ما تغنى الراحل الرائع الأستاذ محمد عثمان عبدالرحيم- رحمه الله- بنشيده (السوداني أنا) من فراغ، ولكنها قيم ومآثر وفضائل تنسم عبيرها وأريجها منذ طفولته، فامتلأت بها رئتاه، فأصبح لا يتنفس إلا شعراً رائعاً، رصيناً يمجد ويوثق لتلك الخصال، ولسان حاله يقول: فاضت العزة بي وارتفعت هامتي فكتبت.. قبل شهور خلت تناقلت وسائط الإعلام قديمها وحديثها المرئي والمسوع والمقروء منها خبر ذلك الراعي السوداني- والذي لا أظنه إلا قد تربى من لقيمات حلال في كنف والد تقي ورع- مما جعل سجيته وعفته تقف حاجزاً منيعاً بينه وبين الحرام، في كلمات تغني عن أشعار في تحري الحلال إذ يقول: «إذا كان راعي الحلال غائب- أي صاحب الأغنام- فهل راعي الحلال ما شايف.. وقبل أسابيع كذلك فاضت الأسماع وامتلأت الأصقاع بقصة ذلك الشاب السوداني الذي وجد مبلغاً كبيراً من الدولارات وقام بتسليمه لشرطة دبي في تصرف أذهل الجميع، لكننا نقول لا غرو ولا عجب فهو سوداني. - معلم شاب سافر إلى اليمن السعيد والشقيق متعاقداً.. هناك وفي لواء.. حجه عبثاً حاول شيخ القرية أن يقنعه بالسكن معه في داره، وأخبره الشيخ بأن سكن المعلمين في قمة جبل عالية وهي غرفة متصدعة، ويقال إنها مسكونة فقال المعلم للشيخ: أريد منك يا شيخ العرب 2 شيكارة أسمنت وأخرى جير مع طلاء بألوان مختلفة. - قام المعلم بترميم التصدعات بنفسه وطلى الجدران بجير أبيض ناصع، ثم رسم بالفرشاة العريضة خارجه السودان على جوانب الغرفة الأربعة.. وكتب بداخلها بخط يمكن قراءته من أبعد مسافة أتدرون ماذا كتب!؟ كتب : أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا «السوداني أنا». أما قصة المدرس السوداني الأستاذ عوض الماحي قبولي والذي درس بالسعودية قبل (30) عاماً.. وتنقل وترحل مع العرب البدو لمدة أربع سنوات.. حتى أقنعهم بالاستقرار وشيد وطلابه مباني المدرسة.. والأهالي شيدوا منازلهم وانتقلوا من حياة البدو والتخلف إلى حياة الحضر والتعلم .. وتظهمر في الوجود مدينة (حرض).. وجاء شيخ المنطقة وسبع عشرة أسرة إلى السودان ليتم تكريم الأستاذ عوض في موقف مهيب.. وقال شيخهم الوقور أتينا لتكريم عوض لأنه نقلنا من حياة الجهل والتخلف إلى حياة العلم والتحضر، ونحن مقصرون معه لأننا لم نسمِ مدينتنا وحاضرتنا على اسمه «مدينة العوض» ووعدوا بالحضور للسودان في يوم تكريم أهله له.. ووعدوا بإنشاء معهد لتدريب المعلمين في منطقته. - ختاماً سادتي أقول بالرغم من الضباب الكثيف وهوج الرياح والعواصف التي تجتاح سماء السوداني أحياناً.. وبالرغم من الضغوط وشظف العيش.. وبرغم القيل والقال.. يبقى السوداني إسماً نتشرف به ونطرب لسماعه.. ويبقى السوداني هو السوداني.. رمز عزة وشموخ وإباء يشرف أهله أينما حلَّ .. ولكم التحية أبناء وطني الكرام. - عبدالعظيم محمد سيد أحمد