغلبها مغلق والحل الجذري الاتفاق الذي تم بين قطاع الاقتصاد التابع لوزارة المالية بالولاية ومدراء النقل العام والبترول بالمحليات بحضور المؤسسة السودانية للنفط، وقد توصل الاتفاق إلى أن الكمية الخاصة بولاية الخرطوم بالمستودعات يتم تعبئة 40 ألف أسطوانة يومياً توزع للوكلاء ما عدا 20% الشركات التي تمتلك محطات خدمة، و80% من غاز الشركات يوزع للوكلاء إلا أنه للأسف الشديد لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق على أرض الواقع وما زالت المؤسسة السودانية للنفط وإدارة المستودعات توزع الغاز عبر محطات الخدمة وعبر خطة لم يكن الاتحاد طرفاً فيها. ٭ هناك اتهام لوكلاء الغاز بعملهم على رفع الأسعار بدرجة كبيرة ما ردك؟ - منذ البداية فإن التسعيرة المحددة لم تكن مجزية لأنها تتجاهل دور الوكيل ولا تضع له هامش ربح يليق بالتكلفة التي يتحملها، أؤكد أنه في محلات بيع الغاز لا يستطع الوكيل أن يبيع بأكثر من السعر المتعارف عليه عكس الميادين الآن كل المحلات تبيع بسعر 30- 35 جنيهاً للأسطوانة وأي زيادة تفوق هذا المعدل مرفوضة تماماً، وهذه الأسعار في هذا الظرف الاستثنائي ولكن إذا توفر الغاز أجزم أن الوكيل سيتنازل عن هامش الربح المحدد له حتى يحصل على أكبر قدر من المبيعات لكن الندرة تجعل مبيعاته وأرباحة ضعيفة فيسعى لتغطية التكلفة من هامش الربح. ٭ هل هناك تنسيق بينكم والولايات الأخرى؟ - إذا توفر الغاز في ولاية الخرطوم ولم يتوفر في الولايات تأخذ الولايات الغاز من الخرطوم والعكس صحيح، لذلك نشجع إقامة مستودعات في الولايات تصلها حصتها مباشرة عبر الاستيراد والغاز المحلي يوزع داخل ولاية الخرطوم باعتبار أن 70%من الاستهلاك داخل ولاية الخرطوم، وبذلك نحفظ لكل ولاية حصتها. ٭ كم تبلغ حصة ولاية الخرطوم؟ - حوالي 750 طناً من المفترض أن توزع داخل الولاية. ٭ لماذا يتجاهل الاتحاد مسألة انتهاء العمر الافتراضي للأسطوانات ولا يقوم بالصيانة أو الاستبدال؟ - الوضع الطبيعي قانوناً الأسطوانة مملوكة للشركة وتقوم بصيانتها، إلا أن الشركات تنصلت من هذه المسؤولية وأصبح الوكيل والمواطن يقومون بالشراء وتكلفة صيانتها، والصيانة تتم عبر الشركة بمقابل والآن لدينا عقود مع شركات للصيانة ويقوم الوكلاء بالدفع لاستبدال الأسطوانات القديمة بالجديدة والهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس يجب أن تتابع أمر الصلاحية وأن الكمية المعبأة هي نفس الكمية المتفق عليها حماية لحقوق المواطنين، ومسألة متابعة الأوزان يجب أن تتم في المستودعات وليس مواقع البيع. وأشير هنا إلى أننا دعينا خبيراً يمتلك مصنعاً لأسطوانات الغاز من «الفايبر قلاس» أحضر نموذجاً بالإضافة إلى كل شهادات الاختبار التي تمت في 70 دولة، وتتميز أسطونات الفايبر عن الأسطونات العادية بعشر مزايا منها خفة الوزن حيث إن وزنها 3 كيلو بينما الأسطوانة العادية وزنها 35 كيلو، وشفافة تمكن من معرفة الكمية المستهلكة ولا تنفجر وتبدأ تسريب الغاز بعد نصف ساعة، وقابلنا سلطات الدفاع المدني والمواصفات وأقروا بصلاحيتها، إلا ان وزارة النفط لم تصدق بدخول شركة للتعبئة. ٭ ما خطوتكم القادمة؟ - نسعى لإرجاع الآلية السابقة للتوزيع في المستوعات، يشارك فيها النقل والبترول والأمن الاقتصادي واتحاد الوكلاء، وهذه الآلية توزع الغاز للمحليات حسب وجود الشركات بالمحليات وحجم الأسطوانات المتداولة، ثم تقوم الآلية في المحليات تشارك فيها نفس الجهات لتوزعه عبر مسارات داخل المحليات بعدالة حسب وجود محلات بيع الغاز وبذلك أي كمية ستصل إلى المواطن وسنفرض رقابة كاملة على المحلات أن تفتح أبوابها للجمهور بكل الكميات المتاحة منعاً للتلاعب والاحتكار.