ونواصل.. معكم الإبحار في تلك الفاجعة.. والفاجعة أحبتي.. هي تلك «الموضة الكارثة.. بل الثقافة التي حملتها.. مع الغبار أعاصير الأحبة في الإنقاذ.. فاجتاحت رياحها البيوت» والتي كانت آمنة مثالية ومطمئنة.. عصفت تلك الرياح بأوتاد خيمة الأسرة.. تشتت شمل العائلة وحل الشقاء مكان الابتسام.. والسعادة.. والسلام.. فقد جاء الإنقاذيون.. ببرنامجهم العريض ولافتة هي المشروع الحضاري.. والذي كان بلا تفاصيل.. ولا عناوين.. لا نعرف له طولاً من عرض.. ولا محيطاً من وتر.. ولا ضلعاً ولا عمقاً.. المهم.. أنهم.. وفي خضم تلك الجلبة.. افتتحوا طاقات من الجحيم على أسر وبيوت كانت هادئة.. تحدثوا عن التعدد.. وبشروا.. بالزواج وكيف أنه حلال وشرعاً.. مثنى وثلاث ورباع.. نعم.. ونعم بالله.. نحن نؤمن بأنّه شرع وحلال.. ولكن لو كانوا صادقين.. لأفهموا من لا يعرف.. أن الإسلام.. البهي السمح.. العظيم.. قد وضع من الضوابط والشروط.. والاستحقاقات.. ما يجعله قريباً من المُستحيل.. فاندفع حتى الفقراء.. الذين يجاهدون.. ينزفون.. يدمعون.. وهم «يكابسون» النهار معاشاً لتوفير لقمة بائسة لأبنائهم الفقراء.. اندفع حتى هؤلاء.. ركضاً.. للحصول على الزوجة الثانية.. أنا أصدقائي.. لا يدهشني.. تكالب.. هؤلاء الأباطرة.. الأغنياء من المسؤولين.. الذين وجدوا أنفسهم فجأة.. في مواقع صنع القرار.. والمال يتدفق من أمامهم.. وحولهم ومن خلفهم.. لا يدهشني أبداً.. أبداً.. زواجهم الثاني فوق الزوجة الأولى.. وغالباً هي من عاشت معهم أيام البؤس والفاقة والحرمان.. أو على الأقل من قاسمتهم شح الموارد.. وهزال الماهية.. وأيام حياة «البشتنة والتلتلة» وذاك الصبر الجميل على كآبة الأيام.. وبؤس السنين.. لا يدهشني مطلقاً.. قيامهم بمكافأتها بالإتيان ب«ضرة».. تقاسمها أيام الفرح.. وترف الحياة.. لم اندهش مطلقاً.. وذاك المسؤول.. الذي تزوج للمرة الثالثة.. سكرتيرته ولكن الذي ادهشني.. هو تلك «السيرة» سيرة «العرس» الثاني أو الثالث بعربات الحكومة.. والذي لم يدهشني فحسب.. بل «قطع» مصاريني وفرم كبدي.. هو إسكان تلك الزوجة المحظوظة في مباني مؤسسة حكومية.. هي ملك لنا نحن الشعب السوداني المُنهك.. المنهوب.. أما الذي أضحكني.. هو رده على أصدقائه وهم يسألونه عن زواجه من سكرتيرته فقد قال الرجل.. لقد تزوجتها اتّقاء الفتنة.. «طيب» يا شيخنا.. ماذا ستفعل مع السكرتيرة الجديدة.. ولو تزوجتها ستكون الرابعة.. وكيف ستحل هذه الورطة.. ورطة اتّقاء الفتنة مع السكرتيرة الجديدة.. أم تراك.. ستقوم بعملية «التنزيل» طبعاً ليس تنزيل الأموال.. بل طلاق إحدى الأربع لتكون هناك «خانة» شاغرة.. لتقفز فيها السكرتيرة الجديدة.. والآن دعوني التفت الى الشباب الذي أناب عنه طائفة من المتّصلين عبر التلفون إلى ذاك البرنامج في الإذاعة.. والذي أحزنني.. إن كل المُتّصلين أو معظم المُتّصلين كانوا من «الحرافيش» فقراء.. أو على الأقل «على قدر حالهم» مثلهم مثل 95% من شعبنا النبيل.. حزنت لأن ثقافة الزواج الثاني قد استقرت في عقلهم الذي تصلّب بل «قفل» عليها بالضبة والمفتاح.. أحزنني أن كثيرين منهم والذين كانوا لا يعارضون بل يتمنون الزوجة الثانية.. كانوا «عُزاباً» لم يتزوجوا أصلاً.. ولهم أقول.. راجعوا يا أبنائي.. ضوابط الشرع في الزوجة الثانية.. راجعوا صفحة «العدل» من ذاك التشريع المُقدّس.. اسألوا أنفسكم هل تستطيعون.. العدل بين الزوجتين بميزان من ذهب.. اسألوا أنفسكم.. وحدكم من يعرف الإجابة.. إن كانت هناك أسباب جوهرية وقوية.. تحتم الزواج الثاني.. ثم انظروا الى المستقبل في حالة الزواج الثاني «نظرياً» وقبل أن يتم ويحدث.. هل تمر عواصفه بسلام.. أم يحيل حياتكم إلى أتون مشتعل بالجحيم.. وختاماً.. لقد أعادتني تلك الحلقة وذاك البرنامج.. الى برنامج «محفور» بل مرسوم في مؤخرة دماغي.. كان ذلك عند بداية عصر الإنقاذ.. بل في عامها الأول.. والشاشة البلورية.. شاشة التلفزيون.. تضيء بأربع نساء.. متزوجات.. ويبدأ الحوار.. الذي كان سؤالاً واحداً.. هل تقبلين.. بامرأة ثانية يتزوج بها زوجك؟.. أذكر جيداً.. كيف دهشت أولاً.. ثم صدمت ثانياً.. ثم غضبت أخيراً.. والأربع نساء.. يجبن بلسان واحد.. وكأنهن يمثلن دوراً.. لقّنه لهن المخرج أو معد البرنامج سلفاً.. فقد قلن إنهن يُرحبن بالزوجة الثانية بل يفرحن.. إذا تزوج «رجالهن» عليهن ثانية وثالثة ورابعة.. بل كانت أكثرهن نفاقاً من قالت دون أن يرمش لها جفن إن سعادتها سوف تكتمل لو تزوج عليها زوجها.. أي عدد من النساء.. بالطبع.. لم أكتب حرفاً واحداً.. في «الجرائد».. عنهن تلك الأيام.. فقد كان الجو معتكر الجوانب أغبر.. ولكني أكتب اليوم بعد أن صفت السماء وإنجاب ذاك القيد.. لأقول لهن.. إنكن.. محض منافقات.. وحتى تعلمن.. نفاقكن.. أرجو منكن.. قراءة.. كتاب الكاتبة الإسلامية المحترمة.. الملتزمة.. الدكتورة عائشة بنت الشاطيء.. نساء النبي.. لتعرفن طبيعة المرأة.. وغيرة المرأة.. والدكتورة بنت الشاطيء تطوف بكن في دار النبي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ولتعرفن.. كيف كانت عائشة الحميراء أم المؤمنين وأنتن مجتمعات لا تساوين قلامة ظفرها.. كيف كانت أم المؤمنين الحميراء.. تغار على النبي المعصوم حتى من قبر أم المؤمنين.. خديجة بنت خويلد.. وهي في رحاب الله..